نظمت مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة أمس بتعز ندوة خاصة حول (قضايا الثقافة اليمنية). قدمت في الندوة ثلاث أوراق عمل، تناولت الأولى الخدمات الثقافية بين الواقع والمأمول للدكتور محمد توفيق أستاذ الجغرافيا بجامعتي سوهاجوتعز، وتحدثت عن الخدمات المعرفية باعتبارها مؤشرًا صادقاً لقياس تقدم ورقي المجتمعات وركيزة أساسية من ركائز التنمية. واستعرضت الورقة واقع الخدمات الثقافية وطبيعتها ومدى توافرها وانتشارها ومساهمتها في تغيير الواقع إلى الأفضل. وأشار الدكتور محمد توفيق إلى المنشآت الثقافية العامة والأهلية والقنوات التي تتولى إيصال تلك الخدمات وتتركز معظمها في العاصمة وتركز خدماتها في الغالب على تزويد المتلقي بالأخبار، حيث تحتل الأخبار الثقافية فيها أسفل السلم، الأمر الذي انعكس سلباً على تدني مستوى تقديم الخدمات الثقافية على كل المستويات وسيطرة ثقافة الاستهلاك. وخلص توفيق في ورقته إلى ضرورة تطوير الخدمات الثقافية من خلال زيادة وتوسيع الجاهزية الثقافية للسكان وزيادة الخدمات وتنوعها وتطبيق معايير الجودة الشاملة والفعالية والتوزيع الجيد لتلك الخدمات بالاعتماد على المعايير الإدارية والسكانية والتعليمية. فيما قدم الباحث عبدالعزيز العسالي ورقة تمحورت حول عوائق التقدم الثقافي.. مشيرًا بهذا الصدد إلى جملة من العوائق التي حدت من التقدم الثقافي منها وجود مؤسسات شكلية لا تمت للثقافة إلا بالاسم يسيطر عليها الطابع القبلي أو الحزبي والعسكري، ونفوذ العصبية، وهيمنة الأعراف والثقافة الشمولية. كما نوهت إلى تأثير القوانين الكابحة وغياب السياسة التعليمية الرشيدة وضعف المستوى الاقتصادي، والتي شكلت بمجملها تدني المستوى الثقافي، وهو ما أدى لسيادة مفاهيم فكرية جامدة وكذا تشويه المفاهيم والقيم الحضارية. وتناول الدكتور منذر إسحاق - مدرس علم الاجتماع بكلية آداب جامعة تعز - ورقة عمل بعنوان “ثقافتنا بين التقليد والجديد” من خلال الثقافة العربية بصفتها الماضوية والتجديد فيها، متسائلاً عن إمكانية وجود تقليد علمي متصل بكل نوع من أنواع الثقافة. مشيرًا إلى أن هناك الكثير من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المتصلة بالثقافة، والتي هي بحاجة إلى نظرة عليمة تحليلية نقدية. وأضاف إسحاق: إن مسألة الثقافة في اليمن يكتنفها الغموض في كثير من المفاهيم، وبالتالي يكون التعامل مع الثقافة بحسب ما هو متداول بطريقة تبدو مألوفة. وخلص إلى أن هناك قصوراً في الوعي الثقافي، وهي من أهم القضايا، وكذلك غياب المثقفين بشكل كبير بسبب طغيان الجانب السياسي على المشهد بشكل عام. من جانبه أشار مدير عام المؤسسة فيصل سعيد فارع إلى أن الثقافة تقع في صلب التنمية متعددة الأوجه.. وقال: ومع ذلك نجدها الحاضر الغائب بامتياز وإن وجدت فهي من باب براءة الذمة. وقال: نحتاج إلى رؤية جديدة في إدارة العمل الثقافي وجرأة في ملامسة القضايا المجتمعية الصائبة والخروج من حالة الغيبوبة المعرفية.. الندوة أثريت بمداخلات وآراء مستفيضة من قبل جمهور الحاضرين والمشاركين.