تشهد معظم وحدات الخدمة العامة من وزارات وهيئات ومؤسسات حراكا نقابيا واسعا وكان ذلك نتاج لتأثيرات الثورة الشعبية السلمية التي أزاحت عقودا من الاستبداد والهيمنة والتضييق على حقوق المواطنين في تنظيم أنفسهم وممارسة نشاطهم السياسي والنقابي وأن وجد هامش تتم عملية احتواءه وتوجيهه بعيدا عن اهداف نشأته. ومازالت عديد من المصالح التي تشكلت في العهد السابق تتخوف من أي عملية تشكل نقابي حقيقي في الجهات الحكومية ولها تأثيرها الواسع مع غياب الوعي النقابي الذي لم تسمح بتشكله وتخلقه في أوساط الموظفين، وتعمل اليوم بكل ما أوتيت من بقايا قوة ونفوذ متحالفة مع بؤر فساد جديدة بدأت تنشأ بضراوة من اعاقة تشكل نقابي حقيقي وتحاول احتوائه بنفس الطريقة والعقلية التسلطية التي خلفها في وعيها النظام السابق، ولم تدرك حقيقة التحولات التي تمر بها البلاد اليوم، وتتعامل مع الواقع الجديد بطريقة فجة في الانتهازية محاولة مقاومة عجلة التغيير للحفاظ على ما ترتب لها في عهد الاستبداد والنهب المنظم للبلاد من مصالح تنظر اليها كاستحقاق لا يمكن التنازل عنه. ففي وزارة الخدمة المدنية والتأمينات تكشف عدد من الوثائق تم تداولها بين المسئولين في وزارة الشئون الاجتماعية والعمل والخدمة المدنية والمختصين في قطاع العمل في الشئون الاجتماعية حقيقة ما ذكر سابقا. حيث مارست الجهتين تدخلا مباشرا وصريحا في انشاء الكيان النقابي وحال مسئوليها من ممارسة الموظفين في الخدمة من انشاء الكيان المعبر عن مصالحهم الحقيقية. وتوضح مذكرة لوزير الخدمة المدنية صادرة في تاريخ 4 فبراير من العام الجاري موجهة لوزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل مدى تدخل قيادة الوزارة وتأثيرها على العمل النقابي وهو في طور تشكله الجنيني، حيث طالبت من وزيرة الشئون الاجتماعية والعمل باستكمال الاجراءات القانونية اللازمة لإشهار وتسجيل "نقابة "موظفي الخدمة المدنية لديها. بالرغم من معرفة قيادة الوزارة والهيئة النقابية المطعونة فيها بعملية الطعون المقدمة للاتحاد ووزارة الشئون الاجتماعية وتشير مذكرة لموظفين في وزارة الخدمة المدنية وجهت الى وزيرة الشئون الاجتماعية والعمل في تاريخ 15/1/2013م الى انهم تقدموا بطعن الى الاتحاد العام لعمال اليمن في تاريخ 12 /1 حول أن أربعة من مدراء الادارات التنفيذية في الوزارة تم اختيارهم من ضمن الهيئة الادارية للنقابة ومعتبرين ذلك مخالفة للمادة رقم تسعة في الفصل الثالث "للأحكام العامة " من القانون رقم "35"ل2002م التي تنص على عدم جواز الجمع بين منصب إداري في مستوى مدير ادارة تنفيذية وما فوقها ومراكز قيادية نقابية. وطالبت المذكرة من الشئون الاجتماعية الفصل في الطعن بحسب قانون تنظيم النقابات العمالية رقم "35"ل2002م. من جانبها وجهت وزيرة الشئون الاجتماعية وكيل علاقات العمل للاطلاع والعمل حسب القانون. بدوره وجه الوكيل الى مدير عام النقابات باتخاذ الاجراءات مع الاخذ بعين الاعتبار بفتوى وزارة الشئون القانونية بخصوص مدير ادارة وما فوقها. وقال عدد من الموظفين المتقدمين بالطعن أن قيادة الاتحاد لم تسلمهم أي رد ولم تبت في الطعون المقدمة في نفس اليوم الذي أجريت فيه الانتخابات للهيئة الادارية لنقابة موظفي وزارة الخدمة المدنية والتأمينات في 9 يناير من العام الجاري, مشيرين إلى أن الطعن تم إحالته الى المطعون بهم من قبل مسئول الشئون القانونية في الاتحاد كي يرد على موضوع الطعن وبصورة مخالفة للقوانين. وأفتت وزارة الشئون القانونية بفتوى رقم "أ, ت" تاريخ 2012/10/8 م والمتضمنة الرأي القانوني في مدى جواز الجمع بين منصب إداري تنفيذي ومركز قيادي نقابي من عدمه, انه لا يجوز لمن يشغل وظيفة مدير ادارة تنفيذية وما فوق أن ينضم الى المنظمة النقابية او يشترك في تأسيسها مع الغير. واضافت الفتوى كما انه لا يجوز ان يترشح لشغل منصب نقابي فيها ما لم تزول عنة هذه الصفة لأي سبب من الاسباب القانونية, كأن يقدم استقالته او يتم استبداله بأخر او نقلة الى منصب أدنى من منصب مدير إدارة وغيرها. وقامت وزارة الشئون الاجتماعية في 6 فبراير بتسجيل وتقييد النقابة لديها برقم" 431". وفي بيان صادر عن الاعضاء الاحتياط الطاعنين في شرعية الهيئة الادارية للنقابة بتاريخ 19 يناير ,اكدوا فيه على عدم شرعية الهيئة الادارية للنقابة قبل البت في الطعون المقدمة لجهات الاختصاص وما دون ذلك فهو مخالف للقانون . وسلمت نسخة من البيان مع التحية لوزيرة الشئون الاجتماعية والاتحاد العام لنقابات عمال اليمن ,ووجهت الوزير في 27 ,1 ,2013م الى وكيل علاقات العمل للاطلاع ودراسة الموضوع والرفع بالرأي. من جانبه اوضح وكيل وزارة الشئون الاجتماعية لعلاقات العمل علي النصيري رئيه للوزيرة ان انتخابات نقابة موظفي الخدمة جرت في 9 يناير تحت اشراف الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن وممثلي وزارة الشئون الاجتماعية .مؤكدا على انه تم التنبيه من قبل امين عام الاتحاد العام انه لا يحق لمدير ادارة وما فوق الترشح للانتخابات في النقابة عملا بالمادة 9 من قانون تنظيم النقابات العمالية رقم "35"ل2002م. وخلص النصيري في عرضه للوزيرة ان هنالك فتوى من قبل وزارة الشئون القانونية حول ترشح مدراء الادارات للنقابة يجب الالتزام بها ورئى أن يتم استبعاد مدراء الادارات. وبالرغم من وضوح رأي الوكيل في رده للوزيرة وأشارته إلى فتوى وزارة الشئون القانونية طلبت الوزيرة في توجه للوكيل بتحرير مذكرة للشئون القانونية وتضمنت طلب النظر في الفتوى الخاصة بمدى جواز الجمع بين منصب إدارة تنفيذية ومنصب قيادي نقابي. وترد الشئون القانونية بمذكرة تؤكد فيها فتواها السابقة المشار لها سابقا والصادر في 2013,5,19م وقالت انه سبق وأبدت الوزارة رأيها في الموضوع المذكور ولا ترى من الظروف ما يجب اعادة النظر فيه. وبعد كل هذا الاخذ والرد قامت وزارة الشئون الاجتماعية بإشهار نقابة موظفي الخدمة المدنية ومنح الهيئة المطعون فيها الترخيص بالختم ومزاولة العمل غير معتبرة لأي مبدئ قانوني أو اخلاقي. والعجيب بالأمر أن وزارة الشئون الاجتماعية والعمل كانت قد اشهرت النقابة في تاريخ 6/2/2013، وبشكل منفرد بدون العودة إلى الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن والذي من المفترض هو من يخاطب الوزارة وبإعتماد النقابة والتصريح لها لمزاولة عملها النقابي وليس وزير الخدمة المدنية والتأمينات.