إننا بحاجة أن نرى ما بأيدينا من النعم التي لا تعد ولا تحصى. كذلك إننا بحاجة إلى مزيد من الرضا والقناعة بما رزقنا الله تعالى. كثيرة هي نعم الله حولنا التي أكرمنا بها ربنا، لكننا ربما فقدنا الإحساس بها لتعودنا عليها. كثيرة هي الابتلاءات كذلك، وكثيرون هم من يعانون حولنا من مصائب كبيرة و ابتلاءات عظيمة، ومع ذلك يشكرون الله ويحمدونه على كل حال. ولكن بعض الناس تحت وطأة الابتلاء قد يفقد صوابه ولا يدري في أي المسالك يمضي. من هذه الابتلاءات: عدم التفاهم بين الزوجين، التي تجعل كثيرا من الزوجات تقف حائرة على حافة هذا السؤال: هل أستمر أم أتوقف وأنهي هذه الحياة؟! والجواب.. إذا قدر لأحد أن يختار بين النجاح والفشل فأيهما يختار؟ لا شك أنه يختار النجاح، ويعطي لنفسه فرصة لإنجاح حياته، ولا يكتب لحياته الفشل، فحياتنا تستحق منا أفضل الخيارات. لا شك كذلك أنه علينا أن نستمر، و أن نتكيف مع حياتنا بشكل أو بآخر، ولابد أن نتفاهم مع أنفسنا أولا، ونقنعها بأنه لا تخلو حياة من الكدر والابتلاء.. فإلى أين يفر الإنسان؟ إذن فلابد من المواجهة، بدلا من الهروب، وأن نشخص طبيعة المرض الذي تعاني منه حياتنا الزوجية، وأن نحدد مواطن الخلل فيها والزوجة الواعية عليها أن تعيد على نفسها السؤال القديم ولا تنساه أبدا: لماذا اختارني زوجي دون غيري من النساء وتزوجني؟ لابد أنه أحبني بدرجة ما، وجذبه نحوي بعض الصفات، وإلا ما كان قرر الارتباط بي مدى الحياة، وعليها أن تقوم بتحديد هذه الصفات وتبدأ من جديد تحاول أن تنميها.. ثم تتذكر كذلك الأسباب التي دفعتها إلى الارتباط بزوجها، فلا شك أنها تحبه بدرجة ما، وإلا ما قبلت الزواج به أصلا، ولا شك كذلك أن هناك نقاطا مضيئة في شخصيته هي التي دفعتها أن ترتبط به مدى الحياة، فعليها أن تقوم بتحديدها وتعتبرها بداية ذكية لتحسين العلاقة به. إذن فالبداية هي تحديد نقاط الاتفاق بين الزوجين، ثم حصر نقاط الاختلاف، والتفكير الجاد في أسبابها بكل إنصاف. ربما كان الأسلوب الحاد في المناقشة وكثرة الاختلاف على الأشياء اليسيرة هو ما شيد بين الزوجين جدرا عازلة منعت كليهما من الوصول إلى الآخر. ربما كانت الذاكرة القوية عند الزوجة، وعدم التوقف عن فتح الملفات السيئة، واستدعاء الذكريات المؤلمة، هو ما سبب هيمنة الاكتئاب والنكد على اللحظات التي كان يمكن أن تكون أجمل لحظات الحياة بجوار زوجها. ماذا لو استدعت الزوجة الذكريات الجميلة مع زوجها بدلا من أن تؤلم نفسها وتنكد حياتها وحياة زوجها معها.. ماذا لو عددت مزاياه كما تعدد عيوبه، ربما وجدت نفسها تعيش مع أفضل الأزواج، ومع ذلك لا مفر من أن يتحمل بعضنا عيب بعض، لأنه لا يوجد أحد على وجه الأرض بلا عيب. ربما لو فعلتِ ذلك أيتها الزوجة العاقلة لاستشعرتِ أنكِ الظالمة لزوجك وأنتِ لا تشعرين. هذا لا يعني أنه ليس هناك أزواج ظالمون بالفعل لزوجاتهم، ولكنني أتكلم في الحدود الطبيعية للمشكلات التي تعج بها معظم البيوت. فبعض النساء تتصف بالحساسية الزائدة، وتشعر بوخزات الإبر كأنها طعنات خنجر، وتجعل من الحبة قبة، وقد يكون هذا هو بيت القصيد في مشاكلها الحياتية كلها. أقول لها: إنكِ لا تملكين من عمرك إلا يومك، فالماضي ذهب بكل ما فيه، والمستقبل مجهول لا يعلمه إلا الله، أما الحاضر فهو لك تشكلينه كما تشائين لترسمي به مستقبلك بتدبير وتوفيق من الله جل وعلا. إبدئي حياتكِ بلون جديد، وأقبلي على زوجك بروح جديدة، فحياتك تستحق منكِ الكثير، ولا تنسي معركة الشيطان معنا.. وعداوته لنا ما حيينا.. الشيطان لا يريد للبيت المسلم الراحة والهدوء, بل يريد أن يشغله دائما بالمشاكل والهموم والخلافات.. صدقيني إنه ليس خلاف مع زوجك، بقدر ما هي معركة بيننا وبين الشيطان لتكدير صفو حياتنا، والشيطان للأسف يكسب الجولة في كل يوم دون أن ننتبه أو نشعر!