شهدت العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات يوم أمس مسيرات حاشدة شارك فيها عشرات الآلاف من شباب الثورة؛ وذلك لإحياء جمعة «ثورتنا مستمرة ولا عودة للماضي». وطالب المتظاهرون من كافة القوى الثورية والوطنية بضرورة رص الصفوف للوقوف في وجه المؤامرات والمخططات التي تستهدف النيل من أمن الوطن واستقراره، مؤكدين أن هناك قوى تحاول العودة بالبلد إلى الماضي والمربع الأول وإدخال البلد في أتون صراعات لا تخدم التوجهات الرامية إلى استكمال المرحلة الانتقالية وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني للانتقال بالبلد إلى وضع أفضل. وردد المتظاهرون شعارات تدعو إلى ضرورة استرداد أموال الشعب المنهوبة وإحالة كافة المتورطين بقضايا فساد إلى القضاء بهدف محاكمتهم. كما دعا المتظاهرون إلى ضرورة بسط نفوذ الدولة في كافة مناطق البلاد وسحب السلاح من المليشيات حتى ينعم المواطن بالأمن والاستقرار. وفي هذا السياق قال خطيب جمعة «ثورتنا مستمرة ولا عودة للماضي» في ميدان الستين بالعاصمة صنعاء عبدالسلام الخديري: «إن لدى ثوار 11 فبراير رصداً لكل التحركات والمخططات التي تستهدف أمن واستقرار البلاد، والتي تسعى أيضاً للنيل من الدولة وإفشال مشروع الثورة». داعياً إلى ضرورة أن تتنبه قوى الثورة لتلك المخططات والمؤامرات، وأن تعمل يداً بيد في سبيل إنجاز الاستحقاقات الوطنية والخروج بالوطن إلى بر الأمان. إلى ذلك طالبت الثائرة توكل كرمان والحائزة على جائزة نوبل للسلام في خطابها إلى جموع الثائرين المشاركين في صلاة الجمعة أمس بساحة الحرية بتعز بسرعة تحرك الدولة وتنفيذ واجبها المتمثل في سحب جميع الأسلحة الثقيلة التي تطوق بها المليشيات المسلحة أطراف المدن اليمنية وبسط سيطرة الدولة. وهتفت كرمان مخاطبة أحرار وثوار تعز بعدد من العبارات الثورية أبرزها: «صامد أنا في ثورتي، صامد وعزمي من حديد، عهداً على درب الشهيد حتى نحقق ما نريد، أهداف الثورة السلمية أهداف الدولة المدنية، شعب يمني واحد، هذا شعب لا يقهر». كما أشارت توكل كرمان إلى أن اليمنيين قد صبروا طوال الفترة الماضية بدون أن تقهرهم أساليب الاستبداد، مشيرة إلى أن مدينة تعز كان لها الحظ الأكبر من ذلك واستمرار خروجهم وإصرارهم على الخروج وتحقيق أهداف الثورة دليل على عظمة نضالات الشعب اليمني. وتابعت كرمان تأكيدها خلال هذا اليوم والتي تواصل الجماهير خروجها إلى ساحات وميادين الحرية والتغيير على ضرورة استكمال أهداف الثورة تحت شعار «الشعب يريد إسقاط الفساد وبسط سيطرة الدولة ونفوذها». وفي سياق متصل جددت كرمان دعوتها إلى إنجاز حزمة المطالب الأولية التي كان قد أعلن عنها شباب الثورة عشية الذكرى الثالثة لثورة 11 فبراير، ومن أبرز تلك المطالب إلغاء اتفاقيات الغاز والنفط الفاسدة والمجحفة وإصدار قانون استرداد الأموال والممتلكات العامة المنهوبة، وسحب الأسلحة من المليشيات المسلحة، وإكمال هيكلة الجيش والأمن. وكانت توكل كرمان قد شاركت منذ مطلع الأسبوع في سلسلة من المهرجانات والاحتفالات الثورية التي نظمها مجلس شباب الثورة في عدد من محافظات الجمهورية، ومن ضمنها مشاركتها وزيارتها إلى تعز. كما شهدت ساحة الحرية بحجة في جمعة «ثورتنا مستمرة ولا عودة للماضي» حشوداً ثورية، مؤكدين على استمرار الثورة وعدم العودة إلى الماضي. وفي خطبة الجمعة أكد الأستاذ محمد عبدالله ردوه أن الثورة الشبابية السلمية تزداد كل يوم زخماً جماهيرياً قوياً وحشوداً ثورية جديدة ودماء يمنية تطالب بالعدل والمساواة والحرية، وتدين وتستنكر محاولة بعض القوى السعي إلى الانقلاب على الثورة والجمهورية والعودة إلى الماضي. وأوضح الخطيب أن استمرار الثورة بالزخم الثوري الجديد يعد عائقاً أمام المشاريع الصغيرة التي تحاول جاهدة العودة إلى الماضي وإيقاف عجلة التغيير، مشيراً إلى أن هذه الأحلام لم تعد مجدية، وبات الشعب يعرف من يقف خلفها وما الأهداف منها. ونوه إلى أن الثورة المضادة بحاجة من قوى الشعب قاطبة إلى رص الصفوف والوقوف أمام من يريدون النيل من أمن اليمن ووحدته واستقراره، منوهاً بأن من يطالبون اليوم بإسقاط الحكومة هدفهم العودة بالبلد إلى الماضي والمربع الأول، وإدخال البلد في أتون الصراعات، ولأن أهدافهم أصبحت واضحة للجميع. وأوضح ردوه أن الأمور في اليمن ومنها محافظة حجة بحاجة إلى استخدام لغة العقل ومحاولة التهدئة وتعميق ثقافة التسامح والإخاء والمحبة والوئام والابتعاد عن التشنجات وإذكاء الكراهية والفتنة والطائفية والحروب؛ كونها مشاريع أثبتت فشلها الذريع. وطالب الخطيب الرئيس والحكومة بإيقاف نافخي كير الفتنة والضرب بيد من حديد على من يحاولون ضرب أمن البلد واستقراره واستهداف مواطنيه بالقتل والموت من أي طرف كان، متسائلاً إلى متى يظل المواطن اليمني يعاني من الصراعات؟ وإلى متى يظل يده على صدره؟ وإلى متى يتوقع المكروه؟ أما يكفيه شظف العيش ومعاناة البحث عن مصدر رزقه اليومي. ونوه الخطيب إلى أن 21 فبراير كان يوماً مفصلياً في تاريخ اليمن من خلال تجسيد التغيير الحقيقي الذي رسمته ثورة فبراير وبداية تدشين اليمن الجديد ومرحلة فاصلة في ذاكرة الشعب اليمني، منوهاً بأن هذا اليوم ينبغي أن يرسم لليمنيين صورة واضحة لليمن الجديد الحقيقي والعدل والحرية والأمن والاستقرار وطي زمن الحروب والاقتتال إلى غير رجعة.