فيصل الصوفي لو وقف المؤتمر الشعبي منذ البداية وقفة جادة ضد الإفراج عن إرهابي واحد من بين الإرهابيين المعتقلين في قضية تفجير جامع الرئاسة، لما فكر حزب الإصلاح والمتضامنون معه باستخدام شتى الأدوات والضغوط للإفراج عن الإرهابي الثاني، لكن المؤتمر كان يدين ويحذر فقط، والجماعة يفرجون عن الإرهابيين بالتقسيط، واحد، اثنان، ستة، وهكذا، وكان الرد ندين ونحذر، والعمل صفر.. وأخيرا أفرجوا عن المتبقين دفعة واحدة، ولم يتبق سوى ثلاثة، ومع ذلك يصرون على إطلاق سراحهم، والحورية تتضامن مع الإصلاح بتعليق حضورها جلسات الحكومة "احتجاجا على عدم الإفراج عن البقية"! بينما الوزير بن دغر الأمين العام المساعد للمؤتمر قال: اتفقنا في مجلس الوزراء على إحالة جميع المتهمين إلى القضاء، ولم نتفق على إطلاق سراحهم! أكثر من مئة متهم في تلك الواقعة التي تجاوز عمرها العامين، أكثرهم لم يعتقلوا، ومن تم اعتقالهم أفرج عنهم بتلك الطريقة، والهدف هو طمس الواقعة، مرة بدعوى أنهم وافقوا على قانون الحصانة مقابل طمسها، ومرة بدعوى أن قضية 18 مارس لم تحسم، ومرة لأن المتهمين المعتقلين قد طال حبسهم، ولم يحالوا إلى القضاء.. وهذه الحجة الأخيرة وجيهة، فقد كان يتعين على النيابة تحريك القضية وإحالتها مع جميع المتهمين الحاضرين والفارين إلى المحكمة. مع ذلك، لم يفت الوقت بعد، إذ يستطيع المؤتمر وحلفاؤه إعادة الإرهابيين المفرج عنهم إلى السجن، وبمقدورهم أيضا دفع الحكومة والنيابة العامة لاعتقال بقية المتهمين مهما كانت مواقعهم وأوزانهم، فهذه قضية عادلة، والمطالبة بتقرير العدالة بشأنها ينبغي أن لا يغيض أحدا. ينبغي على المؤتمر وحلفاؤه عدم المطالبة بالخيارين معا في وقت واحد: المطالبة بمحكمة دولية خاصة، وفي نفس الوقت الثقة بالقضاء الوطني، فلا بد من الثبات على خيار واحد إلى النهاية، وحينها يمكن استخدام كل الوسائل المشروعة.. ومن هذه الوسائل تعليق المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني أولا، وإن لم يفد ذلك يليه تعليق المشاركة في حكومة الوفاق، ولو يتم اتخاذ القرار الأول بجدية فهو كاف. قضية كبيرة وخطيرة مثل تفجير مسجد الرئاسة لقتل رئيس الدولة ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة، ومئات من مساعديهم.. قتل فيها من قتل وأصيب بالإعاقة من أصيب، فضلا عن تداعياتها التي كانت محتملة لولا حكمة الرئيس صالح.. قضية كهذه ينبغي أن لا تأخذ كل هذا الوقت، فضلا عن عدم السماح بتمييعها، وبقاء مدبريها ومنفذيها طلقاء.