يبدو من غير المنطقي حصر الصراع الإسباني التقليدي بين ريال مدريد وضيفه برشلونة المرتقب مساء اليوم السبت ضمن المرحلة 32 من الدوري المحلي، في إطاره التنافسي على لقب ال”ليغا” نظراً لما تكتنفه مواجهات الفريقين من حساسية خاصة تزيدها غلياناً هذا العام اللقاءات المتوالية التي ستجمعهما في ثلاثة أسابيع. وبات معلوماً، أن الأقدار شاءت أن يتكرر الصدام الرياضي للعملاقين أربع مرات في غضون ثمانية عشر يوماً، أولها الليلة في “سانتياغو برنابيو” وثانيها على لقب كأس الملك الأربعاء المقبل في ال”ميستايا” ثم يعبران النطاق المحلي إلى القاري حين يتواجهان في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا في 27 ابريل الحالي و3 مايو المقبل. ويُدرك القاصي والداني، استحالة عزل أي من اللقاءات القادمة عن بعضها وإن فرّقتها العناوين والأهداف، فأوجه المنافسة عديدة وذات صلة ورغبة كل من الطرفين بإلغاء الآخر “رياضياً” وتحقيق الريادة المؤقتة في “الحرب المفتوحة” منذ أكثر من قرن، تجتاح نفسَي ساندرو روسيل وفلورنتينو بيريز قبل المدربين واللاعبين. وتعود جذور الصراع بين الغريمين ل 13 مايو 1902، لذا في قول جوزيه مورينيو إنه سيتعامل “مع كل مباراة على حده” شيء من الصحة تكتيكياً، وقليلها نفسياً في ظل منافسة يعلو فيها صدى “الكلاسيكو” على أي عنوان آخر .. أولى مواجهات 2011 ستكون امتداداً لآخر مواجهات 2010 حين لعبا في ذهاب مسابقة الدوري في 29 نوفمبر في “كامب نو” حيث سمح الكاتالونيون لنفسهم باستباحة شباك المدريديين خمس مرات نظيفة. وتتزامن الموقعة رقم 162 في الدوري مع تربّع برشلونة على الصدارة برصيد 84 نقطة مقابل 76 لريال مدريد ما يعني أن لا بديل عن الفوز للأخير إن أراد إحياء آماله بلقب البطولة المفتقد له منذ العام 2008 أما أي نتيجة غير ذلك تعني حسماً برشلونياً -منطقياً وليس حسابياً- للقب مع تبقي 6 مراحل، لا سيما أن النوادي الثمانية عشرة الباقية تدور في فلك كروي آخر. دون شك سيحاول مورينيو، تغليب النقاط الإيجابية التي جناها مؤخراً على الوضع السلبي الذي سيدخل فيه اللقاء من حيث فارق النقاط والترتيب على الجدول وعقدة التفوق الكاتالوني في آخر خمس مباريات .. ونجح ريال مؤخراً في تحقيق عبور سلس إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا بعدما أقصى منافسه توتنهام هوتسبرز الإنجليزي بالفوز 4-0 و1-0 على الرغم من غياب الهداف الفرنسي الموهوب كريم بنزيمة ذهاباً ومشاركته لربع ساعة إياباً فقط بعد إبلاله من الإصابة. وتشكّل عودة بنزيمة ثقلاً هاماً في هجوم ريال مدريد إذ يستطيع بمهارته وحسه التهديفي العالي تخفيف الطوق الدفاعي عن زميله البرتغالي كريستيانو رونالدو، صاحب ال28 هدفاً في الدوري، لكن الأمر يتوقف على مشاركة الأول كأساسي والأمر مستبعد في ظل تألق التوغولي ايمانيول اديبايور وعدم اكتمال جاهزية الفرنسي بدنياً بعد ابتعاده لحوالي عشرة أيام.. وإلى جانب بنزيمة، عاد الأرجنتيني الدولي غونزالو هيغواين بعد غياب أشهر لكن ظهوره الأول جاء ضعيفاً في لقاء الذهاب أمام توتنهام وبدا ثقيل الحركة وغير لائق بدنياً بخلاف البرازيلي كاكا الذي بدأ يستعيد عافيته المهارية والتكتيكية لكن إسناده دوراً رئيسياً منذ الدقيقة الأولى يبدو مستبعداً أمام برشلونة .. أما كريستيانو رونالدو فرغم أنّه من المعادن النفيسة تهديفياً مع 54 هدفاً في 57 مباراة مثل فيها ريال مدريد منذ قدومه ال”برنابيو” إلا أنّه إن سقط ضحية عصبيته يفقد كل مقوماته المهارية، وحادثة دفعه لغوارديولا في لقاء ذهاب الموسم الحالي ما زالت ماثلة في الأذهان. من جهة برشلونة، صاحب 13 فوزاً وتعادلين في 15 رحلة خارج أسوار “كامب نو” هذا الموسم، يحط الفريق رحاله في مدريد مفتقداً على الأرجح خدمات كارليس بويول المصاب بركبته والمنتظر تعويضه بسيرجيو بوسكيتش إلى جانب بيكيه، كما يفتقد الأرجنتيني خافيير ماسكيرانو الموقوف .. وسيكون لغياب الأخير تأثيراً في الوسط الدفاعي خصوصاً أنه عنصر أساسي في تشكيلة غوارديولا. أما في محوري الهجوم، فتبدو الأمور على خير ما يرام لكتيبة غواردويلا مع تواجد الثلاثي تشافي وانيستا والأرجنتيني ليونيل ميسي، صاحب ال29 هدفاً في الدوري حتى الآن، إلى جانب حضور دافيد فيا، مسجل هدفين في لقاء الذهاب، والمرجّح أن يساند من بدرو.وتلقى الترسانة الهجومية لبرشلونة دعماً كبيراً من المتألق مؤخراً الظهير الأيمن البرازيلي داني الفيش الذي تشكل “مواكباته” السريعة أرقا حقيقياً لاسيما إن وجد المساحات اللازمة لذلك لكن السؤال هل يستطيع لعب دوره المزدوج “دفاعياً وهجومياً” إن كان كريستيانو في حالته المعهودة من التألق؟ .. وتشير الأرقام إلى قوّة ريال مدريد على ملعبه مع 14 فوزاً وخسارة واحدة كانت الأولى لمورينيو في 150 مباراة، لكن أرقاماً أخرى، سلف ذكرها، تشير إلى قوّة برشلونة خارج دياره كما في موطنه كاتالونيا، وأمام كوكبة النجوم وكثرة العوامل المؤثرة تبدو القراءة في النتيجة صعبة. لكن رغم ذلك يمكن القول إن مفتاح الفوز لمورينيو يكمن بقدرته على شل مثلثات برشلونة في الوسط لاسيما تشافي وانيستا وميسي وتقليص نسب استحواذهم العالية، الأمر الذي سيعطل بطبيعة الحال تمويل أجنحة الفريق وانفرادات دافيد فيا المعهودة، ويزيد العبء في الوقت نفسه على الدفاع الكاتالوني الذي “تقل كفاءته كثيراً” بغياب بويول على حد قول مورينيو المؤمن أيضاً بأن تسجيل هدف مبكر سيمنح فريقه الفوز. والعكس صحيح لثلاثي الوسط الكاتالوني. أمر آخر مؤكد من هذا النزال المرتقب، أن الفائز أيا كانت هويته وبمعزل عن تأثير النتيجة في السباق على لقب الدوري، سيكسب تعزيزاً مهماً قبيل اللقاءات الثلاثة الأخرى في الكأس ودوري الأبطال الأوروبي. وقال البرتغالي جوزيه مورينيو المدير الفني للريال عقب المباراة أمام توتنهام الإنجليزي الأربعاء في دوري الأبطال “كل واحدة من مبارياتنا أمام برشلونة ستكون مختلفة عن الأخرى .. ولا أعتقد أن إحدى المباريات ستؤثر على الأخرى”.. وأضاف “نظريتي أساسية بشكل كبير: تلعب واحدة ثم تبدأ في الإعداد للمباراة التالية” .. . وقال أندوني زوبيزاريتا مدير الكرة بنادي برشلونة “يمكننا الآن رؤية خط النهاية ، ويجب أن نقدم كل ما لدينا” .. وأضاف زوبيزاريتا الذي كان حارسا لمرمى برشلونة والمنتخب الأسباني ، في إشارة إلى ريال مدريد “إنه ناد عملاق لديه قدرات هائلة. وسنستعد للمبارياته أمامه بكل احترام”. وقال جوارديولا الذي يطمح الى احراز اللقب للمرة الثالثة على التوالي في 3 مواسم مع فريقه، “يجب الا نرتكب خطأ عندما سنذهب الى سانتياغو برنابيو من خلال الاعتقاد باننا خسرنا كثيرا اذا خسرنا المباراة” .. في المقابل، يرى رونالدو الذي يريد نسيان موقعة “كامب نو”، الامور بعين مختلفة، وقال “الامر اليوم مختلف تماما عن الكلاسيكو السابق. يجب علينا الايمان بالفوز، لان برشلونة ليس من كوكب آخر”. خطة إيقاف البارسا يخطط مورينيو لوضع ثلاثي في وسط الميدان هذه المرة ، المدرب البرتغالي قد يضع تشابي ألونسو وخضيرة ومارسيلو في الوسط وذلك لخنق وسط البارسا .. الفكرة تقتضي أن يلعب مارسيلو على الجهة اليسرى ليساعد الظهير الأيسر أربيلوا في إيقاف زحف ألفيش وبيدرو، أما في المقدمة فسيلعب رونالدو ودي ماريا وأمامهما بنزيما العائد إلى التشكيلة الأساسية بعد حوالي شهر من الغياب، بينما سيرتاح أوزيل ليكون مستعدًا لنهائي الكأس .. مورينيو جرب مارسيلو كجناح أيسر أمام توتنهام ويبدو أن الفكرة قد راقته وسيعيدها في لقاء الكلاسيكو .. تلك كانت الخطة (أ). أما الخطة (ب) فهي اللعب بطريقة 4-2-3-1، غياب لاس قد يجعل مورينيو يعدل عن فكرة اللعب بثلاثي في الوسط، ولهذا فقد يلعب مورينيو بالتشكيلة الاعتيادية بتشابي ألونسو وخضيرة في الوسط وأمامهما دي ماريا ورونالدو وأوزيل -الذي لن يرتاح في هذه الحالة- ويبقى بنزيما وحيدًا كرأس حربة متحرك، في هذه الحالة ستتم التضحية بالبرازيلي مارسيلو ذلك أن مورينيو بحاجة إلى ثقل أربيلوا الدفاعي. مورينيو سيستعمل واحدة من هتين الخطتين أمام برشلونة في مباراة إياب الليجا على أرضية ميدان سانتياجو بيرنابيو ولكن أيٌ منهما سيختار؟ المواجهات الثنائية • ليونيل ميسي - كريستيانو رونالدو.. يعد ميسي (23 عاما) أفضل لاعب في العالم لهذا العام ورونالدو (26 عاما) أفضل لاعب في العالم سابقا أبرز هدافي الدوري الاسباني هذا الموسم وبفارق كبير عن الآخرين .. وسجل ميسي مهاجم الأرجنتين هدفين ليمنح برشلونة الفوز على العامرية مطلع الأسبوع الماضي ورفع عدد أهدافه في المسابقة إلى 29 هدفا بينما سجل البرتغالي رونالدو هدفا حين فاز ريال على اتليتيك بيلباو ليصبح رصيده 28 هدفا. ويأتي ديفيد فيا زميل ميسي في برشلونة في المركز الثالث برصيد 17 هدفا .. يتمتع كل من ميسي ورونالدو بحرية التحرك على طرفي الملعب ويشكلان أحيانا خطورة كبيرة حين يمران إلى داخل الملعب ويراوغان المنافسين ويتبادلان الكرة مع زملاء .. وطريقة لعب النجمين مختلفتين تماما .. فميسي يلعب بحماس كبير ويقوم بانطلاقات مفاجئة ويتبادل الكرة في تمريرات سريعة مع زملائه. أما رونالدو فيميل أداؤه أكثر للاستعراض وانطلاقاته السريعة أكثر ويستخدم حماسه في تجاوز منافسيه .. وتشكل تسديداته القوية من الركلات الحرة مصدر خطورة أخر من أي زاوية. • ديفيد فيا - كريم بنزيمة.. يقود فيا (29 عاما) مهاجم منتخب اسبانيا وبنزيمة (23 عاما) مهاجم منتخب فرنسا هجوم فريقيهما لكنهما على غير العادة ليسا الهدافين .. وانضم فيا إلى برشلونة مقابل 40 مليون يورو الصيف الماضي واندمج بسرعة في الفريق الذي يضم زملاء له في منتخب اسبانيا .. ولم يسجل فيا أي أهداف في أخر تسع مباريات .. وعانى بنزيمة من بداية سيئة للموسم لكنه تألق في يناير حين حصل على فرصة إثر إصابة زميله الارجنتين جونزالو هيجوين .. وسجل بنزيمة عشرة أهداف في الدوري ليرفع رصيده إلى 21 هدفا في جميع المسابقات لكنه غاب عن المشاركة في الأسبوعين الماضيين. • تشابي هرنانديز - تشابي الونسو.. يلعب الاثنان في وسط ملعب منتخب اسبانيا ويؤديان دورين مختلفتين كليا وكل منهما لا يمكن تعويضه .. وتشابي (31 عاما) هو محور طريقة اللعب القائمة على التمرير السلس والاستحواذ على الكرة التي يؤدي بها برشلونة ومنتخب اسبانيا ويغطي بجهده مساحة كبيرة في أرض الملعب ويعمل كرابط للعب ويصنع فرصا. أما الونسو (29 عاما) فيميل أداؤه للدفاع ويلعب إلى جانب الالماني سامي خضيرة في محور الدفاع بخط وسط ريال لكن تمريراته خاصة العميقة منها من نصف ملعب فريقه في الهجمات المرتدة تمثل إضافة كبرى للفريق. • اندريس انيستا - مسعود أوزيل.. في الماضي كان ضعف البنية يجعل من الصعب على المهارات التي يمتاز بها لاعبون مثل انيستا (26 عاما) وأوزيل (22 عاما) الصمود في معارك وسط الملعب لكن يبدو أنهما يمثلان المستقبل .. ويصنع اللاعبان اللذان يقومان بامتياز بدور صانع اللعب ويوفران مساحات بالانطلاق نحو المدافعين فرصا للتهديف ورؤيتهما جيدة للمرمى .. ولدى كل منهما شخصية متحفظة خارج الملعب لكنهما يحظيان باحترام خاص من المشجعين .. وينال انيستا التحية من جماهير الفرق المنافسة بفضل هدفه في نهائي كأس العالم الذي منح اللقب لاسبانيا بينما يحظى الألماني أوزيل بتصفيق من مشجعي ريال لدى خروجه من الملعب .. ولا يتوقع من أي منهما القيام بأي ألعاب خشنة. • فيكتور فالديس - إيكر كاسياس.. فالديس (29 عاما) واحد من أفضل الحراس في العالم .. وفاز الحارس بلقبين في دوري أبطال اوروبا وبأربعة ألقاب في الدوري الاسباني وفي طريقه للفوز بلقب أفضل حارس في الدوري الاسباني للعام الرابع على التوالي لأنه صاحب أقل عدد من الأهداف في شباكه .. لكن لن تجد كثيرين يشككون في أحقية كاسياس بأن يكون الحارس الأساسي لمنتخب اسبانيا وهو الذي لعب دورا محوريا في فوز بلاده بكأس الأمم الاوروبية 2008 وكأس العالم 2010 .. ويتمتع فالديس بحضور كبير ويمثل نقطة البداية لطريقة لعب برشلونة في الاستحواذ على الكرة .. وتشكل تمريراته من الخلف أحد الجوانب المهمة في هذه الطريقة ويقضي الفريق وقتا طويلا في التدريب عليها .. ويطلق على كاسياس (29 عاما) لقب “القديس إيكر” ومثل فالديس فإنه متميز في التصدي للتسديدات لكن أقل مهارة في التمرير من الخلف. • جيرار بيكيه - ريكاردو كارفاليو.. في غياب القائد المميز كارليس بويول فإن بيكيه (24 عاما) فرض سيطرته على دفاع برشلونة .. ويتمتع بيكيه مدافع منتخب اسبانيا بقوة تضاف لمهارته في التمركز إلى جانب دور يقوم به في بناء الهجمات من الخلف .. وانضم كارفاليو (32 عاما) وهو برتغالي إلى ريال من تشيلسي الانجليزي ليلحق بمواطنه جوزيه مورينيو مدرب الفريق وعلى الفور أصبح قائدا للدفاع إلى جانب مواطنه بيبي .. ويمتاز كارفاليو بقراءته الرائعة للملعب وساهم انضمامه في تقوية دفاع ريال. مباريات أخرى وفي مباريات أخرى تقام اليوم السبت يلتقي ملقة مع ريال مايوركا وخيتافي مع أشبيلية وألعامريا مع فالنسيا ، بينما تستأنف مباريات المرحلة يوم غد الأحد بلقاء ديبورتيفو لاكورونا مع ريسينج سانتاندر وريال سوسييداد مع سبورتينج خيخون وليفانتي مع إيركوليس وأوساسونا مع أتلتيك بيلباو وإسبانيول مع أتلتيكو مدريد ، على أن تختتم يوم الاثنين بلقاء فياريال مع ريال سرقسطة.