سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السفير التونسي جمال الجويلي ل «الجمهورية»:مؤشرات الأوضاع في اليمن تنبئ أن القادم أفضل قال إن الحوار حكمة استمدها اليمنيون من معين حضارتهم وتاريخهم المجيد
أكد سفير الجمهورية التونسية لدى بلادنا جمال الجويلي أن هناك مساعي ٍ لمحاولة الدفع بالعلاقات اليمنية – التونسية إلى مراتب أعلى على غرار ما هي عليه حالياً, نتيجة الأوضاع وعدم توفر خطوط وتجربة مباشرة في العلاقات الاقتصادية التي أثرت سلباً على الحركة التجارية بين البلدين، موضحاً بعض الجوانب من العلاقات اليمنية – التونسية, والقواسم المشتركة للثورتين اللتين شهدتهما الدولتان في العام 2011م , متطرقاً إلى الوضع في تونس الذي وصفه بالمستقر, عدا بعض الصعوبات تجاه عمليات التهريب التي تعانيها تونس من عصابات كبيرة للمواد الغذائية المدعومة من ميزانية الدولة، بالإضافة إلى العديد من الرؤى.. تجدونها مجتمعة في حنايا السطور التالية: كيف تقيمون سعادة السفير العلاقات اليمنية – التونسية ؟ العلاقات التونسية – اليمنية هي علاقات قديمة ضاربة جذورها في التاريخ وأتذكر ويتذكر العديد من الإخوة اليمنيين الشيخ والمناضل الكبير المرحوم عبد العزيز الثعالبي مؤسس الحزب الدستوري أول حزب قاوم الاستعمار الفرنسي في العشرينيات عندما زار اليمن في سنة 1924م بداية الحركة الوطنية في التفاعل ومقاومة المستعمر الفرنسي كان أول بلد قصده الثعالبي هو اليمن وأقام فيه سنة كاملة التقى خلالها آنذاك بإمام اليمن يحيى بن حميد الدين , وزار العديد من المدن وكان له العديد من الملتقيات والمحاضرات والعمل على التقريب بين الإمارات في ذلك الوقت فتاريخ العلاقات قديم والعديد من القبائل العربية الموجودة في الجزيرة العربية تاريخياً هي سافرت من هنا في تغريبة بني هلال وذهبت إلى شمال أفريقيا مروراً بالشام ومصر والجزيرة العربية إلى أن استقرت في شمال أفريقيا حتى أسماء الألقاب والعائلات والقبائل , عندما أتجول في شوارع صنعاء وعدن مؤخراً أشاهد لافتات على المحال التجارية والعديد من المراكز أن نفس الأسماء الموجودة هي عندنا في تونس وهذا يدل على أننا أمة واحدة وكلنا عرب في الزمن الغابر لم يكن هناك يمن ولا سعودية كانت الجزيرة العربية تاريخياً كلها عرباً واحدة من ناحية الوشائج والقربى واليمن والتاريخ والنضال وصولاً إلى العلاقات الاقتصادية والتجارية التي كانت ربما بحكم بعد المسافة بين البلدين وعدم توفر خطوط وتجربة مباشرة انعكس نوعاً ما سلباً على الحركة التجارية , لكن نحن ساعون بالنسبة لنا كتونسيين وحتى الأخوة في اليمن لمحاولة توطيد العلاقات والرفع بها إلى مراتب أعلى وبنسب أكبر من النسب الحاصلة حاليا. من أي زاوية سيكون تفعيل العلاقات بين البلدين ؟ هناك بعض المحاولات لتوطيد العلاقات في مجال السياحة, وهناك العديد من الفرص الاستثمارية والتجارية التي هي متوفرة في واقع الأمر لدى البلدين, لكن كما أسلفت توجد صعوبات خاصة في وسائل النقل التي تعتبر العمود الفقري لكل حركة تجارية, وان شاء الله نحن ساعون في تذليل هذه الصعوبات لنرتقي بها إلى مراتب أكثر من المستويات التي هي عليها حالياً, ونحاول تشجيع تبادل الزيارات ما بين الشعبين الشقيقين تونسواليمن, وأنا في الواقع لدي بعض الملاحظات مؤخرا وأنا أتفحص أعضاء الجالية التونسية وقائمتهم وجدت العديد من الزيجات المختلطة فهناك العديد من التونسيين المتزوجين من يمنيات والعكس أيضاً العديد من اليمنيين متزوجين من تونسيات وهذا في الواقع يدل على أن هناك وشائج قربى ورابطة قوية بين الشعبين. تمر اليمنوتونس بعد ثورتيهما بمرحلة انتقالية فكيف تقيمون هاتين المرحلتين لكلا البلدين ؟ نفس الظروف والمرحلة التي تمر بها اليمن هي ذاتها تقريبا التي تمر بها تونس بعد الثورتين اللتين شهدها بلدانا في عام 2011م في تونس أو في اليمن, بطبيعة الحال كل مرحلة لها خصوصيتها وكل بلد له خصوصياته فهناك تشابه كبير في الأسباب وتداعيات الثورة في تونس والمسار تقريباً هو نفس المسار متقارب جدا, ونأمل للأمور أن تستقر , ونتمنى للإخوة في اليمن خاصة بعد نجاح مؤتمر الحوار الوطني والانتهاء من أعماله والتوافقات التي وصلت إليها في كل فرق العمل سواء بالنسبة للقضية الجنوبية أو قضية صعدة أو العدالة الانتقالية أو عملية التنمية كل هذه مؤشرات طيبة تنبئ بأن الأمور سائرة أن شاء الله نحو الاستقرار, ونفس الشيء في تونس نحن الآن على قاب قوسين أو أدنى من تشكيل حكومة جديدة كل أعضائها مستقلون بعيداً عن المزايدات السياسية تكفل إن شاء الله المرحلة الانتقالية التي سبقت الانتخابات الرئاسية والتشريعية وحتى البلدية في العام 2011م, وبذلك نكون قد انتقلنا من المرحلة الانتقالية إلى مرحلة الإصرار التي ينشدها بلدنا تونس وكذلك نفس الشيء في اليمن عندكم , نتمنى أن تكون المبادرة الخليجية قد توجت بنجاح كبير من خلال إنجاز كل المراحل التي جاءت بها وأنا متفائل بعد أن تستقر الأوضاع أتوقع نمو العلاقات في كل المجالات والميادين بين تونسواليمن. ما هي القواسم المشتركة بين ثورتي تونسواليمن في عام 2011م ؟ تقريباً الأسباب هي نفسها في اليمنوتونس, الإنسان العربي الآن بعد كم السنوات والعقود من الظلم والاستبداد, تكميم الأفواه, التعتيم الإعلامي, كبت الحريات في مجال حقوق الإنسان , حرية التعبير , حرية الإعلام والصحافة , هذا كله متشابه في واقع الأمور في كل الدول العربية ولكن ربما في تونسواليمن هناك الإرث الحضاري فنحن عندما نتكلم عن اليمن نتحدث عن قرون من الحضارة والثقافة والإرث الحضاري الكبير فكلنا يعرف حضارة سبأ وحمير وبلقيس.. الخ, كذلك بالنسبة لتونس التي تعتبر من أقدم الحضارات التي شاهدها العالم في حضارة قرطاج ونافست في وقت من الأوقات الحضارة الرومانية, ميزة الشعبين انه متفتح وقارئ ومتحضر عنده الإرث الحضاري والثقافي المجيد الذي جعل الشعبين اليمنيوالتونسي ألا يقبلا بهذا الظلم والاستبداد والقهر فثارا في نفس السنة من اجل استرداد هذه الحقوق التي حفظها الله سبحانه وتعالى في قرآنه الكريم فسيدنا عمر بن الخطاب يقول متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا , فالإنسان خُلق حراً ليبقى حراً ويموت حراً , فاعتقد أن هناك تشابهاً كبيراً في أسباب الثورتين وتشابهاً في مسارها, وان شاء الله يقع هناك تشابه في الاستقرار وعودة الأمور إلى نصابها حتى نستطيع أن نقلع من جديد نحو الحضارات المتقدمة وأن نصل إلى ما وصلت إليه الشعوب الأخرى المتقدمة مثلا الغربية لكن مع الاحتفاظ بخصوصياتنا العربية الإسلامية ولا يمنع أن نمسك بالعلم والتقدم والتكنولوجيا والتطور والازدهار فتلك الشعوب ليست أفضل منا أو أذكى. كيف ينظر سعادة السفير التونسي إلى الخصوصية اليمنية وخاصة بعد نجاح مؤتمر الحوار الوطني ؟ الحقيقة تجربة اليمنيين فريدة وتنبع من خصوصية الشعب اليمني, فهو شعب حكيم وهادئ وهذا ليس من باب رمي الورود ولكن هو شعب لطيف يحب الحياة ويحب العيش ومثقف و لا يريد الظلم ويكره الاستبداد وهذا يستمده من معينه الحضاري من الثقافات والحضارات التي تداولت على هذا البلد العظيم الكبير في حضارته وفي ثقافته وفي تاريخه المجيد, فهي تجربه فريدة من نوعها ونحن عندما نرى ونسمع أن اليمن يتكون من قبائل وان كل يمني يحمل السلاح, فأنت تتعجب عندما ترى أعداء الأمس على مائدة الحوار يتحاورون ويتجادلون بكل عفوية وأخوية وحسن قبول للآخر فهذا جيد وينبئ بحول الله أن مستقبل اليمن سيكون أفضل بكثير من ماضيه . كيف هي الأوضاع في تونس ؟ بالنسبة للوضع الآن في تونس الحمد لله وهذا بشهادة العديد من الأخوة اليمنيين الذين يزورون تقريباً تونس أسبوعيا فهم يتصلون بي في مقر السفارة ويتساءلون يقولون نحن نرى في التلفزيون أن الأوضاع في تونس ليست ربما على أحسن حال فأقول لهم اتركوا وسائل الإعلام خاصة التونسية على جانب وزوروا تونس ثم اعطوني رأيكم بعد أن ترجعوا, فكلهم الحمد لله يقولون والله يا أستاذ نحن وقفنا وزرنا ورأينا ولا في شيء, هناك أخ كريم مسئول بارز زار مؤخراً تونس في ملتقى عربي فجاءني وقال لي أنا زرت تونس والوضع فيها أفضل من وضع اليمن قبل الثورة من ناحية الاستقرار وقال لي غريب ما كنت اسمعه لم أشاهده وشاهدت شعباً حيوياً يقوم الصباح باكراً والمرأة قبل الرجل من الساعة الخامسة صباحاً وكلهم يخرجون للعمل باكرا نشاط وحيوية وتجارة وقال انه زار العديد من المدن التاريخية الشهيرة كالقيروان وسوسة التي هي اسم (حضرموت ) مثل اسم مدينتكم وانه وجد الأوضاع عادية جدا والمرأة تسوق سيارتها في ساعة متأخرة من الليل في الطرقات لا تكاد تعاق والأمن موجود في كل الجولات والميادين, لكن أنا لا أقول أننا أنجزنا كل شيء بعد الثورة ما زالت هناك بعض الأوضاع خاصة الاجتماعية من ناحية غلاء الأسعار بالنسبة للمواطن البسيط ولكن بحول الله ستزول هذه المشكلة لأن هناك تراكمات وأموراً هي خارجة حتى عن نطاق تونس. مثل ماذا ؟ مثل التهريب نحن الآن نعاني من عصابات كبيرة تقوم بالتهريب لكل ما هو مواد غذائية خاصة التي تمس من حياة المواطن وهذه مواد مدعمة من ميزانية الدولة نجدها تهرب إلى بعض البلدان العربية المجاورة التي هي نفسها تشكو بعضا من عدم الاستقرار الآن خاصة في الحياة الاقتصادية العادية , أن شاء الله بعد أن تهدأ الأوضاع وتستقر ستعود الحياة إلى نصابها والى سابق عهدها إن شاء الله من الاستقرار على المستوى الاجتماعي وأنا متفائل بأن الآفاق واعدة فالوضع في تونس الآن أفضل بكثير والحمد لله من قبل وهذا أكيد. أيعني هذا أن الثورة في تونس حققت أهدافها ؟ الثورة لم تحقق إلى الآن كل أهدافها لأن هي ثورة الحرية والكرامة ولا يمكن أن يحقق كرامة الإنسان أو حريته إلا الشغل لأن هذا هو أهم شيء, فما زال الآن العديد خاصة من أصحاب الشهائد العليا يترقبون مواطن شغل فلن نحقق كرامة الإنسان إلا من خلال توفير شغل قار يكفل له حياة كريمة ومنزل محترم ثم انه سيكون استقرار في الأسعار لكل المواد التي يعيش منها الإنسان في حياته اليومية وهذا لا بد أن نصبر عليه خلال الفترة الانتقالية التي إن شاء الله لن تطول. هل هناك أوجه تعاون بين البلدين حالياً ؟ أوجه التعاون موجودة في كل المجالات حتى في أيام الثورة لم يتوقف التعاون, والآن هناك وفود تجارية من كلا الجانبين , طبعاً وتيرة الاستثمار نقصت نوعاً ما لأنكم تعرفون أن رأس المال جبان ووقت الهزات والاضطرابات يكون من الصعب على المستثمر أن يقدم على أي خطوة, لكن توجد محاولات ونوايا كثيرة سواء من تونس إلى اليمن أو من اليمن إلى تونس, أما على المستوى التجاري أو السياحي فهو موجود, وكل أسبوع تقريباً امنح التأشيرات إلى عدد كبير من المواطنين والمسئولين من اليمن إلى تونس , وهناك بعض الوفود التي تأتي من تونس خاصة لحضور الاجتماعات الرسمية أو الدعوات على المستوى الثنائي, أو على المستوى المتعدد الأطراف في الإطار العربي والإقليمي والدولي. ما يريد سعادة سفير الجمهورية التونسية من قول في ختام هذا اللقاء ؟ أتمنى للإخوة في اليمن مزيداً من التقدم والازدهار, وأن تعود الأوضاع إلى نصابها من ناحية الاستقرار والأمن , وتعود البسمة لكل الناس وتعود الفرحة إلى كل العائلات , وكذلك انقل كل تحيات الشعب التونسي إلى الشعب اليمني الشقيق , وأكيد إن شاء الله ستكون السنوات القادمة أحسن من الماضي.