دول اسلامية زودت إسرائيل بالنفط خلال عدوانها على غزة    أوروبا تتجه لاستخدام الأصول الروسية المجمدة لتمويل أوكرانيا    الجيش الأميركي يقدم خطة لترامب لضرب فنزويلا ويعلن عملية "الرمح الجنوبي"    الرئيس المشاط يعزي في وفاة اللواء محمد عشيش    حكام العرب وأقنعة السلطة    جمعيات المتقاعدين والمبعدين الجنوبيين تعود إلى الواجهة معلنة عن اعتصام في عدن    مي عز الدين تعلن عقد قرانها وتفاجئ جمهورها    الملحق الافريقي المؤهل لمونديال 2026: نيجيريا تتخطى الغابون بعد التمديد وتصعد للنهائي    مبابي يقود فرنسا للتأهل لمونديال 2026 عقب تخطي اوكرانيا برباعية    هالاند يقود النرويج لاكتساح إستونيا ويقربها من التأهل لمونديال 2026    الرئيس عون رعى المؤتمر الوطني "نحو استراتيجية وطنية للرياضة في لبنان"    إسرائيل تسلمت رفات أحد الاسرى المتبقين في غزة    الحديدة.. مليشيا الحوثي تقطع الكهرباء عن السكان وتطالبهم بدفع متأخرات 10 أعوام    مصادر: العليمي يوجه الشؤون القانونية باعتماد قرارات أصدرها الزُبيدي    تسجيل أربعة أحداث زلزالية في المياه الإقليمية اليمنية    قراءة تحليلية لنص "فشل ولكن ليس للابد" ل"أحمد سيف حاشد"    الرياض.. توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز الطاقة في اليمن بقدرة 300 ميجاوات بدعم سعودي    جرحى الجيش الوطني يواجهون الإهمال ويطالبون بالوفاء    عدن.. البنك المركزي يغلق منشأة صرافة    تعادل الامارات مع العراق في ذهاب ملحق المونديال    صنعاء.. البنك المركزي يوجه المؤسسات المالية بشأن بطائق الهوية    شرطة العاصمة: نسبة الضبط تجاوزت 91% .. منها 185 جريمة سرقة    أغلبها استقرت بمأرب.. الهجرة الدولية تسجل نزوح 90 أسرة يمنية خلال الأسبوع الماضي    طائرة الاتفاق بالحوطة تتخطى تاربة في ختام الجولة الثانية للبطولة التنشيطية لكرة الطائرة بوادي حضرموت    جوم الإرهاب في زمن البث المباشر    الغرابي.. شيخ قبلي متهم بالتمرد وارتباطات بشبكات تهريب في حضرموت والمهرة    وزير الصناعية يؤكد على أهمية تمكين المرأة اقتصاديا وتوسيع مشاركتها في القطاعات التجارية    غموض يلف حادثة انتحار مرافِق المخلافي داخل سجنه في تعز    "إيني" تحصل على حق استغلال خليج السويس ودلتا النيل حتى 2040    استهداف العلماء والمساجد.. كيف تسعى مليشيا الحوثي لإعادة هندسة المجتمع طائفيًا؟    تدشين حملة رش لمكافحة الآفات الزراعية لمحصول القطن في الدريهمي    اتحاد كرة القدم يحدد موعد الدوري اليمني للدرجة الأولى والثانية ويقر بطولتي الشباب والناشئين    القصبي.. بين «حلم الحياة» و«طال عمره» 40 عاما على خشبة المسرح    وداعاً للتسوس.. علماء يكتشفون طريقة لإعادة نمو مينا الأسنان    عدن.. انقطاعات الكهرباء تتجاوز 15 ساعة وصهاريج الوقود محتجزة في أبين    الأرصاد يتوقع أجواء باردة إلى شديدة البرودة على 5 محافظات ومرتفعات 4 محافظات أخرى    شبوة:فعالية تأبينية مهيبة للإعلامي والإذاعي وكروان التعليق الرياضي فائز محروق    جراح مصري يدهش العالم بأول عملية من نوعها في تاريخ الطب الحديث    الذهب يهبط من أعلى مستوياته في 3 أسابيع    مناقشة آليات توفير مادة الغاز المنزلي لمحافظة البيضاء    عدن تعيش الظلام والعطش.. ساعتان كهرباء كل 12 ساعة ومياه كل ثلاثة أيام    ثم الصواريخ النووية ضد إيران    حل الدولتين في فلسطين والجنوب الغربي    قضية الجنوب: هل آن الأوان للعودة إلى الشارع!    لماذا قتلوا فيصل وسجنوا الرئيس قحطان؟    جروندبرغ يقدم احاطة جديدة لمجلس الأمن حول اليمن 5 عصرا    الإعلان عن القائمة النهائية لمنتخب الناشئين استعدادا للتصفيات الآسيوية    احتجاج على تهميش الثقافة: كيف تُقوِّض "أيديولوجيا النجاة العاجلة" بناء المجتمعات المرنة في الوطن العربي    وزير الإعلام الإرياني متهم بتهريب مخطوطات عبرية نادرة    الواقع الثقافي اليمني في ظل حالة "اللاسلم واللاحرب"    ارشادات صحية حول اسباب جلطات الشتاء؟    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    5 عناصر تعزّز المناعة في الشتاء!    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الضجر
نشر في الجمهورية يوم 07 - 11 - 2010

من حولي كانت تنبعث صرخات متتالية، سريعة، تطلب الطعام والشاي، لكن الدوامة التي كنت فيها محت كل شئ من حولي حتى الطريق والعقبة، التي كانت السبب في تأخيري إلى هذه الساعة عن العودة إلى المنزل، هذه العقبة التي تلتوي كأفعوان ضخم. وهنا قريباً من باب المطعم حيث ينتهي انحناء هذه العقبة المخيفة.. هنا دفن أكثر من إنسان بعد أن مرت فوق جسمه عجلات سيارات محمومة، مندفعة من رأس العقبة أنه الأفعوان يلتهم ويحطم تحت أنحناءاته أكثر من إنسان.
تفكيري يندفع بسرعة تحت كل الموضوعات، هذه العربات الصغيرة منها والكبيرة وهذه البنايات الكبيرة التي تبنى لتبقى ليحطمها الزمن والتراب والإهمال.. وربما الضجر الذي يعيش في نفس كل من يفتح مكاناً جديداً.. دكاناً كان أو مقهى. الضجر.. من ذلك الأمل الذي عاش في لحظات فتح المكان وانتهى بعد أن فتح المكان أبوابه ليلتهم الهواء.. والتراب.. ونظرات كل الذين يثقلهم الضجر.. والملل. ويتراكم التراب على الأرفف التي امتلأت بأنواع كثيرة وبديعة لكن لم تجد اليد تأخذ.. ويدخل رجل من هؤلاء الذين ينظرون إلى الأشياء لمجرد قتل الوقت.. وقتل الضجر الذي يعود مساء كل يوم بعد انتهاء وريقات القات الأخيرة.. ومع الليل والبرد الذي يوجد في أرض بلادنا. أرى الرجل نفسه يخرج بعد لحظات بعد أن همس في أذن صاحب المطعم بشيء.. لعله يريد غداءً رخيصاً بقدر البقشات التي يمسك بها بيديه حتى لا تضيع ولو وضعها بين طيات ثيابه الكليلة الممزقة. وأرى الكثيرين من هؤلاء الذين يمضغون يومهم حتى ينتهون تماماً كأوراق القات التي تقطف ليبقى العود نحيفاً الفارق أن وريقات القات تدفع مقابلها نقوداً أما هؤلاء فبلا ثمن. الدقائق تمر والشمس ترسل أشعتها أقوى من قبل والشارع يمتلئ بالغبار كلما مرت سيارة منزلقة بأقصى سرعتها بعد أن تكون قد انزلقت من رأس العقبة التي فرغت من الناس في هذه الساعة من الظهر.
وأما جبل "صبر" فها هو أمامي يرتفع. يرتفع أكثر ليناطح السحاب التي استسلمت لقمة الجبل فأكسبته بياضاَ حتى يخيل إلى الغريب أن الثلج هو الذي يغطي قمة صبر العظيم يحتضن صبر الجبل بحنان عاطفي قلعة القاهرة التي تبدو كابن صغير مدلل، يلعب في أحضان أبيه، وبين أنعطافات جبل صبر وعلى بعض قممه تنام في استرخاء بيوت بيضاء كسلة تحت ضربات الشمس المتتابعة بجانب مدرجات الزراعة حيث ينمو القات ليقطف كل يوم لتنحدر المدينة الممتدة تحت أقدام صبر تصنع هذه الوريقات الكثير من الآلام والآمال وتفرغ جيوب أمثالي.
أعود لأقطف بعض الوريقات من جديد أمضغها بكسل أنفث المزيد من السجائر المزيد من أفكار الظهيرة التي تحركها حرارة الشمس الآن تمر أمام المطعم قافلة جمال طويلة تطوح بأرجلها بتراخ وبطء يقودها أصحابها بتراخ أكثر ومع اهتزاز الجمال تهتز الأخشاب الطويلة العارية الممتدة فوق ظهورها القادمة من الجبال، تمضي القافلة تشق المدينة عرضاً أن أشد ما يزعجها دائماً مروق السيارات بجانبها حتى يختل توازن القافلة.
من قلب المدينة تخرج قافلة أخرى.. قافلة من الحمير التي أفرغت منذ لحظات ما تحمل من الفحم وها هي تأخذ في طريق العودة بشراً أكثر تعاسة.. وبين القافلتين تمر السيارات المسرعة. يمتلئ المطعم.. يزدحم.. يتحد.. يفرغ بعد ذلك يتجه الناس نحو منازلهم وأبقى أنا ألتهم وريقات القات غصناً بعد أخر.. أسرح بنظري إلى الجبل أمالاً في رؤية الماوراء ولكن سرعان ما أعود مصطدماً بارتفاع الجبل الذي يمتد إلى مسافات بعيدة.
آه يا صبر كم تضم في حناياك من تناقضات.. الآن يتخطر أمامي طابور ناعم من بنات صبر في طريق العودة إلى الجبل يحمل من المدينة تمويناً للجبل بعد أن حملن منه تمويلنا نحن من القات.. يمضي الطابور بملابسه السوداء التي شدت من الخلف.. يظهر جزء من تقاطيع جسم المرأة.
وأمضي أمزق ثنايا صبر البعيد، إلى جبال قريتي النائمة خلف جبال أكبر وأعلن من صبر إلى الدار والأطفال والثياب السوداء التي ورثناها من مئات السنين الحزينة من الألم الذي خيم علينا والذي لم نستطع حتى ألان أن نحوله إلى أمل وأرى جبال قريتي والوادي الصغير الذي يمزقها نصفين والمدرجات الخضراء في شهور الصيف والتي تصنع منها الأمطار بحيرات صغيرة.. الماء الذي يندفع من الجبال ليمضي إلى الوادي حيث يلعب الأطفال بأقدامهم الحافية التي مزقتها الأشواك. وتعود مع شهور الشتاء إلى الجدب والفراغ تحت ضربات الشمس المتكاسلة تصاحب قطيع الماشية المنطلق إلى المدرجات والجبال العارية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.