لاشك أن الاهتمام بالمورد البشري هو الركيزة الأساسية لتحسين الأداء وإنجاز الأهداف سواء للأفراد أو المؤسسات أو المجتمعات بشكل عام..وقد تحدثنا في موضوع سابق عن اهتمام المجتمعات والدول في العصر الحاضر بالتنمية البشرية وبرامجها المختلفة، وكيف أن كثيراً منها استطاعت أن تحقق نقلة نوعية في مختلف المجالات من خلال اهتمامها وتركيزها على الاستغلال العملي والتطبيق لمخرجات برامج التنمية البشرية. ورأينا أن بلادنا خاصة والمنطقة العربية عامة لم تستطع تجاوز مرحلة التركبز على البرامج النظرية والاهتمام الشكلي بالبرامج التدريبية والانتقال لمرحلة الأداء والإنجاز وقطف ثمار البرامج التدريبية على الرغم من الحديث المتواصل عن برامج التنمية وتنفيذ العديد من البرامج التدريبية في مجالات التنمية المختلفة. ويمكن للمتابع لهذا الموضوع أن يستشف عدداً من الأسباب المسئولة عن هذه الفجوة الواضحة بين ما هو قائم وما هو مأمول من برامج التنمية البشرية, وأول هذه الأسباب هو غياب الالتزام بمعايير الجودة الشاملة في البرامج التدريبية سواء في المؤسسات والشركات والمنظمات التي تطلب البرامج التدريبية لموظفيها أو في المراكز التدريبية التي تنفذ هذه البرامج, حيث تقدم برامج التدريب في كثير من المؤسسات بغرض تأدية الواجب وتنفيذ الخطط الموضوعة من حيث عدد البرامج المنفذة سنوياً لأجل استنفاد المخصصات المالية الموضوعة في موازنات التدريب دون الاهتمام بعملية قياس الأثر التدريبي والعائد من عملية التدريبية وانعكاسها على الأداء الخاص بالموظف وكذلك الأداء العام للمؤسسة. وبالنسبة للمراكز والمعاهد التدريبية فإن غياب الالتزام بمعايير الجودة في البرامج التدريبية يعود لثقافة الربح السريع وعدم التفكير بنتائج ومخرجات التدريب نتيجة لغياب المتابعة والاهتمام من الجهات التي تطلب التدريب، وهنا نجد اتفاقاً ضمنياً واضحاً بين الجهتين الطالبة للتدريب والمنفذة له على غياب الجودة وإن لم يكن هناك اتفاق مباشر إلا أن النتيجة هي إهدار كبير للموارد المالية التي يمكن الاستفادة منها في برامج أكثر نفعاً. ولغياب الجودة في البرامج التدريبية ارتباط بأسباب أخرى نتحدث عنها إن شاء الله في عدد قادم. خبير تدريب واستشاري إداري وأسري