يسود هدوء حذر في محيط القصر الرئاسي في القاهرة والشوارع المؤدية إليه، بعد تراجع عدد المتظاهرين الذين تجمعوا حوله مساء الاثنين للاحتفال بالذكرى الثانية لتنحي الرئيس المصري السابق حسني مبارك. وصرح مصدر في وزارة الداخلية المصرية بأن أجهزة الأمن ألقت القبض على 21 شخصا خلال الاشتباكات التي شهدها محيط قصر الاتحادية الليلة الماضية بين المتظاهرين وقوات الأمن. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن المصدر القول "إنه تم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيال المضبوطين، وإحالتهم إلى نيابة مصر الجديدة لمباشرة التحقيق معهم". وفي سياق متصل، قالت الوكالة إنه تم إخلاء سبيل 19 شخصا ألقي القبض عليهم خلال أحداث العنف التي شهدها قصر الاتحادية خلال "جمعة الكرامة"، ثم استأنفت النيابة العامة على قرار الإفراج عنهم، تم ترحيلهم جميعا إلى سجن طره. وكان المستشار إبراهيم صالح رئيس نيابة مصر الجديدة قد طعن بالاستئناف على قرار قاضي المعارضات بمحكمة الجنح الصادر بإخلاء سبيل 19 متهما بارتكاب أعمال العنف والشغب التي وقعت أمام قصر الاتحادية الجمعة الماضية ، وتحددت جلسة غدا الأربعاء لنظر طعن النيابة العامة أمام محكمة جنح مستأنف مصر الجديدة. مصادمات أمام القصر الرئاسي استخدمت قوات الأمن المصرية الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين رشقوا القصر الرئاسي (الاتحادية) في القاهرة بالحجارة في الذكرى الثانية لتنحي الرئيس السابق حسني مبارك. وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية إن العشرات أصيبوا في المواجهات بعد إطلاق الغاز تجاه المتظاهرين الذين حاولوا إزالة الأسلاك الشائكة المحيطة بالقصر. وقال مسؤول إعلامي في وزارة الداخلية إن المسيرات بدأت سلمية قبل أن تتحول إلى استخدام العنف بإلقاء الحجارة تجاه القصر، ما استدعى تدخل الشرطة لحمايته وإبعاد المتظاهرين. وقد خرجت مسيرة ضمت مئات المتظاهرين تجاه قصر الاتحادية فيما توجهت أخرى تجاه ميدان التحرير، رمز الثورة المصرية. ورفع المتظاهرون شعارات منها "الشعب يريد إسقاط النظام" و"يسقط يسقط حكم المرشد" في إشارة إلى المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع. نشاط كروي في ميدان التحرير وأوقف ناشطون حركة سير مترو الأنفاق وسط القاهرة لفترة وجيزة كما منعوا عبور السيارات فوق أحد الجسور بالقرب من ميدان التحرير. وخرجت مسيرات أخرى في الإسكندرية ردد المشاركون فيها شعارات مناهضة لحكم الرئيس محمد مرسي. ووقعت اشتباكات في مدينة طنطا عاصمة محافظة الغربية شمال القاهرة، حيث ألقى المتظاهرون الحجارة على قوات الأمن التي ردت بإطلاق الغاز المسيل للدموع. وقالت مصادر صحافية محلية إن متظاهرين أشعلوا النيران في شارع البحر، وهو أحد الشوارع الرئيسية في مدينة طنطا. وكانت حركات وأحزاب معارضة قد دعت إلى التظاهر في الذكرى الثانية لتنحي مبارك لمطالبة مرسي بتحقيق أهداف الثورة وهي "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية"، فضلا عن تعديل الدستور وإقامة حكومة وحدة وطنية وإقالة النائب العام. مسيرات وفي لقاء مع "راديو سوا " ، حمل تامر فؤاد القاضي، وهو أحد شباب الثورة السلطة المسؤولية السياسية عن أحداث العنف، مؤكدا أن المتظاهرين يتمسكون بسلمية التظاهرات. في غضون ذلك، نقلت صحيفة المصري اليوم بيانا لشباب جبهة الإنقاذ المصرية، وهي الائتلاف الرئيسي للمعارضة، دعوا فيه إلى محاكمة شعبية للرئيس مرسي ونظامه وقيادات في جماعة الإخوان المسلمين وحملتهم المسؤولية عن "قتل وسحل المواطنين". بدوره، جدد المتحدث باسم الرئاسة المصرية ياسر علي الدعوة إلى رفع أي غطاء سياسي عن العنف في الشارع المصري قائلا "إنه مرفوض". ودعا علي القوى السياسية إلى الوقوف "بشكل رسمي" ضد هذا العنف مؤكدا أن قوات الأمن "تلتزم بأقصى حد لضبط النفس حتى لا تحدث إصابات، فالتظاهر السلمي مقبول وأي خروج عن السلمية سيتم التعامل معه بحزم". ورأى المحلل السياسي الدكتور طارق الغزالي أن السلطة والمتظاهرين يراهنون على ملل الآخر، فجماعة الإخوان تعتقد أن المظاهرات "سوف تتوقف بعد أن يصاب الشارع بالملل وفي ذات الوقت فإن الشباب حريصون على إبعاد هذا الشعور بالتوجه إلى المواطنين وتوعيتهم بتحقيق أهداف الثورة". ومع اتهامات متبادلة بين السلطة والمعارضة باستخدام العنف، تبادلت وسائل إعلام محلية لقطات مصورة تظهر ملثمين يطلقون النار على قوات الأمن المركزي: دعوة أميركية للتهدئة في غضون ذلك، حثت الخارجية الأميركية مصر على العمل على وقف العنف لتجنيب البلاد أي خسائر خاصة الاقتصادية منها، وذلك بحسب بيان للمتحدثة باسم الوزارة فيكتوريا نولاند. وقالت نولاند "إننا نراقب مرور هذه الذكرى (تنحي مبارك) ونريد رؤية السلام في شوارع مصر". ودعت إلى حوار بين الزعماء والقوى السياسية المختلفة في مصر من أجل المضي قدما لحل "القضايا الحساسة كالاقتصاد وحكم القانون واحترام الحقوق العالمية لحقوق الإنسان". أزمة اقتصادية وفضلا عن الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد، فإن معدلات التضخم تشهد ارتفاعا، كما زاد عجز الموازنة وتراجعت الاستثمارات وتفاقم الدين الداخلي والخارجي. وأرجع أستاذ الاقتصاد حمدي عبد العظيم في لقاء مع "راديو سوا" الأزمة الاقتصادية إلى "ضعف الرؤية الحكومية وعدم وجود منهج واضح لديها". واتهم الحكومة بانتهاج سياسية "إطفاء الحرائق وابتكار الحلول المؤقتة وترك المشكلات الجوهرية تتوغل في جسد الاقتصاد".