أكد الباحثون والأطباء النفسيون في مراكز العلاج بأمريكا وأوروبا أن الاعتياد على المشاهد الإباحية يؤدي إلى حالة من الإدمان أخطر من الكوكايين وقد يؤدي إلى اضطرابات نفسية وجسدية كبيرة. حول إدمان المواقع الإباحية من منظور علم النفس وأسباب هذا الإدمان وطرق العلاج تحدثت الدكتورة نبيلة عبدالكريم الشرجبي رئيسة قسم علم النفس، وأستاذة علم النفس الاجتماعي المساعد في كلية الآداب جامعة تعز قائلة: إدمان الانترانت هو حالة نظرية من الاستخدام المرضي لشبكة الانترنت الذي يؤدي إلى اضطرابات في السلوك وهو ظاهرة قد تكون منتشرة لدى جميع المجتمعات في العالم بسبب توفر حاسوب في كل بيت وإن لم يكن موجوداً في كل بيت يكفي الفرد الذهاب إلى أحد الأصدقاء والمقاهي التي توفر له استخدام الانترنت. ويرجع ظاهرة الإدمان على الانترنت لعدة أسباب منها: الملل والفراغ والوحدة والمغريات التي يوفرها الانترنت للفرد وغيرها الكثير حسب ميول الفرد. وتشير الدكتورة نبيلة أن أول من وضع مصطلح إدمان الانترنت هي عالمة النفس الأمريكية “كيمبري يونغ” التي تعد أول أطباء علم النفس الذين عكفوا على دراسة هذه الظاهرة في الولاياتالمتحدة منذ عام 94م وتعرف “ يونغ” “إدمان الانترنت” بأنه استخدام شبكة الانترنت أكثر من 38 ساعة أسبوعياً. الجديد في الإدمان وكلمة “إدمان” المعروفة لدى الجميع كإدمان المخدرات والتسوق لدى النساء أو الكمبيوتر والانترنت أو القهوة أو الكحوليات..إلخ. وأغلبنا لديه ذلك، ولكن الجديد في الإدمان والذي اخترق موسوعات الطب هو أحد الأنشطة المتعلقة بالجنس التي قد تكون عميقة الضرر على المدمن ليصبح غير قادر على التحكم فيه ويدفعه هذا الهوس بالجنس لممارسات منحرفة داخل وخارج إطار الزواج ويأخذ أشكالاً مختلفة، تبدأ من إدمان أحلام اليقظة والمشاهدة حتى أكثر الأشكال انحرافاً. والإدمان بتعريفه العام هو: أن يعتاد الشخص على شيء معين ولايقدر أن يمارس حياته أو عمله دون أن ينفذ هذا الشيء والإدمان الجنسي هو: انشغال الشخص بصفة مستمرة بتأدية العلاقة الجنسية وكلما أداها يكون في حاجة إلى تكرارها وإن جاهد نفسه في عدم إعادتها مرة أخرى إلا أن المحاولة تفشل ويؤديها مرة أخرى، وهذه التأدية من الممكن أن تكون عادة سرية أو مشاهدة أفلام جنسية. عناصر الإدمان وتستطرد أستاذة علم النفس: تؤكد الدراسات أن معظم المدمنين جنسياً تعرضوا من طفولتهم إلى أذى جسدي. وهناك نوعان من الإدمان مثل الإدمان على المواد كالمخدرات أو الكحول والإدمان على الأمور غير المواد وهو أمر جديد لطب النفس مثل إدمان الجنس. فالإدمان الجنسي هو فقدان السيطرة على النشاط الجنسي مع انحراف أحياناً ويضم عناصر ثلاثة: “فقدان السيطرة” أي إن الشخص يفكر في الجنس قبل وبعد ممارسته “التعود” أي إن المدمن يتعود على ممارسة الجنس والفطام أي غياب الشيء المدمن عليه الذي يولد عوارض نفسية مثل التوتر والقلق وعوارض جسدية مثل التشنجات. والإدمان الجنسي له نوعان من الممارسة، ممارسة صحيحة وممارسة فيها انحرافات جنسية، أي من كثرة هوس المدمن الجنس يصبح يمارس الجنس بعنف وانتقام، أو جماع لليلة واحدة، أو جماع كنوع من أنواع الانحرافات الجنسية ونحن نسميها انحرافا أو إدمانا؛ لأن العلاقة الجنسية هي علاقة مابين رجل وامرأة والمفروض أنها تكون فيها استدامة في إطار الزواج وإذا خرج الأمر عن العلاقة بالزوجة واكتفى الشخص بالتلصص على الجيران ومشاهدة الصور، فهنا تكون العلاقة فيها شكل من أشكال الانحراف فأنواع الانحراف الجنسي تتعدد بتعدد وسائل البحث عن اللذة الجنسية مثل الصور والأفلام الإباحية ومتابعة مواقع الانترنت. الأسباب وعن أسباب الإدمان الجنسي تشير الدكتورة الشرجبي قائلة: له ثلاثة أسباب “بيولوجية ونفسية واجتماعية” ومن الأسباب البيولوجية أظهرت الدراسات أن لدى المدمنين جنسياً خللاً بوظائف مناطق دماغية محددة، وخللاً بمستوى الهرمونات الذكورية المسئولة على طلب الجنس عند الرجل والمرأة. أما الأسباب النفسية فهي ناتجة عن عدم النضج النفسي والجنسي، وأسبابه الاجتماعية ناتجة عن نزعة للتحرر من الجنس ومن تربية ثقافة جنسية منحرفة مثل التطلع إلى المواقع الإباحية التي توصل العرض الخطأ عن مفهوم الجنس ودوره. علاج الإدمان الجنسي والمدمن الجنسي لايبحث عن العلاج إلا عندما تكون النتائج السلبية دمرت حياته، وعلاجات الإدمان الجنسي تنقسم إلى بيولوجية طبية ونفسية مع اختصاصيين نفسيين فيما يتعلق بالعلاجات البيولوجية فهي تندرج تحت مضادات الاكتئاب ومعدلات المزاج ومضادات الهرمونات الذكورية. أما فيما يتعلق بالعلاجات النفسية فهي تتركز على أنواع تحليلية ومسلكية إدراكية، تبدأ مع الفرد ثم مع الفرد وشريكه، وهناك أيضاً مجموعات، اسمها التغلب على الذات أي تكون المساعدة من أشخاص قد تعافوا من هذا الإدمان، أو هناك مايسمى بالعلاج الجماعي أي في مجموعات تعاني من نفس المشكلة وبالتالي تعزز الجوانب الإيجابية أثناء الحوار من خلال تغيير المعتقدات ضمن مجموعات تأهيلية. وتضيف: كما أن ممارسة الرياضة يومياً تساعد على علاج الإدمان الجنسي ثم بعد ذلك نبدأ في البحث عن الأسباب والوصول إلى بدائل للإدمان مثلاً بعض الرجال يستخدمونه كإثبات للرجولة يمكننا أن نقول إن إثبات الرجولة ممكن يكون في أشياء عديدة غير ممارسة الجنس والمدمنة المتزوجة قد ترى أن العيب في زوجها أو أنه لايحبها أو يعجز عن إشباع رغبتها، بينما هي مسكينة وضحية من وجهة نظرها. وحسب “فيديريكو طونيو” منسق قسم العلاج من الإدمان على الانترنت في المستشفى الإيطالي “أول مستشفى لعلاج الإدمان على النت في روما” فإن مظاهر الإدمان تبدو بشكل جلي من “الفايسبوك واليوتيوب” وكذا الشبكات الحوارية ومواقع الألعاب الإلكترونية وصولاً إلى المواقع الإباحية البوتوغرافية، ومعظم المدمنين الذين يستقبلهم تتراوح أعمارهم بين 20 40 سنة، معظمهم ذكور بالإضافة إلى المراهقين الذين تعودوا استخدام الانترنت منذ نعومة أظافرهم. وتستغرق فترة العلاج في الغالب ستة أشهر، موزعة على 25 جلسة تبدأ بلقاء أولي مع الطبيب النفسي لتنتهي بالعمل على إدماج المدمن في مجموعات تأهيلية في الحياة العادية.