صعدة: إصابة مواطن بنيران العدو السعودي بمديرية منبه    انطلاق البطولة التنشيطية المفتوحة للأندية للملاكمة    تحقيق أمريكي جديد يكشف انهيار البحرية الأمريكية أمام العمليات    الأمن في حضرموت: بن حبريش متمرد ومطلوب للعدالة بأوامر قضائية    القبض على 7 متهمين بالاعتداء على طفل في دمت ( الأسماء)    الإحباط يضرب النخب اليمنية للمرة الأولى منذ 31 عامًا بعد الهزائم في حضرموت    حماس: هلاك العميل أبو شباب مصير حتمي لكل من يخون شعبه    عشرات القتلى بينهم أطفال في هجوم الدعم السريع على جنوب كردفان    توحيد الصف الجنوبي... ضرورة لا تحتمل التأجيل    تفاصيل قرعة المونديال مساء اليوم    الاتحاد العربي لكرة القدم يختار الجمهور الأفضل في الجولة الأولى لكأس العرب 2025    71 يومًا بين الظلام والصمت .. صرخة أهالي المختفين قسريًا    الهجرة الدولية تسجل نزوح 50 أسرة يمنية خلال الأسبوع الفائت    قوات درع الوطن تتسلم معسكرًا لأبرز ألوية المنطقة العسكرية الأولى في صحراء حضرموت    فقيد الوطن و الساحه الفنية الشاعر سالم زين عدس    الصحفي والأديب والقاص المتألق عزالدين العامري    شركة بترومسيلة تصدر بيانًا بعد ساعات من مواجهات عسكرية في محيطها    البرلمان الجزائري يصادق على أكبر موازنة بتاريخ البلاد لعام 2026    شباب الراهدة يتأهل إلى نهائي بطولة الشهيد الغُماري في تعز    صنعاء.. البنك المركزي يحدد الجهات التي سيتم عبرها صرف نصف مرتب أكتوبر 2025    ( ظل السقوط )    حضرموت وشبوة.. قلب الجنوب القديم الذي هزم ممالك اليمن عبر العصور    الرئيس المشاط يعزّي مستشار المجلس السياسي محمد أنعم في وفاة والده    المنتخب اليمني يفتتح بطولة كأس الخليج بفوز مثير    تدشين حصاد القمح المحسن في جحانة بمحافظة صنعاء    تسجيل هزة أرضية في خليج عدن    منتخبنا الوطني يستهل مشواره في بطولة كأس الخليج بالفوز على العراق    الخارجية الفلسطينية ترحب ببيان قادة مجلس التعاون الخليجي    وزير الصناعة يتفقد أسواق مأرب ويشدد على ضبط الأسعار    الكثيري يتفقد جرحى القوات المسلحة الجنوبية في مستشفى سيئون العام    دعوة للتركيز على المستقبل    مشروع جديد لصون المعالم الدينية والتاريخية في البيضاء    صنعاء.. شركة الغاز تمهل مالكي المحطات لتحويلها إلى محطات نموذجية    العراق يصنف مليشيا الحوثي وحزب الله تنظيمات إرهابية ويقرر تجميد أصولهما المالية    تحذيرات من انهيار جديد للدينارالعراقي وسط قفزات الدولار    هيئة الآثار تنشر أبحاثاً جديدة حول نقوش المسند وتاريخ اليمن القديم    الأرصاد يحذر من تشكّل الصقيع على أجزاء من المرتفعات    اتفاق المكلا حبر على ورق.. والنخبة تعلن السيطرة على المسيلة ومصير مجهول ل"ابن حبريش" و"العوبثاني"    قوات الانتقالي تصل المهرة بعد سيطرتها على وحدات عسكرية في صحراء حضرموت    تراجع الذهب مع توخّي المستثمرين الحذر قبل اجتماع «الفيدرالي»    ريال مدريد يعود لسكة الانتصارات ويواصل مطاردة برشلونة    وكيل وزارة الكهرباء يلتقي فريق التوعية ومتابعة تفعيل الخط المجاني بهيئة مكافحة الفساد    مدير فرع الأحوال المدنية بذمار: نحرص على تقديم النموذج الأرقى في خدمة المواطنين    اختتام الدورة التدريبية الخاصة بأمناء المخازن وموزعي الادوية في الشركات    دراسة حديثة تكشف دور الشتاء في مضاعفة خطر النوبات القلبية    تأخير الهاتف الذكي يقلل المخاطر الصحية لدى المراهقين    قرار حكومي بمنع اصطياد وتسويق السلاحف البحرية لحمايتها من الانقراض    عن الطالبانية الجامعية وفضيحة "حمّام الطواشي"    إدارة ترامب توقف رسمياً إجراءات الهجرة والتجنيس للقادمين بعد 2021 من 19 دولة بينها اليمن    ندوة ولقاء نسائي في زبيد بذكرى ميلاد الزهراء    مواطنون يشكون تضرر الموارد المائية لمناطقهم جراء الأنفاق الحوثية في إب    كلية المجتمع في ذمار تنظم فعالية بذكرى ميلاد الزهراء    برشلونة يقترب من ضم موهبة مصرية لتعزيز الهجوم    الهيئة النسائية في تعز تدشن فعاليات إحياء ذكرى ميلاد الزهراء    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    تقرير أممي: معدل وفيات الكوليرا في اليمن ثالث أعلى مستوى عالميًا    في وداع مهندس التدبّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تائه في بلاد العم سام .. ودرس من حبة طماطم
نشر في يمنات يوم 29 - 08 - 2025


محمد مصطفى
منذ ستة أيام، خرجت من منزلي في مدينة ديربورن دكس بولاية ميشيغان، متوجهًا لزيارة صديق يسكن على بُعد ست دقائق فقط. كالعادة، استعنت بال GPS، فوصلت بدقة دون أي مشكلة تُذكر.
لكن أثناء العودة، وضعت عنوان منزلي مرة أخرى. وما إن بدأت القيادة حتى وجدت نفسي على طرق سريعة تربط بين الولايات، وتجاوزتُ منطقة الداون تاون دون أن أدرك، حتى وصلت إلى مسافة دقيقتين فقط من الحدود الكندية! بقيت أتنقّل بين الكباري والمخارج، متخبطًا في المسارات، وال GPS يعيدني إلى نفس الطريق بلا فائدة. ثلاث ساعات ونصف ضياع، لمسافة لا تتجاوز دقائق معدودة!
أعدت إدخال العنوان، ظنًا أنني أخطأت، لكن لا جديد. طلبت من زوجتي إرسال موقعي، فبعثته بخريطة على الهاتف. تبعتها، لكنها أخذتني إلى نفس الطرق الطويلة. وقفت جانبًا، أنهكني التعب والقلق، بحثت حولي عن أي ملامح أو وجوه مألوفة. لمحْتُ سوبرماركت صغيرًا، فدخلت إليه على أمل أن أجد من يفهمني.
في الداخل، كانت هناك سيدة أمام الكاشير، يبدو عليها أنها من الشرق الأوسط. رجل يقف خلفها يحمل كيسًا فيه حبة طماطم، وحبة بصل، وحبة بطاطا. انتظرت حتى أنهت حسابها، ثم ألقيت التحية بالعربية، فأجابتني بلهجة جزائرية دافئة.
شرحت لها موقفي، فرحبت بي وقالت إنها ستنتظر زوجها ليستلم منها المحل، ثم تخرج بسيارتها وتدلّني على الطريق. شكرتها بلطف واعتذرت، وطلبت منها فقط إرسال موقعي لزوجتي.
وبالفعل، لم تمضِ دقائق حتى وصلت زوجتي وابنتي الصغيرة "دانيا" إلى مكاني بسيارتهما. ركبت سيارتي، وسرت خلفهما بهدوء حتى عدنا إلى منزلنا بسلام، والحمد لله على نعمة الوصول.
لكن الموقف لم ينتهِ هنا…
دار بيني وبين السيدة حديث عن العمل، فقالت إنها تفكر في بيع السوبرماركت رغم أنه في موقع ممتاز. سألتها بدهشة عن السبب، فقالت:
"معظم الزبائن هنا من أصول غربية. يشترون بالحبة… لا بالكميات. لا يوجد استهلاك مثل الجاليات العربية."
توقفت لحظة وتأملت ما قالته. تذكرت مشهد الكيس البسيط في يد الرجل، فيه ثلاث حبات فقط. وتذكرت ما نفعله نحن — نشتري بالكيلو، ونطبخ بالكميات، ونرمي بالبقايا. في الأفراح، في العزائم، في التجمعات، يرمى من نعم الله ما يكفي لإطعام عشرات.
كم مرة رميت فيها طعامًا في الزبالة؟ كم مرة اشتريت أكثر مما أحتاج؟ كم مرة قلت "خلينا نزيد… يمكن ما يكفي"؟ نسينا أن النعمة إن لم تُشكر زالت، وإن لم تُصن تلفت.
في تلك اللحظات، علّمتني تلك السيدة درسًا، وعلّمتني ابنتي الصغيرة "دانيا" درسًا أعظم: استخدمت الخرائط، وفهمت الاتجاهات، وأرشدت والدها التائه، بلغة غير لغته، وثقة تفوق سنّها.
الدرس الأهم:
في قلب الغربة، وبين طرق لا تنتهي، تعلمت ما لم أتعلمه في عشرات السنوات:
أن النعمة لا تُقاس بوفرتها بل بوعي من يملكها.
أن الاعتماد على النفس، والهدوء وقت الأزمات، كنز لا يُقدّر بثمن.
أن التبذير عادة نخسر بها البركة، ونعتادها حتى تصبح جزءًا من ثقافتنا.
رسالتي لكل عربي في المهجر:
تعلّم من الغرب بساطتهم.
اشترِ بقدر حاجتك، ولا تُهدر ما رزقك الله به.
ربما تجد البركة في حبة طماطم واحدة... كما وجدتها أنا في كرم سيدة جزائرية، وذكاء طفلة يمنية، وتعاون زوجة محبة.
انشر القصة، فقد توقظ ضميرًا، وتغيّر سلوكًا... والنية لله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.