ما أن اتضحت صورة الهجوم الذي استهدف منشأة الغاز في أن أميناس جنوب شرق الجزائر، حتى عاد إلى الساحة اسم تداوله الجزائريون ومعهم أهل المغرب العربي في السنوات الماضية، ألا وهو مختار بلمختار المكنى أيضا ب"بلعور" و"مستر مارلبورو" والذي تزعم "كتيبة الملثمين" التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب حتى أواخر العام الماضي. وأشارت تقارير إلى أن بلمختار الذي يلقب نفسه ب"خالد أبو العباس"، شكل بعد بروز خلافات بين قيادات تنظيم القاعدة في المنطقة أدت إلى عزله وبالتالي انشقاقه، مجموعة جديدة أطلقها عليها اسم "الموقعون بالدماء" لتنضم إلى مجلس شورى المجاهدين الذي ينشط في شمال مالي. وتفيد الأنباء الواردة من الجزائر بأن "الموقعون بالدماء" وزعيمها الجديد هم المسؤولون عن الهجوم الذي خلف قتيلين وعدة جرحى، علاوة على احتجاز رهائن بينهم عشرات من الأجانب. من هو بلمختار ولد بلمختار الذي يعرف أيضا باسم "بلعور"، في مدينة غرداية التي تبعد نحو 600 كلم جنوب العاصمة الجزائرية عام 1972، وتبنى أفكارا متشددة قادته إلى أفغانستان حيث قاتل القوات الروسية إلى جانب المقاتلين العرب وحركة طالبان. لقب "بلعور" ويعني الأعور باللهجة الجزائرية، التصق بلمختار بعد انفجار لغم أرضي خلال تواجده في أفغانستان حيث قضى نحو عام ونصف، أفقده البصر في عينه اليسرى. وبرز اسم بلمختار مطلع تسعينات القرن الماضي كتاجر ومهرب سلاح مع اتساع نطاق الصراع المسلح في الجزائر بين الإسلاميين الذين حققوا فوزا كبيرا في انتخابات عام 1991 والجيش الجزائري الذي رفض قادته الاعتراف بنتائجها. وأصبح في ذروة الصراع الجزائري من أكبر مزودي السلاح والمال للجماعات الإسلامية المتشددة. وأسهم دوره في دعم وتمويل الإسلاميين في صعوده هرم القيادة في الجماعات المتشددة ليصبح مع نهاية القتال في الجزائر عام 2002 أميرا لفرع تنظيم القاعدة في الصحراء بعد مقتل سلفه أبو عبد الرحمن أمين. "مستر مارلبورو" دعمه المادي للجماعات الإسلامية في المنطقة لم يأت من تجارة وتهريب السلاح فقط، بل السجائر عبر الحدود أيضا، حتى عرف محليا وفي وسائل الاعلام ب"مستر مارلبورو"، في إشارة إلى ماركة سجائر مارلبورو الأميركية. شارك "مستر مارلبورو" في عدة عمليات في موريتانياوالجزائر والنيجر، يتعلق بعضها بقتل وخطف مواطنين أجانب، حتى وضعته أجهزة مخابرات أجنبية على لائحة أخطر "الإرهابيين" في منطقة المغرب العربي. وأصدرت محاكم جزائرية أحكاما غيابية على بلمختار كان أولها بالسجن المؤبد عام 2004 بعد إدانته بتهمة تشكيل تنظيم إرهابي وحيازة أسلحة غير مرخصة، ثم بالسجن لمدة 20 عاما بتهم خطف أجانب وتهريب أسلحة، ثم أدين عام 2008 بجريمة قتل موظفين حكوميين في الجزائر، حكم عليه فيها بالإعدام. وأعلن موت بلمختار مرتين في السابق كان أخراهما في شهر يونيو/ حزيران الماضي، لكنه عاد وظهر في شريط فيديو نشره متشددون في ديسمبر/كانون الأول الماضي. الخلاف مع قادة القاعدة وتقر المخابرات الفرنسية بصعوبة اعتقال بلمختار الذي عاش في الصحراء واتخذ من الترحال الدائم وسيلة للبقاء بعيدا عن الأنظار، ولقبه البعض ب"ثعلب الصحراء". ولا تعرف تحديدا طبيعة الخلافات التي دفعت زعيم تنظيم القاعدة في دول المغرب الإسلامي عبد المالك درودكال إلى عزل بلمختار عن إمارة "كتيبة الملثمين"، لكن خبراء أمنيين يشيرون إلى أن بعض قيادات الجماعات المتشددة ترى في بلمختار رجلا شديد التهور والجموح.