ما كادت شخصية جحا الفكاهية الأدبية تهبط في مصر حتى اكتسبت بعداً جديداً هو بعد النقد السياسي، فعشق المصري للسخرية من حكامه بالنكتة قديم منذ ألف ابن مماتي كتابه الشهير «الفاشوش في أحكام قراقوش» للسخرية من حاكم القاهرة في عصر صلاح الدين الأيوبي، ومنذ كتب ابن سودون «ديوان نزهة النفوس ومضحك العبوس» اللذين أضافا أبعاداً جديدة وغنية إلى شخصية جحا. انتشرت شخصية جحا في بلدان عدة تتواءم مع شعوبها وتعبر عن احتياجاتها، لكنه لم يفقد شخصيته المميزة على رغم البعد، فحتى اختلاف الاسم لم يقدر على تغيير شخصية جحا، والأخير يُعرف في المغرب العربي والسودان ب «سي جحا» وفي مالطة حرِّف إلى «جهان»، ناهيك بانتقال هذا التراث وحكاياته إلى أوروبا والصين وروسيا ليكتسب من هذه البلدان قصصاً جديدة تسير على منوال القصص الأصلية، وتتحول حكايات جحا إلى ميراث إنساني اجتمع عليه الكبار والصغار من مختلف البلدان والأقطار. من نوادره: جحا والخرج كان جحا ضيفاً في إحدى القرى فضاع خُرجه، فقال لأهل القرية: إما أن تجدوه لي وإلا فإنني أعرف ماذا أصنع. وكان الفلاحون يعرفون أن جحا من أعيان البلدة، حاروا في أمرهم وصاروا يفتشون له عنه حتى وجدوه وردوه له. فتقدم أحدهم إليه وقال له: ما ذا كنت تصنع يا جحا؟ فأجابه: عندي بساط قديم كنت سأجعله خُرجاً!!.