أكد خبراء في صناعة الصيرفة الإسلامية، أن دبي تمتلك كل المقومات التي تحولها إلى مركز عالمي للتحكيم وفض النزاعات في قطاع الخدمات المالية الإسلامية، وبما يعزز المبادرة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بتحويل الإمارة إلى عاصمة للاقتصاد الإسلامي. وأشار الخبراء في مؤتمر عقد في دبي أمس، حول تسوية النزاعات في صناعة الخدمات المالية الإسلامية، إلى أن الإمارة مؤهلة تماماً لأن تكون مقصداً عالمياً لتسوية النزاعات في هذا القطاع الحيوي، بما تملكه من بنية تحتية عالمية، ومبادرات ومشاريع جعلت منها محط اهتمام العالم. وفي كلمة افتتح بها المؤتمر، أكد عبد الستار الخويلدي الأمين العام للمركز، على العوامل المواتية والآفاق الرحبة للتحكيم، حيث لا يخلو عقد من العقود الدولية من شرط التحكيم، فضلاً عن الاعتراف بالتحكيم في كافة المجتمعات على اختلاف نظمها القانونية وأوضاعها الاقتصادية والمالية، معتبراً أن مسار التحكيم هو المسار المشترك لكل المسارات الأخرى، بفضل الخدمة التي يؤديها لبقية المسارات. وأشاد بجهود الإمارات في تعزيز معايير التحكيم، من خلال استضافتها لمقر المركز، وتوفير كل مقومات الدعم له، وتتويجها بمبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد لتحويل دبي كعاصمة للاقتصاد الإسلامي. وقال الخويلدي إن هذه المبادرة جاءت تتويجاً لقطاع الصيرفة الإسلامية، الذي يشهد في دبي تطوراً نوعياً منذ أكثر من ثلاثة عقود، بفضل القوى الذاتية لهذا القطاع إنتاجاً وتوزيعاً، فضلاً عن توفير كل مقومات النجاح له في الإمارات عموماً، ودبي خاصة. وأكد أهمية التحكيم في العقود الإسلامية بالنظر لتطور صناعة الخدمات المالية الإسلامية، ونوعية النزاعات التي تطرأ في هذا القطاع، الأمر الذي يمهد لوضع الحلول الناجعة بما يتماشى مع القوانين ومبادئ الشريعة الإسلامية. جهود مبذولة وأشار إلى أن أبرز العوامل التي تجعل من دبي مقصداً عالمياً للتحكيم وتسوية النزاعات، تتمثل في الجهود المبذولة حالياً من قبل الإمارات لإصدار قانون اتحادي ينظم التحكيم في بعده المحلي والعالمي، مستفيداً من تطور فقه التحكيم. إضافة إلى أن دبي تمتاز ببنيتها التحتية المتخصصة والشفافية الواضحة ومعايير الحوكمة الراسخة، إضافة إلى جهودها المستمرة في تطوير السوق المالي من مجرد سوق تقليدي إلى التعامل وفق مبادئ الاقتصاد الإسلامي. وأشار إلى أن أهمية المركز تتمثل في أنه يوفر إطاراً وبيئة لفض النزاعات من قبل المختصين والملمين بالأبعاد الشرعية والقانونية والفنية للمنتجات المالية الإسلامية، والتي كانت في السابق تشكل أبرز التحديات في صناعة الخدمات المالية الإسلامية، موضحاً دور المركز والمهام التي يقوم بها كذراع تحكيمية دولية مستقلة للصناعة المالية الإسلامية، وإزالة العقبة التي عانت منها المؤسسات المالية الإسلامية في مجال فض نزاعاتها. مبادرة ومن جهته، قال عيسى كاظم العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لسوق دبي المالي، والأمين العام للجنة العليا لتطوير قطاع الاقتصاد الإسلامي: "إن تنظيم هذا اللقاء ينسجم مع الجهود الكبيرة التي تبذلها إمارة دبي. لوضع مبادرة "دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي" موضع التنفيذ، منذ أن أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في أوائل شهر يناير الماضي، كما يتزامن توقيت اللقاء مع سعي اللجنة العليا لوضع استراتيجية محددة المعالم لتنفيذ المبادرة، وتحديد الإطار الزمني المناسب لتحقيق ذلك". وأضاف كاظم: "إن نجاح مبادرة "دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي"، لا يتحقق من خلال المبادرات الحكومية وحدها، وإنما يتطلب تكاتف جهود جميع الأطراف المعنية لتهيئة البيئة المناسبة التي تشجع هذا القطاع، وتسمح له بالازدهار ليحتل المكانة التي يستحقها بين القطاعات الاقتصادية المختلفة. وترسيخاً لهذا النهج، فإن دور حكومة دبي الأساسي في هذا المجال سيتركز على تلمس احتياجات هذا القطاع، من خلال الاستماع للخبراء والممارسين، ومن ثم قيادة وتنسيق الجهود الرامية لتلبية تلك الاحتياجات، وتوفير البيئة المواتية لازدهار قطاع الاقتصاد الإسلامي. وتتطلع اللجنة العليا للمبادرة لتفاعل كافة الجهات المعنية بالنشاط الاقتصادي الإسلامي، سواء في قطاع الخدمات المالية الإسلامية، أو في قطاع المنتجات الحلال، أو مؤسسات الخدمات الاستشارية والقانونية التي تخدم هذين القطاعين مع مختلف مسارات المبادرة، وعلى النحو المعتاد من جانبهم كعنصر أساسي في إنجاح كافة المبادرات التطويرية في إمارة دبي". محور رئيس واستطرد كاظم قائلاً: "إن غياب آلية التحكيم المستند إلى قواعد الشريعة الإسلامية، حال، على مدى العقود الأربعة الماضية، دون تطور وتنوع الخدمات المالية الإسلامية، وقصرها على عدد محدود يتناسب مع القوانين والأنظمة المطبقة. وفي ضوء هذه الحاجة الملحة، جاء التحكيم المستند لقواعد الشريعة الإسلامية، ليشكل محوراً رئيساً من محاور مبادرة الاقتصاد الإسلامي، ليوفر الآلية المناسبة لفض المنازعات المتعلقة بالخدمات المالية الإسلامية، وبكافة العقود المتعلقة بالأنشطة الاقتصادية الإسلامية الأخرى. ولن تقتصر جدوى التحكيم المستند إلى قواعد الشريعة الإسلامية على أطراف العقود والمعاملات المتعلقة بالأنشطة الاقتصادية الإسلامية وحسب، وإنما ستتعداه إلى مختلف أنواع العقود والمعاملات التجارية والمالية". وقد قدم المركز عرضاً، تناول بالتفصيل التعريف برسالة وأهداف المركز، وبنيته التنظيمية والمؤسسية، وسلط الضوء على الخدمات التي يقدمها المركز للرقي بالصناعة المالية الإسلامية، وعلى رأسها فض النزاعات عبر المصالحة والتحكيم، مبرزاً إجراءات التحكيم لدى المركز، والمعايير الإجرائية والموضوعية لفض تلك النزاعات. كما تناول العرض أهم ما يميز التحكيم لدى المركز، من حيث المهنية والتخصص الذي ينتهجه المركز، والثقة يمنحها المركز للمتخاصمين في تحقيق العدالة، وتقليص أمد فض المنازعات، والحد من نفقات التقاضي، وسهولة تنفيذ الأحكام، غيرها من الامتيازات التي تؤكد على أهمية نشاط المركز. تعزيز وعقب ذلك العرض، تناول المشاركون بالنقاش آفاق تعزيز نشاط المركز، في إطار تنفيذ مسار التحكيم في العقود الإسلامية، وانعكاس ذلك على آلية تنفيذ المبادرة ككل، ودروها المنشود في دعم الاقتصاد الوطني من جهة، ودعم الاقتصاد الإسلامي على المستوى الإقليمي والعالمي من جهة أخرى. وأشاد المؤتمر بالبنية التحتية والتشريعية التي تحظى بها إمارة دبي، فضلاً عن استضافتها لمقر المركز عوامل، والتي تؤهلها لأن تكون عاصمة للاقتصاد الإسلامي، تمتلك كل مقومات النجاح، وأبرزها فض نزاعات الصناعة المالية الإسلامية. قانون اتحادي للتحكيم أشاد الخبراء في المؤتمر بجهود الدولة لإصدار قانون اتحادي للتحكيم في بعده المحلي والعالمي، مستفيداً من تطور فقه التحكيم، إضافة إلى أن دبي تمتاز ببنيتها التحتية المتخصصة والشفافية الواضحة، ومعايير الحوكمة الراسخة، إضافة إلى جهودها المستمرة في تطوير السوق المالي، من مجرد سوق تقليدي، إلى التعامل وفق مبادئ الاقتصاد الإسلامي. وقال عيسى كاظم العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لسوق دبي المالي، إن السوق، واستجابة لمبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بتحويل دبي عاصمة للاقتصاد الإسلامي، قام بطرح معيار إصدار وتملك وتداول الصكوك، والذي يوضح أنواع الصكوك وملكيتها، والمبادئ العامة والضوابط الشرعية لإصدار وتملك وتداول الصكوك. ومن جهته، أكد الدكتور عبد الستار الخويلدي الأمين العام للمركز الإسلامي الدولي للمصالحة والتحكيم، أن المركز قام بالتحكيم في 8 قضايا خلال العام الماضي، قيمتها زادت على 200 مليون درهم، شملت المجالات المالية والمصرفية والعقار وغيرها. وأشاد الدكتور الخويلدي بجهود الإمارات في مجال التحكيم في القطاع المصرفي والمالي، مع قرب صدور القانون الاتحادي للتحكيم، والذي يمر حالياً بإجراءاته التنظيمية المعتادة، تمهيداً لإصداره على مستوى الدولة.