«أفكار شيطانية» تلك التي تفتق عنها ذهن بعض أعضاء مجلس الصوت الواحد تحت قبة عبدالله السالم في مجلس الأمة، عندما اقترحوا «رفع أسعار البنزين على سيارات الوافدين» كحل فعال للأزمة المرورية التي تعاني منها شوارع الكويت.. ليضاف هذا الاقتراح إلى مجموعة اقتراحات سابقة، منها رفع قيمة تجديد دفتر السيارة، وقبله رفع رسوم الحصول على رخصة القيادة، وقبلها وضع شروط «تعجيزية» لحصول الوافد على تلك الرخصة. وهذه الحلول تعبر في ما تعبر عنه أن نوابنا الكرام «يعرفون ويحرفون»، فهل فعلا الوافدون هم سبب الأزمة المرورية؟ وكم سيارة للوافدين تسير في شارع مكتظ بالسيارات من أوله إلى آخره؟ ثم هل يدخل في حساباتهم سائقو العائلات الكويتية الذين يقودون سيارات «المعزب» لتوصيل الأبناء والبنات وأحيانا الزوجة إلى المدارس والجامعات والوظيفة؟ أؤكد أن الصواب جانب تلك الاقتراحات التي تدور حول المشكلة ولا تجرؤ على اقتحام حقيقتها، تماما كمن يصب الماء على رأس العطشان دون أن يسقيه رشفة منه! وحسنا كان رد النائب عبد الصمد على ما اقترح بأن هذه المقترحات ستحول الكويت إلى «دولة عزّاب» فتكثر فيها المشاكل التي تخل بالأمن، مؤكدا أن المواطنين هم وراء لب المشكلة ما تشهده الشوارع من حوادث جسيمة. وأما مسألة التضييق على الوافدين فليس الاقتراح الذي ذكرناه حلقة أولى فيها، فقد بدأ ذلك منذ أن طبقت وزارة الصحة نظام التأمين الصحي عليهم، وربطت وزارة الداخلية تجديد إقاماتهم بالحصول على التأمين الصحي الذي يدر الملايين التي لم تستفد منها الوزارة شيئا، حيث يجب على الوافد رب الأسرة المكونة من زوجة وثلاثة أولاد على سبيل المثال دفع 200 دينار لتجديد إقاماتهم سنة واحدة، فيما مشاريع الوزارة ببناء مستشفيات التأمين الصحي ما زالت في الأدراج وعلى صفحات الجرائد. هذا عدا المقترح «العنصري» بتخصيص العيادات الخارجية في المستشفيات للمواطنين في الفترة الصباحية فيما على الوافد المريض أن ينتظر حتى المساء ليراجع العيادة، ولا ندري ما مصير فتح تلك العيادات مساء للمواطنين فقط الذي نفذ منذ فترة. فهل هذه الإجراءات ستخفف من الزحام في العيادات كما يدعون أم أنها مجرد نوع من «الفصل العنصري» الذي بدأ يظهر بقوة في الآونة الأخيرة، ويعيدنا سنوات إلى الوراء لنصبح في مصاف الدول العنصرية التي صنفت في هذا الإطار وفق ما شهدته من التمييز بين مواطنيها. وهنا أريد أن أسأل النواب المحترمين ومسؤولي بعض الوزارات ذات الصلة بالوافدين، هل رأيتم مثل هذه المقترحات والخطوات في أي دولة من دول الخليج العربية؟ أعتقد أن الجواب سيكون بالنفي، ليتأكد لنا بما لا يدع مجالا للشك أننا نسعى للتميز عن محيطنا ولكن في كل ما يشوه صورتنا وكأننا بحاجة إلى مثل هذه الأمور لتزداد صورتنا سوادا! ثم أسأل ذوي الشأن المحترمين: هل الوافدون جاؤوا من كوكب آخر؟ هل فكرتم لو اتفق المعلمون الوافدون على رأي واحد وقرروا الإضراب احتجاجا على التضييق، ماذا سيحل بمدارسنا؟ ولو تضامن معهم الأطباء وأضربوا فماذا سيحل بمستشفياتنا ومراكزنا الصحية؟ وهل ستستطيع قوات الحرس الوطني المدربة لمواجهة الإضرابات سد العجز في المدارس والمستشفيات؟! أعترف أن هناك عمالة هامشية كبيرة وأشد على يد وزيرة الشؤون بقرار التخفيف منها بواقع 100 ألف سنويا، ولكن رأفة بالعمالة الماهرة التي تحمل عبء العمل في مرافقنا الحساسة التي لا يستطيع المواطنون إدارتها أو سد العجز فيها بمفردهم. وعسى الله يصلح الحال. د. حمد العصيدان @Dr_alasidan [email protected]