منذ عقود مضت سمعت عن مقولة تمس الطوافة وأربابها وترميها بنظرة قد لا تخلو من بعض الحسد على ما يجنيه المطوفون من أرباح - قد يظنها هؤلاء خيالية - فسال لعابهم فتطلعوا إلى أن يقتسموا الكعكة مع أهل المهنة ، ومن ثم جرت عدة محاولات لتحقيق هذه المطامع لكنها حتى الآن باءت بالفشل الذريع والحمد لله ، ويبدو أن أصحابها لا يزال لديهم بصيص أمل في اقتطاف ما يتيسر لهم ، وربما يمتلكهم طموح في الاستيلاء على كل شيء فهم يريدون إلغاء المهنة من جذورها وحرمان أربابها وذريتهم منها بتاتاً ، والعجيب أن أصحاب هذه النظرة والمطامع يعتقدون « الطوافة « مجرد مائدة شهية خالية من المتاعب ، أو أنهم يظنونها مجرد حرفة سياحية يمكن ضمها لمشروعات السياحة التجارية البحتة ولا بأس لديهم من تسميتها بالسياحة الدينية لأنها في ظنهم مجرد طواف وسعي وركعات ومشاعر تؤدى وفي نهاية المطاف تتكدس أمامهم المليارات تكحل أعينهم ليناموا قريري الأعين !!! من المؤسف أن البعض في بلادنا من أصحاب الجاه والمال قد يعيش هذه المشاعر والنظرات الدنيوية المادية وتهيمن على تفكيره هذه الصور ، ناسين أو متناسين ، غافلين أو متغافلين أن « الطوافة « ليست مجرد حرفة أو مهنة تكسب ، وأن أربابها الذين توارثوها لم يصبحوا من الهوامير بسببها أبداً ، وأنها تحمل بين ثناياها هموما كبيرة ، وتحمل أهلها مسئوليات ضخمة أمام الله أولاً وأخيراً ، لأنها مرتبطة بالركن الخامس من الاسلام وتتضمن شعائر تعبدية لا مجرد أنشطة سياحية وتسوق ، وإذا كانت هذه نظرتهم وهذا قدر فهمهم فإنهم يحتاجون إلى دروس في معرفة الحج وما يعنيه من معان ، والتعرف إلى حقيقة الطوافة وما تحمله من هموم ومسئوليات كبيرة بين يدي الله أولاً وأخيراً !! وإذا كانت « الطوافة « قد تحولت منذ عقود قريبة من أعمال فردية وعائلية إلى مؤسسات ، فهي لم تفقد كثيراً من كينونتها الأصلية ، فكثير من المطوفين و ذرياتهم ما يزالون يمارسون المهنة لكن بأسلوب جديد ، صحيح أنها افتقدت كثيرا مما كانت تتمتع به من خصائص تحدثت عنها في مقالة سابقة ، ولكن من المهم التذكير بدور هام جداً وهو العمل التوعوي التثقيفي للحجاج من قبل القائمين بمسئولية الطوافة وخاصة المؤسسات والجهات الحكومية ذات الصلة وبالذات وزارة الشئون الإسلامية ووزارة الحج ، فمعظم الحجاج يأتون من بقاع يعمها الجهل والفقر والمشكلات الاقتصادية والاضطرابات السياسية ، ومن دول لا تعير التعليم الديني الإسلامي عامة أي اهتمام ، وبالتالي فإنها لا تهيئ الحجاج القادمين منها إلى الديار المقدسة مسبقاً ، ولذلك فإن معظمهم يقع في ممارسات خاطئة كالطهارة والصلاة والطواف وغيرها ، وبالتالي فإن مؤسسات الطوافة والجهات الحكومية ذات الصلة في المملكة تتحمل نصيباً كبيراً في ضرورة توفير احتياجات الحجاج التوعوية الدينية منذ لحظة قدومهم الديار المقدسة حتى مغادرتهم إلى بلادهم ، مما سيوفر كثيراً من الجهود والأوقات والأموال ، ولعلها وسيلة تمتع الحجاج بأداء معقول للفريضة دون مشكلات أو أضرار جسمية أو نفسية أو الوقوع في محظورات قد تفسد عليهم ما أنفقوه من مال وجهد ! [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (66) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain