"عرض الإنتاج المعرفي دعوة إلى المزيد من إبداع الأفكار من أجل التقدم"ولكن من المفارقات التي تخطر على بال كثير من الزائرين لمعارض الكتب، في كبريات مدن العالم المعاصرة هو غلبة الفضول، والاطلاع "العابر"على ما تقدمه هذه المعارض من معروضات "ثقافية«، سواء على صعيد الكتاب الورقي أم الثقافة الإلكترونية، ومن هذه المفارقات أيضاً انكباب الكثرة المطلقة من جمهور المعارض وهذه ربما خاصية من خصوصيات المعارض في المدن العربية، أعني التركيز على كتب الطبخ والأبراج والكتب الدينية، وثالث هذه المفارقات وهي لا تخلو من غرابة أعني تراجع المعرفة على مستوى الأفراد والجماعات لحساب وسائل نقل المعلومات وتصديرها أفقياً (سطحياً) في عالم اليوم . والواقع أن معرض الشارقة الدولي للكتاب السنوي يشكل زخماً ملحوظاً ومباشرا يدعو إلى تأسيس وتكوين مجتمع (قارئ)، ومعنى ذلك تطوير ما كنت قد دعوته في بحث نشرته منذ سنوات، أقصد: (العقل الاجتماعي) والارتقاء به نحو إعمال الفكر، والعيش وسط مشكلات الوطن العربي والإسلامي والعالم اليوم، ولكن "بروح مفكرة"وليس كمشاهد سلبي، ليس لديه عناصر الوعي الفكري، أي المعرفة والفهم والتحليل وتكوين الرأي "المفكر"ومن ثم الانطلاق من هذه العمليات إلى الفعل الواعي وأن ما يعرض في المعرض ليس فقط ما يلبي اهتمام ذوي الاطلاع العابر والفضولي، بل هو موجه أصلاً إلى الجمهور ليستدعي الانهماك الجاد في انضاج فكره، وتنمية تفكيره "العقلي"ورؤية واقعه والواقع المحلي والدولي والإقليمي والعالمي، رؤية تصحبها المعرفة، خاصة أن المعرفة هي قوة، ومن المعلوم للجميع أن كل إبداعات البشر في العلم والفلسفة والأدب والفنون تتجسد في الكتاب، سواء كان ورقياً على الطريقة التقليدية أم إلكترونياً عبر وسائل وتقنيات العصر . وتتعدد الوسائل والهدف واحد هو نضوج العقل الفردي والاجتماعي، والمعرض عادة يذكر الجميع أن المعرفة هنا فتعالوا وانهلوا ما شئتم، وفكروا وتعالوا لنتحاور من خلال اللقاءات في بهو وصالات وقاعات مخصصة للحوار الذي يفترض أن يعكس آراء وأفكاراً على هامش المعروض من المعارف والعلوم، ولكن بنكهة خاصة بكل مشارك بهذه الفعاليات والأنشطة المصاحبة، والمفترض أن تعكس تلاقحاً وجدلاً خصباً، وتدعو هذه الظاهرة بدورها إلى "التفكير"كما دعت صالات عرض الكتب بدورها إليه، فهي عملية متكاملة لتطور العمل الثقافي في أنها تخلق فرصة رائعة "لتوليد الأفكار"وهو ما تصنعه الشارقة، إضافة إلى أنشطة أخرى في حاضرتها والمتعلقة بالفنون والأدب والعلم، ونشر إبداعات مختلفة في عملية إنتاج فكري دائم يتجاوز مرحلة المعرض المؤقتة، فالشارقة حاضنة ثقافية بامتياز .