عند مفترق الطرق:الخط الدائري، والطريق الذي يخترق السوق التجاري للمدينة.. أوقف سيارته (البيجو) المكدسة بالركاب، محتاراً، أي الطريقين يمر، الأولى ما أن تم الانتهاء من تنفيذها قبل سنوات تعد بأصابع اليد، حتى كانت الحفر قد حلت ضيفاً عليها.. وتزيد يوماً بعد يوم، فكان لابد من إصلاح الحفر، وحتى تكون الإعادة مبررة ومنطقية، فالأمر لم يتوقف عند الإصلاح، بل وتوسيعها.. على حساب الجزيرة الوسطية التي تفصل بين الاتجاهين.. والطريق الثاني مزدحمة دائماً، ضيقة والمحلات التجارية قائمة على جانبي الطريق، وزاد على ذلك مشروع المجاري، عاث،(ولاث) لسنوات لينتهي به الحال إلى مجار مسدودة.. لاحظ أحد الركاب حيرة السائق فسأله: _ لماذا وقفت؟ محتار مابين الطريق الدائري وشارع المدينة. الخط الدائري طبعاً . - ولكن العمل جار لإصلاحه، وتوسعته، ولكان المتبقي للمرور مملوء بالحفر .. وانتظروا سوف ينتهون وتعود الحفر. - وشارع المدينة مزدحم ومملوء بالحفر وقد أصبح الآن شارعاً ترابياً تقريباً. - لكن الساعة الآن الرابعة بعد العصر ولن تكون هناك زحمة بالشارع. - إذا لم يكن هناك زحمة فالمقارنة أصبحت سهلة.. حُفر هنا وحُفر هناك فعليك أيها السائق بشارع المدينة اتكل على الله . - توكل السائق على الله ، وماهي إلا مسافة قصيرة حتى غابت عجلات السيارة في الطريق. - صرخ السائق: - الله لايجازي من أشار عليّ بهذا الشارع . - احترم نفسك وقل لايجازي الله من كان السبب . - من هو السبب .. بل من هو المتسبب ؟ - السائق المسئول والمتسبب دائماً مجهول . - ولماذا مجهول؟ السائق لو كان معروفاً.. ماكان الخط الدائري .. وما كان الشارع هكذا نزل السائق .. وقف يتفرج على العجلتين للحظات ،ثم عاد الركاب للنزول لإخراج السيارة .. دقائق وحرروها واصلوا بعدها السير ..مسافة قصيرة كان الشرطي واقفاً قبل المستشفى موجهاً السيارات للاتجاه إلى اليسار... قال السائق (مغتاظاً) ليش؟ هناك ضحايا كثيرون، تم إسعافهم إلى المستشفى. ضحايا من ؟ ضحايا الحرب القبلية. السائق ينحرف يساراً بسيارته ، مع طابور طويل من السيارات ليكشف العالم الداخلي للمدينة .. شوارع ترابية ضيقة تتكدس القمامة على جانبيها.. والحفر التي حاول الهروب منها قد لاحقته من جديد.. والزحمة، صرخ السائق وهو ينظر إلى الراكب: الله لايجازي من كان السبب . قلنا احترم نفسك. ألم تشر عليّ بالمرور من الشارع؟ أشرت عليك نعم ، لكن عقلك في رأسك ..احترم نفسك للمرة الأخيرة . راكب: ألا يوجد لهذه المدينة بلدية ودولة. السائق :نعم. وما اسم هذه المدينة المنهوبة المنكوبة. (يريم) يغني: ياريم وادي ثقيف. راكب: فأين الوادي؟ قل ، أين المسئولون؟ قلنا مجهولون. يعود (ويغني): ياريم وادي ثقيف لطيف جسمك لطيف. السائق : يالطيف يامنجي ها نحن قد عدنا إلى مفترق الطريق . مارأيكم لو انتظرنا حتى الانتهاء من إعادة وتوسعة الطريق الدائري؟ نظر السائق إلى الراكب والركاب ،ثم أمسك بيديه الاثنتين مقود السيارة ، وضع رأسه عليهما ونام ، ونام معه الركاب (نومة ) أهل يريم.