احتفلت الأوساط المسرحية والثقافية والفنية مؤخرا في الوطن العربي والعالم أجمع بيوم المسرح العالمي الذي يصادف السابع والعشرين من مارس سنويا، بإقامة العروض المسرحية الجديدة والندوات والحلقات النقاشية، ونشر المقالات والدراسات والأبحاث المسرحية وإعداد وبث البرامج التلفزيونية والإذاعية المعدة لهذه المناسبة، والتي تنصب في إبراز الإنجازات المسرحية التي تمت خلال العام والأعوام المنصرمة، وتكريم الرواد والمبدعين البارزين وغيرها من الفعاليات التي تنعش الآمال لدى المسرحيين، وتدفعهم لمزيد من الخلق والإبداع. وقد أعدت القيادة الثقافية في بلادنا برنامجاً خاصا للاحتفاء بهذه المناسبة، بحيث يقدم بجانب الحفل الافتتاحي ستة أعمال مسرحية، ومن المؤسف حقا أنه لم يتم حتى اللحظة تقديم أي من تلك الأعمال نظرا لتأخر التعزيز المالي الخاص بإنتاج هذه الأعمال لدى وزارة المالية بحجة أن الناس بحاجة إلى الكهرباء وليس إلى مسرح !، رغم قناعتنا بأن المسرح لا يقل أهمية عن الكهرباء و يذكرنا هذا التصريح بمقولة مشابهة أطلقها قبل عدة سنوات أحد وزراء المالية كقضية حق يراد به باطل وهي أن (الناس يشتوا خبز مش برع ومسرح)!، غير مدرك بأن الثقافة والفن هما الوجه الآخر لرغيف الخبز، وبأن الإنسان لا يحيا بالخبز وحده. وبهذه المناسبة التي تعد محطةالتقييم والمراجعة لواقع الحركة المسرحية وآفاقها المستقبلية، يحق لنا أن نتساءل: كيف يمكن للمسرح اليمني أن يتطور في ظل عدم القدرة على الاستيعاب الكامل لمهامه ومعطياته من قبل بعض المسئولين ومعهم بعض النخب السياسية والإدارية الذين لا يزال مفهوم الثقافة في نظرهم مع الأسف الشديد (ليست سوى رقصة برع وعملية نفخ في المزمار وقرع طبول، كيف يمكن أن نطمح إلى نهضة مسرحية في ظل عدم وجود أماكن لإدارات الفرق المسرحية لمزاولة أعمالها الإدارية وصالات لممارسة تمارينها وبروفاتها وتقديم عروضها المسرحية والجماهيرية، وكيف يمكن للمسرح اليمني أن يتطور في ظل عدم امتلاك المؤسسة الإدارية المسرحية للإمكانيات المادية ولتفعيل الأنشطة المسرحية والصلاحيات اللازمة لمزاولة مهامها، وكيف يمكن أن نرتقي بنشاطنا المسرحي في ظل عدم الاهتمام بالإنسان (الفنان) الذي يعد الأداة الفاعلة للارتقاء بالمسرح الذي يمكنه من العيش الكريم ويشعره بأهمية وجوده كمبدع وكإنسان ويقيه من شبح الجوع والمعانات المعيشية التي تستبد به، كيف وكيف وكيف، أسئلة تتزاحم في أذهاننا وتدمي وجه أحلامنا، نطرحها أمام حكومة الوفاق الوطني ونوجزها بالسؤال التالي: هل الدولة والحكومة تريد مسرحا حقيقيا وقادرا على أداء رسالته الوطنية والإسهام الفاعل والمؤثر، وتكوين جمهور مسرحي يعي مسئولياته تجاه وطنه وشعبه والتحول إلى مدرسة تنويرية شعبية ثقافية؟ وإذا كانت الإجابة بنعم نريد مسرحا حقيقيا فإننا نأمل من الحكومة ممثلة بالأستاذ محمد سالم باسندوة رئيس الوزراء والدكتور عبد الله عوبل وزير الثقافة العمل على تحقيق التوصيات التالية، التي رأينا بأنها بمثابة الجرعات العلاجية الضرورية التي من شانها أن تمكن المسرح الكسيح في بلادنا من التماثل للشفاء وان يقف على قدميه ثابتا ويسير بخطوات صوب تحقيق رسالته الوطنية على الوجه الأكمل: • ضرورة الحصول على قرار جمهوري حول قانون خاص بالمسرح والفنانين المسرحيين، يتضمن كادراً وظيفياً خاصاً بهم وسياسة أجور مناسبة لتحسين أحوالهم المادية وتوفر لهم حياة كريمة. • إنجاز مشروع التصنيف والتوصيف للعاملين بالمسرح وتوزيعهم إلى درجات وظيفية متدرجة كما هو معمول به في كل أنحاء العالم، والمشروع الأخير الذي يحسب للوزير وهو منحهم مخصصات مالية شهرية من صندوق التراث أسوة بزملائهم الفنانين الآخرين. • العمل على توفير صالات مسرحية في مختلف المحافظات واستعادة مسرح الإعلام (سابقا) وتمليكه للمسرح الوطني وتأهيله إلى جانب مسرح مركز الدراسات في أمانة العاصمة. • وضع الخطط والبرامج المدروسة – السنوية والمستقبلية لتنشيط الحياة المسرحية طوال العام، والنهوض به وتطويره. • توفير المخصصات المالية اللازمة والكافية لتنفيذ تلك الخطط والمشاريع ووضعها تحت تصرف المؤسسة العامة للسينما والمسرح، ويتم توزيعها على إدارات المسارح في المحافظات، بحسب إمكانيته البشرية والإنتاجية تحت إشراف الوزير مباشرة، وتنزل ما يخص الإنتاج المسرحي من ميزانية المكاتب في المحافظات. • استقطاب العناصر المسرحية الموهوبة الرجالية والنسائية وإعطاؤهم حق الأولوية في التوظيف. • استكمال إجراءات إصدار قرار جمهوري لإنشاء المعهد العالي للفنون المسرحية في أمانة العاصمة. • ضرورة إعداد كوادر مسرحية متخصصة في مختلف المجالات والتركيز بدرجة أساسية على التخصصات التي يفتقر إليها المسرح اليمني مثل: الديكور والإضاءة والماكياج والتأليف والنقد، واعتماد مبالغ مالية مخصصة للمنح الدراسية في مجال المسرح والفنون. • توزيع الكوادر المسرحية المتكتلة في الأمانة وعدن على مختلف الفرق المسرحية في المحافظات. • تقديم حوافز مادية مجزية للكتاب المسرحيين وتخصيص جائزة سنوية لأفضل نص مسرحي لخلق حالة من التنافس بين الكتاب. • دعم و تشجيع مسرح الطفل والمسرح المدرسي والجامعي و العسكري. • العمل على إنشاء تجربة مسرح المناهج وتعميمها وتطويرها بالتشجيع المادي والمعنوي. • نشر وتعميم الثقافة المسرحية في حياة المجتمع لخلق وعي بأهمية المسرح ورسالته وإيجاد مجلة فصلية أو شهرية متخصصة تعني بما سلف وبمختلف شؤون المسرح. • عقد ندوات أسبوعية أو شهرية حول الثقافة المسرحية. • الاهتمام بالتراث المسرحي اليمني والأرشفة والتوثيق والدراسات والبحوث المسرحية وتأسيس مركز للتراث والتوثيق والدراسات المسرحية على غرار مركز التراث الموسيقي . نحن - كمسرحيين يمنيين - على ثقة بأن الحكومة لن تخيب آمالنا ومبعث هذه الثقة أن الأستاذ محمد سالم باسندوة رئيس الحكومة ليس غريبا عن المسرح بل إنه كان أحد هواة التمثيل في المسرح المدرسي وقد قام بتمثيل بعض الأدوار الرئيسية التي قدمها فريق المسرح التابع لمدرسة بازرعة في عدن عندما كان طالبا فيها ومن هذه الأعمال التي اشترك فيها مسرحية (الكنز في الصندوق) التي قدمت في 1949 حسب ما جاء في صحيفة (فتاة الجزيرة) في عددها الصادر في 10 إبريل 1949 وبأن وزير الثقافة الدكتور عبدالله عوبل وفقا للمؤشرات الأولية لديه الرغبة في تحسين أوضاع المسرح والمسرحيين.