في سياق كشف الجينات المورّثة لسيكولوجية الخلاف في فكر السلفية التقليدية، والأصول الحاضنة لها، نتابع إدارة هذه الأزمة من خلال طرح المعالجات، وفي هذه الحلقة نحاول ترشيد الجماعة ولفت أنظارهم إلى مساحة الفهم المختلة لديهم لفقه الجدل والحوار الإسلامي. والمدخل الممهد، والمعبر المنطقي للولوج للمسألة – فيما أراه- أن تُحْكِم الجماعة آلية التعلم وتعرف أن مبدأ التعلم لا يكون الإ لما فُهم وتم الاقتناع به تماماً, وقد يفهم الإنسان أمراً يسمعه أو يقرأه لكن فهمه له لا يعني أنه اقتنع به, وإذا كان الفهم الصحيح القائم على هذا المحور سبيلاً إلى التعلم ومراجعة إشكالات الفهم الطائش, فإن اقترانه بالاقتناع يزيد بالمتعلم المريد وطالب الحق رسوخاً في التلقي والاحتفاظ أو في التذكر والعمل بما تعلم. ومن ثم فإن أسلوبي الجدل والحوار هما من أهم أساليب التربية الإسلامية النوعية ذات التأثير الفعال في تحقيق الإقتناع لدى المبتغين للتوفيق بين المختلفين، أو لطالبي الرسوخ بتجذير الفهم, وتعميق الفكرة المتلقاة لدى المتعلمين، نظراً لما يتوفر لهذين الأسلوبين في قوة الحجة والبرهان، والانطلاق نحو الانفتاح على أدلة الآخر والتحكم في سير العملية التقريبية بوضع المقاربات الفكرية للأطروحات المختلفة. ونظراً لأن «المدرسة السلفية التقليدية» لا ترى في نظرية الجدل الإ المخاصمة والمخاصمة فقط، كان متوقعاً أن تجد منهم من يربط بينه وبين مفهوم المرآء الوارد في حديث أبي أمامة الباهلي، وفيه «.. وأنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المرآء ولو كان محقاً»، فادّعى فئام أنه نص مباشر في الإبطال، هكذا على رداءة في الفهم والربط بين فحوى النظرية وخطاب الحديث. ولذا كانت نظرية الجدل في شرك الإضطهاد الفكري، وفي مرمى سهام النقد، وصودرت مما جاءت لإصلاحه من آفات الإلغاء والمصادرة لرأي المخالف المجتهد. مزيداً من التفاصيل الصفحات اكروبات