صنعاء.. اعتقال الدكتور العودي ورفيقيه    التوقيع على اتفاقية انشاء معمل للصناعات الجلدية في مديرية بني الحارث    قبائل المنصورية بالحديدة تجدد النفير والجهوزية لإفشال مخططات الأعداء    وبعدين ؟؟    اليوم العالمي للمحاسبة: جامعة العلوم والتكنولوجيا تحتفل بالمحاسبين    قراءة تحليلية لنص "خصي العقول" ل"أحمد سيف حاشد"    الجدران تعرف أسماءنا    التلال بحاجة إلى قيادي بوزن الشرجبي    قرارات حوثية تدمر التعليم.. استبعاد أكثر من ألف معلم من كشوفات نصف الراتب بالحديدة    تمرد إداري ومالي في المهرة يكشف ازدواج الولاءات داخل مجلس القيادة    صحة غزة: ارتفاع الجثامين المستلمة من العدو الإسرائيلي إلى 315    شبوة تحتضن بطولة الفقيد أحمد الجبيلي للمنتخبات للكرة الطائرة .. والمحافظ بن الوزير يؤكد دعم الأنشطة الرياضية الوطنية    موسم العسل في شبوة.. عتق تحتضن مهرجانها السنوي لعسل السدر    أبين.. حادث سير مروع في طريق العرقوب    مليشيا الحوثي تسعى لتأجير حرم مسجد لإنشاء محطة غاز في إب    القائم بأعمال رئيس الوزراء يشارك عرس 1000 خريج من أبناء الشهداء    صنعاء.. إيقاف التعامل مع منشأتَي صرافة    الأرصاد يتوقع أجواء باردة إلى شديدة البرودة على المرتفعات    وزارة الخدمة المدنية توقف مرتبات المتخلفين عن إجراءات المطابقة وتدعو لتصحيح الأوضاع    توتر وتحشيد بين وحدات عسكرية غرب لحج على شحنة أسلحة    تسعة جرحى في حادث مروع بطريق عرقوب شقرة.. فواجع متكررة على الطريق القاتل    صلاح سادس أفضل جناح في العالم 2025    عالم أزهري يحذر: الطلاق ب"الفرانكو" غير معترف به شرعا    سؤال المعنى ...سؤال الحياة    برباعية في سيلتا فيجو.. برشلونة يقبل هدية ريال مدريد    بوادر معركة إيرادات بين حكومة بن بريك والسلطة المحلية بالمهرة    جحش الإخوان ينهب الدعم السعودي ويؤدلج الشارع اليمني    هل يجرؤ مجلس القيادة على مواجهة محافظي مأرب والمهرة؟    الأربعاء القادم.. انطلاق بطولة الشركات في ألعاب كرة الطاولة والبلياردو والبولينغ والبادل    العسكرية الثانية تفضح أكاذيب إعلام حلف بن حبريش الفاسد    إحباط عملية تهريب أسلحة للحوثيين بمدينة نصاب    غارتان أمريكيتان تدمران مخزن أسلحة ومصنع متفجرات ومقتل 7 إرهابيين في شبوة    الدوري الايطالي: الانتر يضرب لاتسيو في ميلانو ويتصدر الترتيب برفقة روما    العدو الصهيوني يواصل خروقاته لإتفاق غزة: استمرار الحصار ومنع إدخال الوقود والمستلزمات الطبية    فتح منفذ حرض .. قرار إنساني لا يحتمل التأجيل    الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر اليمني ل 26 سبتمبر : الأزمة الإنسانية في اليمن تتطلب تدخلات عاجلة وفاعلة    الشيخ علي محسن عاصم ل "26 سبتمبر": لن نفرط في دماء الشهداء وسنلاحق المجرمين    الأستاذ علي الكردي رئيس منتدى عدن ل"26سبتمبر": نطالب فخامة الرئيس بإنصاف المظلومين    مرض الفشل الكلوي (27)    ثقافة الاستعلاء .. مهوى السقوط..!!    تيجان المجد    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    سقوط ريال مدريد امام فاليكانو في الليغا    قراءة تحليلية لنص "مفارقات" ل"أحمد سيف حاشد"    الأرصاد يحذر من احتمالية تشكل الصقيع على المرتفعات.. ودرجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى الصفر المئوي    جناح سقطرى.. لؤلؤة التراث تتألق في سماء مهرجان الشيخ زايد بأبوظبي    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    عين الوطن الساهرة (1)    الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري تعزّي ضحايا حادث العرقوب وتعلن تشكيل فرق ميدانية لمتابعة التحقيقات والإجراءات اللازمة    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القرآن طريق الخروج من الظلمات
نشر في الجمهورية يوم 31 - 08 - 2012

العمل الصالح لا يمكن ان يصل الى اقصى مداه الا في حال وجود الدين الحق و الدولة الديمقراطية. فالدين الحق يحدد الحقوق الانسانية و بدون تميز و الديمقراطية توفر الآليات المناسبة لتمكين الناس من هذه الحقوق. في ظل الدين الحق و الديمقراطية تتراجع الهيمنة. لكنها تكون كبيرة في حال سيطرة الدين غير الحق او في حال غياب الدين بكلية حتى لو كانت هناك ديمقراطية. في ظل الدين الحق و الديمقراطية يتم الفصل بين تحديد مضمون العمل الصالح و اليات القيام به. في ظل الدين الحق لا تكون الدولة مسيطراً عليها من قبل طبقة او فئة او طائفة او دين او مذهب انما يشارك فيها الجميع وفقا لمبادئ يتفق عليها الجميع لأنها مفيدة للجميع. لن يكون هناك لا قومية متطرفة و لا حركات دينية متطرفة و عرقية مسيطرة و لا حتى ثقافة مسيطرة.
«وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات ان لهم جنات تجري من تحتها الانهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها ازواج مطهرة وهم فيها خالدون. «ان الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من امن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون. والذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك اصحاب الجنة هم فيها خالدون. ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات واقاموا الصلاة واتوا الزكاة لهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون. واما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم اجورهم والله لا يحب الظالمين. فاستجاب لهم ربهم اني لا اضيع عمل عامل منكم من ذكر او انثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا واخرجوا من ديارهم واوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الانهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب. والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا لهم فيها ازواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا. والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا وعد الله حقا ومن اصدق من الله قيلا. ومن يعمل من الصالحات من ذكر او انثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا. فاما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم اجورهم ويزيدهم من فضله واما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا اليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا. وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة واجر عظيم. ان الذين آمنوا والذين هادوا والصابؤون والنصارى من امن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا الا وسعها اولئك اصحاب الجنة هم فيها خالدون. «ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الانهار في جنات النعيم. الا الذين صبروا وعملوا الصالحات اولئك لهم مغفرة واجر كبير». ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات واخبتوا الى ربهم اولئك اصحاب الجنة هم فيها خالدون». الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب. «ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا».« ومن اياته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى».
على الرغم من المواثيق الدولية و المعاهدات و المؤتمرات و التوصيات حول حقوق الانسان فإن العديد منها لا زال حبرا على ورق حتى في الدول العلمانية. لا شك ان ذلك يرجع الى حقيقة ان الحقوق الانسانية تحتاج الى وجود وازع اخلاقي من اجل الاعتراف بها و الحرص على تطبيقها. و لا يوجد وازع اخلاقي من ذلك الوازع الذي يصدر من دين يقوم على الايمان الصادق.
ففي هذه الحالة تتظافر عدد من الدوافع الاخلاقية معا لتشكل الاساس القوي لهذه الحقوق. فمن هذه الدوافع الصدق و تاثير الدين و الله و اليوم الاخر. فالصدق ضروري لبذل الجهد المطلوب لتحقيق مضامين هذه الحقوق على ارض و الواقع. و في هذه الحالة فإن هذه الحقوق تكون ضمن اي اجندا سياسية او اجتماعية او ثقافية. و لا يخفى ما لذلك من اثر على اهتمام المجتمع بهذه الحقوق و من ثم اهتمام النخب السياسية.
و كما هو معروف فإن للدين اي دين تاثير على سلوك الناس و خصوصا عامتهم. فاذا ما تبنى الدين الحق هذه الحقوق فإن ذلك سيؤثر حتما على الاديان الاخرى لمجاراته و بالتالي تبني بعض او كل هذه الحقوق. و على هذا الاساس فإن الدين الحق هو شاهد على الاديان الاخرى اي يمثل المعيار الذي يجب على الايدان الاقتداء بها سواء عن صدق او عن مجرد المجاراة. «ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم اجرا كبيرا».
الله تعالى وعد كل من يقوم بالعمل الصالح ان يعينه على ذلك لو في الدنيا سواء كان ذلك العمل صادر من مسلم او غير مسلم. ان ما يفرق بين المسلم و غير المسلم في هذا الامر هو الجزاء الذي سيلقاه المؤمن في الاخرة.
«ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات انا لا نضيع اجر من احسن عملا». «واما من امن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من امرنا يسرا». «ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا». «قل انما انا بشر مثلكم يوحى الي انما الهكم اله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا». الا من تاب وامن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا». «ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا». «ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى». «واني لغفار لمن تاب وامن وعمل صالحا ثم اهتدى. ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما. فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وانا له كاتبون. ان الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الانهار ان الله يفعل ما يريد. ان الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الانهار يحلون فيها من اساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير. فالذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة ورزق كريم. الملك يومئذ لله يحكم بينهم فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم. يا ايها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا اني بما تعملون عليم.
و لقد بلغ اهتمام القرآن بالعمل الصالح اي الحرص على تمكين الناس كل الناس من ممارسة حقوقهم كاملة ان جعل ذلك شرطا من شروط التمكين. وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون. الا من تاب وامن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما. ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب الى الله متابا. الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون.
و بالاضافة الى ذلك فإن العمل الصالح شكر لله على نعمه و بالتالي المحافظة عليها او حتى زيادتها. فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي وان اعمل صالحا ترضاه وادخلني برحمتك في عبادك الصالحين. ووصينا الانسان بوالديه احسانا حملته امه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى اذا بلغ اشده وبلغ اربعين سنة قال رب اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي وان اعمل صالحا ترضاه واصلح لي في ذريتي اني تبت اليك واني من المسلمين. فاما من تاب وامن وعمل صالحا فعسى ان يكون من المفلحين. وقال الذين اوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن امن وعمل صالحا ولا يلقاها الا الصابرون. والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم احسن الذي كانوا يعملون. والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين. والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الانهار خالدين فيها نعم اجر العاملين. فاما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون. ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله انه لا يحب الكافرين. ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم. اما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات الماوى نزلا بما كانوا يعملون. ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك لهم مغفرة ورزق كريم. وما اموالكم ولا اولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى الا من امن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات امنون. من كان يريد العزة فلله العزة جميعا اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر اولئك هو يبور. قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك الى نعاجه وان كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داوود انما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا واناب. ام نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الارض ام نجعل المتقين كالفجار. وما يستوي الاعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء قليلا ما تتذكرون.
فالدعوة الى العمل الصالح من افضل الاعمال و هي مساوية في الفضل للدعوة الى الله اي الدعوة الى الاسلام. ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم اجر غير ممنون. ومن احسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين. ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا اسالكم عليه اجرا الا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا ان الله غفور شكور.
ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد. اما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين. والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم واصلح بالهم. رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات الى النور ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا قد احسن الله له رزقا. «الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم اجر غير ممنون». «الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم اجر غير ممنون. ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية».
و قد توعد الله من لا يحرص على الدعوة والسعي الى القيام بالأعمال الصالحة بانه سيتركه و نفسه. من عمل صالحا فلنفسه ومن اساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد. ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاؤون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير. من عمل صالحا فلنفسه ومن اساء فعليها ثم الى ربكم ترجعون. ام حسب الذين اجترحوا السيئات ان نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون. ان الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الانهار والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الانعام والنار مثوى لهم.
لقد كانت الحقوق الاساسية للانسان معلما بارزا من وصايا القرآن للبشرية قبل ان تتبنى البشرية هذه الحقوق بوقت طويل. و قد تضمنت هذه الوصايا اولا الاعتراف بالحقوق و ثانيا تحديد الحقوق و ثالثا اليات تمكين اصحاب الحقوق منها و رابعا وسائل مساعدة اصحاب الحقوق من تملك هذه الحقوق.
فالقرآن قد حدد الحقوق الاساسية للانسان بشكل يفوق من حيث دقته ما تمخضت عنه التجارب البشرية حتى الان. فالحقوق التي تضمنها القرآن هي حق الحياة و حق الامن و حق التقدير و حق تحقيق الذات.
ففيما يخص حق الحياة و حق الامن فإن الله تعالى يقول تعالى «قل تعالوا اتل ما حرم ربكم عليكم الا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا ولا تقتلوا اولادكم من املاق نحن نرزقكم واياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون. ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي احسن حتى يبلغ اشده واوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا الا وسعها واذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله اوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون. وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون. ووصينا الانسان بوالديه حسنا وان جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما الي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون. «ووصينا الانسان بوالديه حملته امه وهنا على وهن وفصاله في عامين ان اشكر لي ولوالديك الي المصير».
اما فيما يخص بحق التقدير فإن الله تعالى يقول وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (132) أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134).
فحق اختيار الدين الحق هو في حقيقة الامر حق للانسان بالشعور بالتقدير. اذ انه هو وحده الذي يحدد الدين الذي يختاره. و اقصى ما يمكن ان يفعله الاخرون هو النصح و التوصية. لكن القرار الاخير يعود للانسان نفسه. فاذا كان الامر على هذا النحو فيما يخص الدين فإنه من باب الاولى فيما يخص الامور الاخرى و على وجه الخصوص فيما يتعلق بالأمور السياسية.
و كذلك فإن القرآن في الايات السابقة قد اشر الى ان الانسان لا يتحمل وزر ابائه او قومه و على وجه الخصوص فيما يتعلق بالدين. فمن حق الانسان ان يختار دينا غير دين قومه او اجداده. هذا من ناحية و من ناحية اخرى فإن هذا الشخص يستطيع ان يجدد دينه اذا رأى انه يمكن اصلاحه و تخليصه من الانحرافات التي حدثت له من قبل السابقين لها تلك امة قد خلت لها ما كسبت و لكم ما كسبتم و لا تسالون عما كانوا يعملون. فلا سلفية في الاسلام. فالناس لا يحاسبون على ما فعل غيرهم سواء من المعاصرين او من السابقين فلا تزر وازرة وزرى اخرى.
و على هذا الاساس فإن السلفية في الدين تعد نوعا من التقليد الذي نهى الله عنه و جعله سببا في انحراف الاديان الاخرى. بل انه جعله سببا اساسيا في ظهور الشرك و استمراره. و اذا كان الامر على هذا النحو مع الاديان السابقة فإنه يظل كذلك مع الدين الجديد. فالقرآن لا ينهى الاخرين عن فعل و يمارسه نفسه او يدعو ايها او يبرره.
و فيما يخص بحق تقدير الذات فإن القرآن قد اعتبر الابن ذات مستقلة عن والديه فيما يخص الحقوق و الواجبات و نظم العلاقة بين الطرفين على هذا الاساس. و كذلك فإن العلاقة بين الزوجين تقوم على اساس حق كل زوج في تحقيق ذاته. و الاكثر اهمية ان القرآن قد اعطى للجنسين حق التعبير عن ذواتهما بطريقة تتناسب مع خصائصهما الطبيعية. و ينطبق الامر نفسه على بقية العلاقات الاخرى.
يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وان كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك ان كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه ابواه فلامه الثلث فإن كان له اخوة فلامه السدس من بعد وصية يوصي بها او دين اباؤكم وابناؤكم لا تدرون ايهم اقرب لكم نفعا فريضة من الله ان الله كان عليما حكيما. ولكم نصف ما ترك ازواجكم ان لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها او دين ولهن الربع مما تركتم ان لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها او دين وان كان رجل يورث كلالة او امرأة وله اخ او اخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا اكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يوصى بها او دين غير مضار وصية من الله والله عليم حليم.
و من الملفت للنظر ان القرآن قد وازن بين الحقوق الفردية و الحقوق الاجتماعية بطريقة تعمل على ايجاد تكامل بينهما مما يسهل تحقيقمها معا. اي ان القرآن لم يجعل العلاقة بين الحقين علاقة تنافسية بل جعلها علاقة تكاملية.
«ولله ما في السماوات وما في الارض ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم ان اتقوا الله وان تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الارض وكان الله غنيا حميدا». «شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي اوحينا اليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى ان اقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم اليه الله يجتبي اليه من يشاء ويهدي اليه من ينيب». ووصينا الانسان بوالديه احسانا حملته امه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى اذا بلغ اشده وبلغ اربعين سنة قال رب اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي وان اعمل صالحا ترضاه واصلح لي في ذريتي اني تبت اليك واني من المسلمين.
و يتحقق هذا الربط بين الحقين من خلال العلاقة بين الايمان و العمل الصالح و التواصي بالحق و التواصي بالصبر. الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر. ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة. و بهذا الربط تمتد العلاقة بين الحقين عبر الزمن و عبر المكان. فالانسان كل الانسان اينما كان و حيث ما كان لن ينجو من الخسران الا اذا تعاون على البر والتقوى وتناصح فيما يخص الاثم و العدوان. الا الذين صبروا وعملوا الصالحات اولئك لهم مغفرة واجر كبير. ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات واخبتوا الى ربهم اولئك اصحاب الجنة هم فيها خالدون. من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون. ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما. فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وانا له كاتبون. فالذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة ورزق كريم. الملك يومئذ لله يحكم بينهم فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم. «يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا اني بما تعملون عليم. فاما من تاب وامن وعمل صالحا فعسى ان يكون من المفلحين». «والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين. من كان يريد العزة فلله العزة جميعا اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر اولئك هو يبور». «ام نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الارض ام نجعل المتقين كالفجار. وما يستوي الاعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء قليلا ما تتذكرون». «ام حسب الذين اجترحوا السيئات ان نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون». «فاما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين. ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية».
لا يستطيع احد ان يجادل بان موقف القرآن من حقوق الانسان هو موقف استرضائي او مؤقت. فالقرآن قد حسم هذا الامر بآيات محكمة و قبل اكثر من اربعة عشر قرنا.
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ (44) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا (45) مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (46) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً (47) إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49) انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا (50) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً (51) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (52) أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (53) أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا (54) فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا (55) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56) وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً (57) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58).
في هذه الآيات ينتقد القرآن بعض اليهود الذين يزكون انفسهم فيحللون و يحرمون وفقا لأهوائهم ومصالحهم الأنانية. و لذلك فإنهم يتظاهرون بالتدين وبالقبول بالطاعة لله و هم ينون مخالفة ذلك و يستفسرون عن بعض الآمور و هم لا ينوون حتى مناقشة ما يرد على استفساراتهم. انها العبثية بأقصى معنيها و التضليل بأسواء ما يمكن ان يكون.
و لذلك فإنهم لا يترددون في الكذب على الله وعلى خلقه. و من ثم فإنه لا قيمة لما يقبلون به و لا لما يرفضونه لانهم ببساطة لا يتثملون لذلك. انهم فقط يقبلون بالجبت اي الكذب و الطاغوت الاكراه. فإن استطاعوا ان يكذبوا فإنهم يتنكرون لكل ما يتفق عليه معنهم و عندما يتمكنون فإنهم يتنكرون لكل ما وعدوا به حتى تلك الوعود التي اقسموا عليها.
فهدفهم الوحيد هو السيطرة على العالم و حرمان غيرهم من اي حقوق. فاذا ما حكموا غيرهم فإنهم يحرمون من يحكمون من ابسط الحقوق اي انهم لن يعطوهم حتى النقير اي ادنى حق من حقوقهم. و اذا لم يحكموا فإنهم يحسدون الناس على ابسط الامور فيعملون على التآمر عليهم و التخريب ضدهم بدون اي اسبب الا انهم لا يستطيعون ان يروا غيرهم مثلهم ناهيك ان يكون افضل منهم.
و من اجل ان لا يسيطر على العالم مثل هؤلاء فإن الله وجه أمرا للناس كل الناس هو قوله تعالى ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات اي الحقوق الى اصحابها بغض النظر ان كانوا مثلكم اي من نفس قوميتكم او يدينون بدينكم او يتشابهون معكم في اللون او يتكلمون لغتكم او يعيشون بينكم او لا يعيشون بينكم و سواء كان بينكم و بينهم او لم يكن بينكم بينهم ميثاق و سواء بادلوكم نفس الحقوق او لم يبادلوكم. فالله يأمركم ان تعطوا الناس حقوقهم بدون اي شروط أو انتقاص او مساومة من اي نوع كان.
ما من شك بأن موقف القرآن من حقوق الناس هذا اقوى حتى من الموقف الذي تم اعتماده في عام 1976 تحت عنوان الاعلان العالمي لحقوق الانسان. فهذا الاعلان لم يستطيع ان يوصل رسالة للناس حول حقوق الانسان كالرسالة التي تضمنتها هذه الايات. انها قوية جدا بما يفوق ما ورد من ديباجة الاعلان العالمي لحقوق الانسان. انها شاملة اكثر بكثير مما ورد من حقوق في المواد العديدة التي احتواها الاعلان العالمي لحقوق الانسان.
ان استخدام ان التوكيدية و اتباعها الله ثم بالأمر اي يمركم لم يترك اي مجال للشك او التسويف او التبرير لعدم تنفيذ ذلك. و لا شك ان ذلك اقوى مما ورد في ديباجة الاعلان العالمي لحقوق الانسان من عبارات تدل على اهمية القبول و العمل بما ورد فيه من حقوق. فاذا كان الله يامر بتأدية هذه الحقوق فإن ذلك يقطع الطريق على كل من يحاول ان يمنع اصحاب هذه الحقوق منها او يتنقص منها من ذلك. ذلك ان اكبر مبرر قد يستخدمه مثل هؤلاء هو ان حق الله مقدم على حقوق هؤلاء. فاذا كان نفسه قد امر بتأدية هذه الحقوق فإنه لا ينبغي استخدم مثل هذه المبررات و اذا ما تم استخدامها من قبل البعض فإنها مردودة عليهم لان الله قد امر و لا يحق لاحد غيره ان يمنعه باسمه. و من يفعل ذلك فإنه يكون قد افترا على الله كذبا و اثما مبينا.
و ذلك فإن لفظ ان تؤدوا الامانات الى اهلها اقوى من عبارات احترام و تقدير هذه الحقوق. فالتأدية تعني التنفيذ الفوري للحقوق التي هي للانسان و النابعة من طبيعته مما اعطاه الله. و لا شك ان ذلك اقوى من الاعتراف و احترام حقوق الانسان كما ورد في الاعلان العالمي لحقوق الانسان. فالاعتراف يعني انه من الممكن ان بعض الدول لا تعترف. فمن حقها الاعتراف و عدم الاعتراف. لكن التأدية تعني ان ما على هذه الدول سوى التنفيذ والتنفيذ فقط.
ان استخدام الآية لفظ الامانات مهم جدا. فمن ناحية انه جعلها مفتوحة لأي حقوق قد تستجد. و ثانيا فإن كونها امانات يعطيها دافعا و حافزا اخلاقيا بالاضافة الى الدافع الدين. و ذلك فإن الدوافع القانونية ما هي الا مكملة لهذه الدوافع. فالقانون فيما يخص الحقوق لا ينشئها و انما يؤكدها. و الدليل على ذلك ان القانون فقط يركز على بعض الحقوق و لا يمكن ان يستوعبها. و هذا ما حدث فعلا في التحضير للإعلان العالمي لحقوق الانسان. و من اهم الموضوعات التي حظيت بأكبر حيز النقاش الاجابة على سؤال التكيف القانوني لهذه الحقوق. اي هل يتم من خلال ميثاق مثل ميثاق الامم المتحدة ام ان ذلك لن يكون له قوة إلزامية و اخلاقية كافية. و في نهاية المطاف تم الاتفاق على الاعلان بدلا من المعاهدة او الميثاق. و من وجهة نظري فإن الاعلان من حيث قوته الاخلاقية و القانونية لا يرقى الى ما ورد في الآية.
و مما يؤكد ذلك ان الآية نصت على تأدية الحقوق الى اهلها. و هذا يعني انه من حيث المبدا فإن اصحاب الحقوق لا يقع على عاتقهم المطالبة بها. فقد لا يكون قادرين على ذلك و خصوصا عندما يكونون من الفئات المهمشة او المستضعفة. بل ان على الجميع ان يؤدوا هذه الامانات اهلها سواء طالب اهلها بها ام لا.
و لا شك ان لهذه النقطة دلالات كبيرة. و يتضح ذلك من التطورات التي حدثت في هذا الجانب منذ صدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان و الى الان. فقط تم تطبيق هذه الحقوق على ارض الواقع في بعض المجتمعات و على بعض الفئات. فالمجتمعات المتخلفة رغم موافقتها على هذا الاعلان فإنها لم تفعل شيئا في الجانب على ارض الواقع.
ومما يؤسف له ان الدول العربية و الاسلامية من ضمن هذه الدولة بحجة ان هذه الحقوق تتعارض مع الشريعة الاسلامية و كان الشريعة الاسلامية اكبر من الله. فالله قد أمر و لا يحق لاحد ان يتحجج بالله. لكن في حقيقة الامر فإن السلطات المتنفذة هي التي لا تقبل بذلك. و كان عليها ان تقول ذلك صراحة لا ان تقترف الى جانب ظلم اصحاب الحقوق اقتراف الكذب على الله.
لم يقرأ هؤلاء هذه الآية؟ فالله يأمر و الله يوعظ و الله يحث و الله يراقب. فاذا كان هؤلاء يحبون الله ويحرصون على ارضائه لبادروا الى تبني الحقوق قبل ان يتبنى ذلك الغرب. و اذ لم يفعلوا ذلك فقد كان عليهم ان يكونوا اول المنفذين لأن ذلك يرضي الله و يرضي الخيرين من الناس..
يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.