ها أنا أنفخُ اشتعالَ الحناءِ فتسألينني ببراءة: لماذا لا يحمرُّ!! وأنتِ تجهلين أنه فقدَ ذاكرةَ اللَّونِ حين حطَّ على يدك.. تلك المرأةُ ناقشةٌ بارعةٌ تُنَفِّسُ عن كَبْتِها الفنِّي بنقش مواجعها على أكُفِّ الحسناوات وتتباهى بموهبتها قليلاً حين تقول: أنا أمُّ أحمد، وكأنها تتحدَّثُ عن علَمٍ من أعلام القاهرة.. ننفثُ آهاتٍ مُغلَّفةً بدُخانِ الشِّيشَة كي لا يلتفت أحدٌ لذلك، ونحن نغطِّي أسرارنا بجهوريَّةٍ فاضحةٍ كلِصٍّ يختبئُ خلف لوحٍ زجاجيٍّ.. وحين نحسُّ أننا سنقول كلَّ شيءٍ نقطع خيطَ الصفاء بمناداة النادلِ مطمئِنَّيْنِ إلى أنه لا يجيبُ من أول مرَّة.. مرآةُ مقهى الفيشاوي كبيرةٌ بحجمِ الحائط وكأنها تُستخدمُ لكشف الكذِب وتجسيدِ الأنَّات المتصاعدة من حناجرَ جديدة على التأوُّه بطعم الفراولة.. نطلبُ من خازنِ النار جمرَتين ليضعهما على رأس الشِّيشة المليءِ بالهواجس ونمارسُ على قلبينا المشتَعِلَيْن ساديَّةً مُفتَعَلةً بمتابعتنا لترَمُّد الجمرَتين دون أن يخبو بداخلنا شيء..