التنشئة السياسية التي تمارسها الأحزاب السياسية هذه الأيام تؤدي إلى فهم مغلوط لمعنى الاختلاف وتباين الآراء إزاء القضايا والموضوعات التي ستطرح على طاولت الحوار الوطني الشامل والأصل أن الفرقاء خصوم لا أعداء وواجب الجميع الأعلاء من شأن الخطاب التوافقي التزاماً بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والعمل على إنجاح التهيئة لمؤتمر الحوار الوطني الشامل وإنجاح أعمال اللجنة الفنية التحضيرية. أن الأحزاب والحركات ستتحاور حول تأسيس الدولة وبناء نظام سياسي جديد وستعالج قضايا وطنية من خلال وضع الخطوط العامة والآليات الكفيلة بذلك وهي مهمة وطنية ومسألة تاريخية ينبغي أن يسبقها وعي يسد الفجوة بين النخب والشعب المنغمس في الحوارات والمناقشات والجدل أيضاً ومن غير المعقول أن تظل التوترات بين بعض الأحزاب والجماعات ويظل إعلامها معبراً عن عدم تقبل الآخر وهو سلوك يؤدي إلى تعميق التباين. إغفال قواعد الاختلاف - د. محمد الغابري أستاذ القانون الدستوري في جامعة صنعاء يؤكد أن إغفال قواعد وآداب الخلاف لا يعكس حسن النوايا وعقلانية الطرح لدى بعض الأحزاب والجماعات السياسية المعنية قبل غيرها بحشد الجهود والطاقات من أجل التهيئة والاستقرار لحوار جاد وبناء يفضي إلى بناء اليمن الجديد تتبارى الأحزاب والتنظمات في ظل نظامه السياسي المأمول من تقديم برامج تخدم المجتمع في إطار منافسة برامجية انتخابية يعكس تعدد حقيقي من أجل الوصول إلى السلطة من خلال رضاء المجتمع. والأمر الحاصل حسب رأي د.الغابري هو سيطرة الشك وعدم الثقة بالآخر وهو ما يوحي للكثيرين بأن الفكرة المسيطرة على الأحزاب هي فكرة الاستحواذ على المناصب وتقاسم السلطة رغم ما يعلنونه عن تطلعهم لبناء دولة مدنية. مخاطر الفشل - آخرون يعتبرون أن نجاح الحوار الوطني يجب أن يكون تحصيل حاصل لتهيئة ناجحة و قناعات ووعي شعبي بأن فشل الحوار لا سمح الله سيكون له مخاطر جسيمة لا يتحملها الوطن ومن الملاحظات على أداء بعض الأحزاب والحركات السياسية كما يراها د.الغابري أنها تغلب طموحاتها السياسية على الهموم الوطنية ويختلفون على أمور تم التوافق حولها ضمن التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ويعكس إعدام هذه الأطراف مثل هذه الخلافات إذ مازال الموقعون في بؤرة هذه الخلافات وهم شركاء في السلطة ويعكس إعلامهم تناقضهم فيظهرون بمظهر من يمارس السلطة والمعارضة في وقت واحد ولا يبذلون جهوداً كافية وواضحة في التوعية بماهية الحوار الوطني وطبيعة المرحلة التي يسعى فيها الجميع إلى تحقيق نجاح التهيئة ونجاح الحوار بإرادة وطنية خالصة عنوانها الملكية الوطنية لعملية الحوار لا الضغوط من قبل رعاة المبادرة الخليجية، ولاسيما وأن هناك قضايا يجب الإجماع عليها من الآن. خطوط عامة - الحوار الوطني سيحدد خطوطا عامة متفقا عليها وسيتضمنها الدستور الجديد وهذا لا ينبغي أن تتوقع النجاح فيه إذا استمرت التمترسات باقية وهو ما يعتبره د. محمد الغابري يؤثر سلباً على السلم والوئام الاجتماعي ويمثل عراقيل في طريق الحوار الوطني ويؤخر إنجازاته في حال بدأت عملية الحوار. الخطاب الإعلامي الإيجابي التوافقي كفيل بخلق أجواء صحية في ربوع الوطن وإزالة التشنجات وبما يجعل من اهتمامات الناس بقضايا المرحلة وبالمستقبل عملية نقاشية بل حوارية اجتماعية واسعة تنتصر للقضايا الوطنية وتساعد في إثراء الأجواء الإيجابية لنجاح الحوار الوطني من أجل بناء اليمن الجديد وهو ما يعني الاستفادة من إيجابيات الماضي والابتعاد عن سلبياته وسمو القوى السياسية عن الخلافات المدمرة لأنها صاحبة حلم ويجب أن تعمل معاً من أجل إيجاد منظومة دستورية وسياسية تنظم الخلافات في إطار تنافس برامجي للوصول إلى السلطة في دولة مدنية حديثة. المجتمعات السائرة نحو الديمقراطية في افريقيا وأمريكا الجنوبية وضعت لنفسها إطاراً للسير في هذا الاتجاه. ويقول د. الغابري: إذا عملنا من أجل هذا الهدف ونجحنا في الحوار فسنصل إلى بناء النظام السياسي المعبر عن إرادة الشعب وقواه السياسية أما إذا بقينا في إطار المماحكات فسنظل مشدودين إلى الماضي مع إمكانية حصول مالا يحمد عقباه وهذا لا يغيب عن وعي معظم الناس في اليمن ولا يريده الجميع.