قال نائب رئيس المركز الوطني للدراسات الاستراتيجية إن الحرب التي خاضتها وحدات من المنطقتين العسكريتين الرابعة والثالثة في كل من أبين وشبوة بالتعاون مع اللجان الشعبية الجنوبية حققت أهدافها المباشرة في ضرب أوكار وتجمعات ومعسكرات تنظيم القاعدة وقتلت أهم وأبرز قيادات هذا التنظيم وشتتت جهوده وإمكانياته، وشدّد المحلل السياسي والعسكري ثابت حسين على ضرورة استخدام كافة الوسائل الفعالة في محاربة الإرهاب، كالأنشطة الأمنية والاستخباراتية والعمل السياسي والثقافي، والإرشاد الديني الوسطي والمعتدل.. بداية ما هو الإرهاب؟ وماهي أنواعه؟ تعدّدت التعريفات واختلف الناس والدول وباحثوها وسياسيوها حول تعريف محدّد ودقيق لهذه الظاهرة الاجتماعية التاريخية الخطيرة في حياة الشعوب، لكن هناك إجماعاً على إدانة الفعل الإرهابي الذي هو في حقيقة الأمر وحسب رأيي الفعل الهادف إلى قتل أو ترويع أو تخويف أو تهديد الأبرياء من الناس، الذين هم ليسوا في وضع القتال لتحقيق أغراض سياسية، وتدخل فيه جرائم الاغتيال السياسي. تنوّعت أشكال وأنواع الإرهاب ليشمل إرهاب الجماعات المسلّحة وإرهاب الدول، ويضم الفعل الإرهابي القتل المباشر مع سبق الإصرار والترصد، سواء كان قتل شخص أو جماعة أو القتل العشوائي بدون أن يكون الهدف مستهدفاً مسبقاً كاغتيال الضباط بهدف ترويع أبناء القوات المسلحة وإقلاق حالة الأمن والاستقرار، وتدخل ضمن أعمال الإرهاب الاختطافات وتفجير أنابيب النفط وضرب الكهرباء وقطع الطرقات، مما يلحق ضرراً مباشراً في حياة الناس الأبرياء. ما هي أسباب الإرهاب حسب قناعتك؟ في اعتقادي أن الإرهاب كظاهرة اجتماعية تاريخية نابع من عدة عوامل سياسية (الاستبداد والفساد) واجتماعية (الفقر والجهل والبطالة والظلم) وثقافية (التطرّف والتشدّد والإقصاء والغلو والنزق). الإرهاب آفة عالمية وليست يمنية، ما تعليقكم؟ بالتأكيد الإرهاب ظاهرة عالمية قديمة تعود إلى أيام قابيل وهابيل، ويمكن قراءة أبرز جرائم الإرهاب السياسية في التاريخ العالمي كالهجوم على ميناء هايبر الأمريكي أثناء الحرب العالمية الثانية، وضرب مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين بقنابل ذرية أمريكية، وأحداث 11 سبتمبر في نيويورك عام 2001م، ومذابح صبرا وشاتيلا ودير ياسين على أيدي القوات الإسرائيلية وعشرات الأحداث، وفي الدولة الإسلامية منذ اغتيال الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم: عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والقائمة تطول، وشمل الإرهاب الذي لا دين له ولا وطن ولا جنس كل العالم تقريباً. كيف يمكن مواجهته؟ وهل الطرق الحالية كافية؟ مواجهة الإرهاب باستخدام القوة العسكرية وحدها لا تكفي، إذ لابد من استخدام كافة الوسائل الفعالة كالأنشطة الأمنية والاستخباراتية والعمل السياسي والثقافي والإرشادي الوسطي والمعتدل، وإعادة النظر في مناهج التعليم والتربية والإرشاد بما يعزز من ثقافة الوسطية والاعتدال والتسامح والتصالح ونبذ التطرف والشطط والإقصاء.. الخ، والأهم من كل هذا البحث في انتفاء الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي شكّلت وتشكّل البيئة الخصبة المولدة للنشاط الإرهابي، ولابد من تكاتف جهود الشعوب والدول والمنظمات في هذا الاتجاه. ما العلاقة بين ظاهرة الفساد والإرهاب؟ يمكن تشبيه العلاقة بين الفساد والإرهاب كالعلاقة بين الفساد والاستبداد فكلاهما يؤثران في إنتاج واستفحال الآخر، نعم الفساد يشمل الفساد السياسي والمالي والإداري والأخلاقي، وكل هذه المجالات تساعد على نمو وانتشار ظاهرة الإرهاب بما تخلقه من بيئة سياسية واجتماعية وثقافية مساعدة. توسّع عمليات القاعدة خلال الفترة الأخيرة في اليمن إلى ماذا يؤشر؟ ليس في الأمر جديد، القاعدة تنشط في اليمن منذ سنوات طويلة، ويعود تأسيسها إلى الفترة التي تلت مباشرة غزو أفغانستان من قبل القوات الأمريكية وبعد ذلك العراق، وهذا التنظيم هو امتداد لجماعات “الجهاد ضد السوفيت في أفغانستان” أما في اليمن فيعود نشاط مثل هذه الجماعات إلى بداية التسعينيات ومشاركتها في حرب 1994م ضد الجنوب، وكانت أولى العمليات “الإرهابية” قد استهدفت السياح الأجانب في أبين عام 1998م، ثم ضرب المدمرة الأمريكية كول في ميناء عدن عام 2000م، والبارجة الفرنسية لمبرج في حضرموت 2003م تقريباً، وهكذا، لكن أوج النشاط لهذه الجماعات تمثّل في إسقاط محافظة أبين عام 2010م بيد ما سمي ب “أنصار الشريعة” وما تلت ذلك من عمليات نوعية خطيرة ومؤثرة في الأعوام القليلة الماضية: كعملية مجمع وزارة الدفاع والاعتداء على قيادتي المنطقتين العسكريتين الرابعة في عدن والثانية في المكلا، واغتيال العديد من القادة العسكريين والأمنيين والسياسيين. ما هي آثار توسّع وانتشار تنظيم القاعدة في عدد من محافظات الجمهورية؟ بالتأكيد تنظيم القاعدة وجماعات “الإرهاب” الأخرى لها أجندتها الخاصة الهادفة إلى فرض نفوذها وفكرها على الأرض وعلى الناس، لكن المشكلة في وسيلتها المتمثلة في القتل بطريقة وحشية وهمجية تتنافى مع أبسط القيم الإنسانية وقواعد وأصول الحرب والقتال. ما هي الوسائل المناسبة للحد من هذا الانتشار والقضاء عليه؟ من الضروري إيجاد اصطفاف شعبي واسع إلى جانب إعادة هيكلة وبناء القوات المسلحة وأجهزة الأمن على أسس علمية ووطنية، ورفع مستوى الإعداد القتالي والمعنوي والبدني والمعيشي لمنتسبي هذه القوات، ومن الضروري أن ترتقي كل القوى السياسية والاجتماعية في اليمن إلى مستوى هذا التحدي، وأن تتجاوز المناكفات والأنانيات السياسية والحزبية والقبلية الضيقة، وإعادة النظر في مناهج التعليم والوعظ والإرشاد الديني والإعلام، والابتعاد عن إثارة النعرات الطائفية والمذهبية والعنصرية والمناطقية. رئيس الجمهورية أشار في خطابة الأخير إلى أن 70 % من القاعدة في اليمن أجانب من جنسيات مختلفة.. ماذا يعني ذلك؟ كما أشرت في معرض الإجابة على سؤال سابق تنظيم القاعدة وفروعه وانشقاقاته حملت الصبغة الدولية والإقليمية لتضمن عناصر من دول عديدة عربية وأجنبية، وعادة ينشط هذا التنظيم وعناصره في أرض الغير؛ ف 70% كما أشار الرئيس أجانب وأغلب المشاركين الآن في أنشطة هذا التنظيم في كلٍّ من أبين وشبوة ليسوا من أبنائها بل من محافظات يمنية أخرى. ما أهمية التحركات العسكرية والأمنية مؤخراً للحد من توسع وانتشار تنظيم القاعدة في عدد من المناطق اليمنية؟ يبدو أن القيادة السياسية والعسكرية اليمنية قد قررت خوض عمليات حاسمة ونوعية ضد هذا التنظيم الذي تمادى في القتل والإرهاب وأساء إلى الدين الإسلامي الحنيف دين الرحمة والسماحة والمحبة والوسطية والاعتدال، وعاث في الأرض فساداً وقتلاً واستبداداً كما حصل في أبين عام 2012-2010م، قد تشمل العمليات العسكرية الأمنية بالإضافة إلى محافظتي أبين وشبوة وكلاً من محافظتي مأرب والبيضاء. برأيك من يغذي القاعدة؟ قوى داخلية وخارجية لا تريد لليمن الأمن والاستقرار والازدهار والخروج بحلول جذرية لأزماته وقضاياه وفي مقدمة ذلك قضية الجنوب التي يتوقف على حلها حلاً عادلاً ومنصفاً مستقبل اليمن واستقراره واستقرار المنطقة برمتها. ما تقييمك لنتائج الحملة على الإرهاب؟ مبدئياً يمكن القول إن القيادة السياسية والعسكرية بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي عاقدة العزم وبصدق وبعيداً عن سياسات الابتزاز على توجيه ضربات حاسمة ووضع حد نهائي لعبث هذه الجماعات بأمن الوطن والمواطن، ولاحظنا كيف تكلّم الرئيس بمرارة وحرقة وألم لما آلت إليه الأوضاع الأمنية في اليمن بسبب عدم ارتقاء المسئولين والقوى السياسية والاجتماعية في هذا البلد إلى مستوى التحديات الأمنية الخطيرة وانشغالها بالمناكفات السياسية وممارسة هواياتها المفضلة في التآمر والدسائس وحب الذات على حساب مصالح الوطن والشعب. الحرب التي خاضتها وحدات من المنطقتين العسكريتين الرابعة والثالثة في كل من أبين وشبوة بالتعاون مع اللجان الشعبية الجنوبية حققت أهدافها المباشرة في ضرب أوكار وتجمعات ومعسكرات تنظيم القاعدة، وقتلت أهم وأبرز قيادات هذا التنظيم وشتتت جهوده وإمكانياته على القيام بأية عمليات نوعية في المستقبل، على أن ذلك لا يكفي، إذ لابد أن يتبع هذا عمل استخباراتي وأمني ممنهج ومستمر، وعمل تنموي وإعلامي وإرشادي مستنير ومعتدل بعد التخلّص من أفكار التطرف والغلو والتحريض والعنف التي اتسمت بها أجزاء من مناهج التعليم والخطاب الديني والتربية الدينية.