إن الإيجابية سمة من سمات المجتمع المسلم وصفة من صفاته التي تدعو الفرد المسلم أن يكون عنصرا فعالا في المجتمع يبني ويعمر ويسعى بالخير أين كان، الإيجابية لها تأثير ثنائي الأبعاد فهي عامل مشترك يقع دائما بين الفرد والمجتمع، فهناك ما يسمى بالإيجابية الفردية والتي تشتمل على الارتقاء بالنفس وتطويرها والثانية الإيجابية الاجتماعية أو الجماعية وهى قدرة الفرد على التفاعل مع قضايا مجتمعه والمشاركة في الأحداث وصنع القرار، فالمسلم الحقيقي هو من يكون لديه التأثير الايجابي على نفسه وعلى الآخرين، وأن يكون الهدف من تصرفاتنا النظرة إلى النتيجة المتحققة وما هو التصرف الذي يحقق المصلحة عندما نعي هذا الأمر سوف تتحول تصرفاتنا وأفعالنا بشكل كبير للأفضل وسوف نتحكم بمشاعرنا لأن همنا ليس تحقيق مصلحة ذاتية وليست الفردية والأنانية وحب الذات بل التأثير الايجابي على الغير،لذلك يتحلى المسلم بمحاسن الآداب ومكارم الأخلاق التي تنظم حياة المجتمع الإسلامي وتكفل له السعادة والعيش بسلام وأمان ومحبة ووئام وبعد عن الفرقة والخصام فلا ينشغل المرء بنفسه دون إخوانه بل تجده إيجابي يدعو إلى الخير يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وهذا ما جعل لأمتنا الخيرية على بقية الأمم والأفضلية التي خصنا الله بها كنتم خير أمة أخرجت للناس. فمن قيم الإسلام الراقية وآدابه العالية أدب الطريق والذي يحقق صلة المجتمع بعضه ببعض فتجعله كالجسد الواحد مما ينبغي على الجميع التأدب بها والالتزام بها فالطريق حق عام وهو ملك لكل الناس والجميع لهم حق الانتفاع به، ونظرا لأهمية الموضوع فمازال الحديث ممتد بنا حول أهمية معرفة الحقوق العامة وما يورث انتشار المحبة بين أفراد المجتمع وذلك من عظيم الهدي النبوي من خلال قول النبي صلى الله عليه وسلم:(إياكم والجلوس على الطرقات فقالوا: ما لنا بد إنما هي مجالسنا نتحدث فيها قال صلى الله عليه وسلم: فإذا أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقها قالوا: وما حق الطريق؟ قال صلى الله عليه وسلم: غض البصر وكف الأذى ورد السلام وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر) متفق عليه، وهنا تبرز أهمية الايجابية وإنها تحقق الجوانب الدينية والاجتماعية والذاتية، فهي تحقيق للدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن من يتمتع بالإيجابية يكون همه صلاح الأمة والسعي لوحدتها وقوتها والابتعاد عن أي تصرف يفسد ويهدم، فهو ينسى كيانه وذاته والانتصار لنفسه ويكون همه أعلى وهدفه أسمى، فلو أن مجتمعا يتصف أفراده بالصدق والايجابية لحقق هذا المجتمع صلاحا عظيما وانجازا رائعا، فمن يتمتع بهذا يحفز ويشجع على عكس من يثبط ويحبط ويكون صاحب نظرة تفاؤلية بشروا ولا تنفروا فهو مقبول عند الله وعند الناس لأن همه ليس تصيد أخطاء الآخرين بل إصلاحها، فأي درجة عظيمة يبلغها الإنسان الايجابي درجة ينسى فيها نفسه ومشاعره ويكون همه الآخرين وإصلاح المجتمع بقدر ما يستطيع،انه ارتقاء بالنفس لمنزلة عليا والسمو بالروح إلى خارج نطاق الإطار البشري المحدود وخارج القيود الأرضية الضيقة. لذا يجب أن تكون هناك مبادرة من جانب أي إنسان لكى يكون صالحا مصلحا يسعى بالخير وينميه ويحث عليه ويبتعد عن الشر وينهى عنه حبذا لوقع نظره في الطريق على السلبيات فإنه يجتهد لإصلاحها وينظر الإيجابيات ويقلدها فهو إيجابي تجاه نفسه وتجاه البيئة المحيطة به ألا وهى مسئوليته الاجتماعية تجاه الأفراد الذين يعيش بينهم ويتفاعل معهم، فهو مسئول عن عمله إن خيرا فسوف يجزى به وإن شرا فسوف يعاقب عليه ويؤتى يوم القيامة كتابه إما بيمينه أو بشماله فهو يقوم بدوره وواجباته في المجتمع،انطلاقا من المسؤولية التي سيسأل عنها يوم القيامة فكل عبد سوف يأتي الله عز وجل فردا، فالأنسان في مجتمعه يمارس مجموعة من المسؤوليات التي يفرضها عليه هدي الدين الحنيف ومبادئه وقيمه،فعلى حسب مقدار معرفة الفرد لمسؤولياته وفهمه لها ثم حرصه على تحقيق المصلحة والفائدة المرجوة منها مما يجعل المجتمع متعاونا فعالا تسوده مشاعر الانسجام والمودة بين أفراده، فاستمع إلى عبد الله بن عباس وهو يقول (إن للحسنة ضياء في الوجه ونورا في القلب وسعة في الرزق وقوة في البدن ومحبة في قلوب الخلق ووإن للسيئة سوادا في الوجه وظلمة في القبر والقلب ووهنا في البدن ونقص في الرزق وبغضة في قلوب الخلق) فإقامة قيم الدين وأحكامه وآدابه يحصل بها النجاة لمن أقامها وأقيمت عليه وإلا هلك العاصي بالمعصية والساكت بالرضا بها وفي هذا استحقاق العقوبة بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومعلوم أن المجتمع الإسلامي كالسفينة والناس ركابها فلو فسدت السفينة غرق أصحابها ولو صلحت السفينة نجا اصحابها.