المبعدين قسرياً .. المشكلة – المأساة إن هذه النماذج ليست ذات قيمة يعتمد عليها في معالجة هذه المشكلة -المأساة ،إذ أنها في صياغتها ونمطيتها لا تتوافق واتجاهات المعالجة الحقيقية والصادقة والمعمقة للمبعدين من بعض المؤسسات ذات الخصوصية في قوانيننا وتشريعاتها المنظمة لنشاطها لا أريد أن أقلل من قرار القيادة السياسية لمعالجة وضع المبعدين قسرياً عن اعمالهم كترجمة لالتزاماتها بالمبادرة الخليجية وآليتها وتنفيذا لإحدى النقاط العشرين وبغض النظر عن صدق او عدم صدق من يقف وراء هذا القرار ،فان هذا المراد به معالجة أسوئ واقذر بكل المعاني الإنسانية والأخلاقية عملية اجتثاث تمت في تاريخ الجنوب لأهم موارد البلد الا وهو المورد البشري، يظل مبهم الملامح لأنه كاد يقتصر على ملمح واحد وهو ملمح التعويض المادي من مصادر تمويل خارجية ، وكأن مصادر التمويل هذه- موجودة او غير موجودة - فيها الحل السحري للمعاناة النفسية والمعنوية ناهيك عن المادية والتي عانا منها المبعدين قسرياً على مدى العقدين المنصرمين . أن تبني قرار المعالجة بهذا الشكل المتأخر والمبتسر مع ما الحق به من مطالبة المبعدين قسرياً من اعمالهم بتعبئة بيانات ومعلومات في ثلاثة نماذج قدمت لهم من قبل اللجنة المعنية بالمعالجة ،ايقظ لدى الكثيرين منهم تحفظات واسئلة كثيرة ، رصدت من زوايا مختلفة منها . - تغلب في النماذج الثلاثة صيغ تهدف الى محاصرة مدخل المعالجة وفقاً لقانون التقاعد واستراتيجية الأجور والمرتبات وكأنه مقدمة ونواه للتملص من الالتزامات الاخلاقية والوطنية تجاه حقوق المبعدين قسرياً . - لا يمكن معالجة وضع المبعدين ان يحدده قانون التقاعد واستراتيجية الاجور والمرتبات وحدهما لما تضمناه من خلل وقصور عند تطبيق نصوصهما اضّر بمفهوم الوظيفة العامة وماهيتها ونظامها وافقدها حياديتها خلافا لكل القوانين النافذة واحكام الدستور ومضامين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. - كيف سيتم تعويض المبعدين قسرياً عما لحق بهم من اضرار نفسية واجتماعية ورد اعتبار لمن يعّرفون بمصطلح (خليك في البيت ) الذي تم تصريف أوضاعهم بمزاجية حرمتهم من استحقاقات 10-15 سنة خدمة ميته؟ وبقدر ما يثير هذا السؤال للتظاهر بالسخرية لدى البعض الا أنهم سيدركون أهميته في حالة إصابتهم بمرارة فقدان أشياءهم الجميلة التي لم تتوقف بعد عن الحدوث . - إن هذه النماذج ليست ذات قيمة يعتمد عليها في معالجة هذه المشكلة -المأساة ،إذ أنها في صياغتها ونمطيتها لا تتوافق واتجاهات المعالجة الحقيقية والصادقة والمعمقة للمبعدين من بعض المؤسسات ذات الخصوصية في قوانيننا وتشريعاتها المنظمة لنشاطها ، على سبيل المثال مؤسسة الخارجية ، فضلا عن ذلك فيما يخص مفردة( مبعد ) : مفردة جديدة لا وجود لها في التعبير القانوني والإداري المنظم للوظيفة العامة في اليمن . ولهذا فان المتخصصين الإداريين والقانونيين المعنيين بالمعالجة لم يسبق لهم أن اشتغلوا بما فيه الكفاية على معالجة مثل هكذا قضية ( الإبعاد القسري ) . يبقى السؤال سيكون في ظل أي مرجعية سيتم الاشتغال على قضية المبعدين ؟ سيما وان دلالتها ومعناها سياسي صرف . ما يعني إن هذه المشكلة تقتضي بالضرورة العمل على إيجاد الحلول المناسبة لها ، والتي هي بالطبع ليست من النوع السهل أو تلك التي يمكن سردها على المستوى النظري ، لآن هذه المشكلة – المأساة مثل مرض خبيث لا يمكن القضاء عليه سوى بجرعات متوالية من الإجراءات العملية الملموسة التي يمكن أن تنشل المبعدين من بوتقة اليأس الأكثر بشاعة من أقسى وسائل التعذيب . أجدني مضطراً أن أنبه من يقف وراء هذا القرار أنه أمام ( محك حقيقي ) يحتاج إلى تحرك أسرع ، وإلى إجراءات عمليه جاده يلمسها المبعدين في واقع حياتهم يتوقف نجاحها في تصورنا على العمل في إطار نسقين متكاملين : الأول : سرعة إشراك ممثلين عن المبعدين في عمل اللجنة عن كل وحده إدارية ، مؤسسة ...الخ لصياغة ووضع المعالجات العاجلة على الأقل فيما يتعلق بالراتب التقاعدي، حيث لا يمكن الإبقاء على الراتب التقاعدي في وضعة الحالي إلى حين الانتهاء من عمل اللجنة والبحث عن مصادر تمويل . الآخر: إعادة المبعدين ممن ينضوون ضمن مجموعة وظائف السلطة العليا ( نائب وزير وما في مستواه) ومجموعة وظائف الإدارة العليا ( وكيل وزارة وما في مستواه )وهكذا تدريجياً . هذا الإجراء في تصورنا سيمنح القيادة السياسية فرصة أن تسجل موقفاً وطنياً وأخلاقيا تجاه هذه المشكلة باعتبار أنها كانت جزء من هذه المشكلة وما آلت إليه أوضاع المبعدين ، كما سيخلّصها من طغيان المحاصصة السياسية بصورة نهائية كما هو حاصل في مؤسسة الخارجية والدفاع والداخلية وسيخلق حالة من الأمل طال انتظارها لدى المبعدين الجنوبيين ومصداقية تجاه الرعاة الدوليين والإقليميين في حل جزئية من معضلة الجنوب . *المعهد الوطني للعلوم الإدارية – عدن Dr0 gafori@hotmail0com عن صحيفة الامناء الصادرة يوم الاربعاء العدد 201