لم يكن 12من يناير2013م يوماً مفاجئاً للكثيرين حينما تم إقرار تعز عاصمة للثقافة اليمنية كون القرار تأخر كثيراً عن الإصدار.. فتعز تستحق هذا كون تاريخها الثقافي والأدبي ممتداً على امتداد قرون التاريخ الغابر .... لكن ما يشهده متابعو القرار أن لا شيء تحسن منذ إقرار التعيين سوى مكتب لا جدوى حتى الآن من وجوده.. استحقاق المستحق مديرة الهيئة العامة للآثار و المتاحف “بشرى عبد الرزاق الخليدي:“قرار تعز عاصمة الثقافة استحقاق لأبناء تعز , فلم يكن شيئاً جديداً لهم وإنما استحقاق لكل أبنائها.. فالإضافات التي أضيفت كبيرة جداً خاصة بعد اعتماد الموازنة لثلاث سنوات تقدر بحوالي أربعمائة إلى خمسمائة مليون منها لمشاريع البنى التحتية لإنشاء المسارح والمكاتب سواء كانت متحركة أو ثابتة وإنشاء المتاحف ومراكز التنمية الثقافية ومراكز خاصة بالموروث الشعبي في أكثر من خمس مديريات .. فإذا تم العمل بهذه الموازنة ستتحقق نهضة كبيرة لعاصمة الثقافة اليمنية .. كما أضافت الخليدي أن القائمين على تنفيذ القرار الرئاسي الدكتور عبد الله عوبل ومحافظ المحافظة شوقي أحمد هائل هما رجلان عاشقان لتعز وهناك أدلة كثيرة لإنعاش الفعاليات والمهرجانات في عملية جذب سياحي وثقافي ، منها مهرجان عيدكم مخا .. ومهرجان الفضول حيث إنها ستكون فعالية سنوية ..كما تم الاحتفال باليوم العالمي للتراث والموروث الشعبي وكل هذه الأنشطة ضمن فعاليات تعز عاصمة الثقافة اليمنية .. ولا ننسى ما تقوم به مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة من برامج وفعاليات تقع ضمن إطار تعز عاصمة الثقافة ... لكن عملية التوأمة بين الثقافة ومؤسسة السعيد انحصرت على فئة محددة ، فنتمنى أن تلبي تطلعات كافة الموهوبين والمبدعين ليس من تعز فحسب وإنما يتم الاستقطاب من كافة أبناء الجمهورية من قوافل و مناظرات شعرية في المسارح والمكاتب المتحركة أيضاً.. و بالنسبة للعائق الوحيد لتعز عاصمة الثقافة ولن نقول إنه عائق إنما تحد يتمثل في عدم خروج وزارة المالية من روتينها القديم. ثقافية في صلب التاريخ للتاريخ مع المدينة تاريخ ، ولها مع العصور حكايا .. فرغم الأحوال المتقلبة على المدنية واحتضانها ((أمراء ومماليك وحكاما وأئمة...)) إلا أنها محتفظة بحقها ومكانتها الطبيعية كعاصمة للعالم الإسلامي بعد بغداد ودمشق...وهو ما يشير إليه أستاذ التاريخ/ محمد سيف سعيد بقوله: كانت تعز بعد عام 656ه عاصمة العالم الإسلامي العلمية والثقافية وذلك بعد أن دمّر المغول في ذلك العالم بغداد العباسية ودمشق الأموية وذلك في عهد دولة بني رسول..كما أن الفيروز أبادي مؤلف القاموس المحيط في اللغة العربية ، كان قاضي قضاة تعز في تلك الفترة.. حيث اهتم الرسوليون ببناء المدارس واستجلاب العلماء من خارج البلد والاهتمام بالعلماء المحليين وطلاب العلم.. وبأسى يضيف من فاخر بالتاريخ العريق لتعز: تم إعلان تعز عاصمة للثقافة هذا شيء طيب نتيجة لموروثها الحضاري والثقافي... ولكن للأسف لا توجد بنى تحتية لكي تكون هذه المدينة الرائعة عاصمة للثقافة .. فلا مسارح ولا مكتبات عامة ولا أندية ثقافية ..... الخ أمنيات تبحث عن التنفيذ للحالمة حلم الثقافة بين المد والجزر في سجل التاريخ وسراب الحكمة والقول الذي ذهب عنها والعديد من البينة الثقافية التي تنعدم من الوجود سوى مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة كونها الواجهة الحديثة لاستمرارية حضارة تعز وثقافتها. بشرى الموازنة من المعروف والمؤكد أن القرار يأتي معه تحديد وتخصيص موازنة تشغيلية ليتم على ضوئها البدء والانطلاق نحو آفاق الثقافة الموعودة بالظهور...الأستاذ فيصل سعيد فارع يتوشح حروفه قائلاً: برغم تعيين تعز عاصمة للثقافة ووضعها الحالي لم يتحقق شيء حتى الآن ... ويعني ذلك أن آلية التعيين تأخذ في الاعتبار المدى الزمني.. و تبدو الأخبار مبشرة من زاوية أن هنالك موازنةً كبيرةً مخصصةً لهذا الغرض وان هذه الموازنة ستوظف لصالح مجموعة من المشاريع للبنى التحتية و الثقافية أما ما عدا ذلك فلم يتحقق شيء ليجعل تعز عاصمة للثقافة سوى ما تنهض به مؤسسة السعيد للعلوم للثقافية . تاريخ الماضي عن إحدى دعائم الحضارة يتحدث المتحف بما فيه من مقتنيات لتأتي بالتاريخ كما لو أنه الآن ... المتحف يذكر الزوار بالماضي ويأخذهم من زمننا إلى أزمنة سابقة لإستنشاق العبر مما تركه ذلك الجيل. “عبد الاله شمسان” أخصائي في التاريخ يعمل في المتحف الوطني(تعز)يتحدث قائلاً: محتويات المتحف الوطني مقتنيات خاصة بالإمام أحمد حميد الدين و بعد قيام الثورة مباشرةً استمر المتحف يؤدي دور الاستقبال للوفود الرسمية و لم يفتح للجماهير , و كان المدير السابق من قام بفكرة فتح المتحف للزوار بشكل دائم ففي أوائل السبعينيات افتتح المتحف رسمياً للمواطنين للتعرف على محتوياته ومعرفة ما كان الناس عليه في الحكم الإمامي .. واستمر على هذا الحال حتى عام 2008م نتيجة بعض التشققات الموجودة في المتحف.. في حين تم توثيق كل المحتويات وتصويرها ورصدها وجردها وتخزينها لإعادة ترميم المبنى. وإلى الآن مازال الترميم قائما كي يستعيد دوره في إكمال صورة تعز عاصمة الثقافة.. و لقد تم تحديد ميزانية ضئيلة جداً واعتمادها للمتحف والمكتب لا يتجاوز الستين أو السبعين ألفا بشكل عام .لاشك بأن ترميم المتاحف الأثرية يأخذ وقتاً طويلاً في الترميم وبانقطاع الدعم يتوقف العمل .. وقد صدرت توجيهات الترميم قبل صدور القرار الرئيسي بان تكون تعز عاصمة الثقافة ولم يتم تحديد فترة زمنية للانتهاء من ترميم المتحف و ذلك يعود إلى أن الترميم مرتبط بالصندوق الاجتماعي ونحن لم نلمس من القرار سوى دراسات ومشاريع مقدمة , إن قرار رئيس الجمهورية كان قرارا موفقا و حكيما لما تمتلكه تعز من مقومات ثقافية, فتعز حاضرة في الثقافة اليمنية عبر العصور سواءً كانت في العصر القديم و العصر الحديث و خاصةً في عصر الدولة الرسولية فكانت منبرا للثقافة و للعلوم الأخرى. وهناك دراسات قدمت لهيئة الآثار و المتاحف و مشاريع إعادة تأهيل و ترميم المواقع الأثرية وتحسين وضع المجمعات الثقافية مثل مجمع المتحف و المكتبات و غيرها, و لكن إلى الآن عبارة عن مشاريع مطروحة على طاولة الاحتياط .فنأمل من المكتب التنفيذي أن يبدأ العمل بها.. المكان موجود والتراث حاضر والمختصون والموازنة أيضاً .. فلماذا الانتظار في ظل توفر كل المقومات المطلوبة لجعل الحلم حقيقة.. أم إن الانتظار بقصد القضاء على ما لم يستطع التاريخ أن يلتهمه كقلعة القاهرة العصية على الانكسار.. وشموخ مآذن مساجد المدينة الشاهدة على مورثها الديني والحضاري والثقافي التليد. بنية تحتية غائبة د/ عبد الحكيم مكارم يريد من صانعي القرار إرادة تجعل منه واقعاً وقال “سيظل القرار الجمهوري الخاص بتعز عاصمة الثقافة حبراً لم يجف إذا لم يترجم إلى حزمة من الإجراءات والسياسات التنفيذية على الواقع فيلمسها النخب والمفكرون والأدباء والكتاب في بنية تحتية تحتضن موروث الثقافة وتصقل مهارات الإبداع وتتيح للخيال أن يبدع ويحلق اسم تعز في سماء الأدب وموروث الثقافة , عندها سنجزم أن تعز أصبحت عاصمة للثقافة”. مسمى دون تطبيق أما مديرة إدارة التدريب في مؤسسة السعيد رحمة عقلان فتحدثت قائلةً “ تعز عاصمة للثقافة اليمنية في الوقت الحالي و للأسف مسمى من غير تطبيق هذا ما أراه , فدور مؤسسة السعيد هي التي يوجد بها العديد من الفعاليات و الندوات والدوريات يندرج تحت مسمى تعز عاصمة الثقافة اليمنية و المؤسسة الرائدة و الفريدة من نوعها في تقديم العديد من الثقافة ،فأتمنى بأن يكون هناك نماذج مشابهة للمؤسسة لكي تكون تعز ساحةً للثقافة اليمنية . غياب الاهتمام الرسمي فتحي أحمد قايد من جانبه قال : لا نريد أن تكون تعز عاصمة الثقافة مجرد شعار فقط , فهناك غياب تام للجانب الحكومي في هذا المضمار الحيوي والمهم وربما أن مؤسسة السعيد هي المتواجدة والتي جعلت و لا زالت تعز عاصمة للثقافة بأدوارها المتعددة و الملموسة فنرجو من الجانب الحكومي مراجعة أوراقهم و البدء بذلك فعلاً. انتظار ما بعد القرار على عتبة المستقبل يصدحون بالأمنيات ويسابقون الشروق في معانقة الغد.. “سليم علي المخلافي” يرى بأن القرار جاء متأخرا جدا فتعز معروفة بتاريخها الحضاري الثقافي الطويل منذ بعيد.. وقال : كما أجد البيئة غير مساعدة للانطلاق فربما فرحنا بالقرار الرئاسي بتعيين تعز عاصمة الثقافي لكنا لم نر حتى الآن خطوات جادة تصب في الاتجاه الذي من أجله تم التعيين ،وكوني شاعرا مبتدئا بحاجة إلى منتديات فكرية وملتقيات شبابية ومناخ مساعد يمهد الطريق نحو الانطلاق ، فالشاعر والمثقف والأديب والكاتب الخ،لا يريد أكثر من أن تقرأ كلماته ويسمع صوته وتصل رسالته. الإنشاد رسالة سامية وللقرار من وجهة نظر الفنانين صدى فيجيب المنشد عمرو الأهدل حيث يقول: تعز مدينة رائعة وتكتمل روعتها بثقافتها المتبادلة بين سكانها ، والقرار الذي تم إصداره لاحقاً بأن تكون الجوهرة المكنونة تعز هي عاصمة الثقافة يثلج الصدر ويأتي بالبشريات... وبالفعل هي مصدر الثقافة وأم الإبداع وهي لوحة الفنون وأخص جانب الفن الإنشادي فهي تحتوي على كوكبة من المنشدين أصحاب الأصوات الندية والترانيم الموسيقية الجميلة.. وعن دوحة ميدانه الذي يجد صوته فيها، يدلف بحروفه مجيباً : النشيد يعتبر غذاء الروح ورسالة سامية توصلك إلى الجمهور بما لا تستطيع أن تصل إليهم بغيره ، فلذلك أرى بأن الاهتمام بهذا الجمال أمر في غاية الأهمية لما له من تأثير وجداني وعاطفي على أحزان وأفراح متلقيه، داعياً الجهات المختصة إلى الالتفات الجاد في بناء بنية تحتية وأرضية صلبة للإنشاد للوصول إلى النجومية وخدمة الأوطان. أمل في القرار مع الأمنية هي ومثيلاتها وغيرها في أعوام الأمنيات ورسم أحلام القادم والبحث عنه.. تلقت القرار بأملٍ يشع منه الطموح في أمنية الحقيقة كواقعٍ ملموس لا كتابة فقط الطالبة / ناهد عبده : فتح القرار نافذة أمل لنا كطلاب نبحث عن مستقبل مشرق نجد فيه كل وسائل ومقومات النجاح التي سينبثق منها عطاؤنا لمدينتنا ووطننا.. ولذا نتمنى من هذا القرار أن يكون الآلية التنفيذية لتهيئة مناخ مناسب تتحقق فيه كل الآمال والأحلام وتصبح حقيقة ثابتة في أرض الواقع.. أخيراً في الأخير يمكننا القول : قرار ممهور بالذهب الخام لغرفةٍ مظلمة ومغلقة نتيجة الإهمال تشع ضوءا ضئيلاً بجهدها المتواضع من بين شقوق جدران التقصير القاسي لمسارحٍ أوشكت على الهلاك ...وسينما دُفنت وهي حية أمام أنظار الجميع....فمن للثقافة بعد القرار؟ومتى سنجني الثمار؟