تصاعدت المخاوف في الشارع المصري من عودة الإرهاب منذ محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم وتكرارها بعد ضبط عبوات ناسفة بأحد القطارات بمحافظة السويس، وتلاها محاولة اغتيال لوزير التعليم الدكتور محمود أبو النصر التي تم إجهاضها، والعثور علي قنبلتين في منطقة العمرانية أحد الأحياء الشعبية الفقيرة، الأمر الذي جعل الأجهزة الأمنية تعزز من إجراءاتها الأمنية علي المسؤولين في مصر بصورة باتت تثير تساؤلات في الشارع المصري حول دخول مصر عصر الاغتيالات وعودة العمليات التفجيرية التي عانت منها مصر كثيرًا في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، وتباينت تفسيرات الخبراء في قراءة المشهد الإرهابي من حيث التوابع ومساراته المحتملة.. من جانبه توقع الخبير الإستراتيجي ومدير مركز الدراسات الإستراتيجية الدكتور سعد الزنط، تكرار حوادث التفجيرات وعمليات الإرهاب في المرحلة القادمة في مصر، مؤكدًا أن التيارات الإرهابية بدأت تنفيذ مخططات دموية منذ تنفيذ مذبحة الجنود المصريين ال25 في رفح، وأن التيارات الإسلامية دخلت المرحلة الأخيرة من مسلسل الإرهاب في مصر بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة، بالدخول بقوة في مرحلة الاغتيالات وتفجير الأماكن الرمزية سواء حكومية أو دينية، وأن هذه المرحلة سوف تستمر لعدة شهور مقبلة، وسوف تنتهي في الربع الأخير من العام الجاري. وأضاف (الزنط): «إنه يوجد مساران لمواجهة الإرها ، الأول تتولاه المؤسسة الأمنية من خلال عملية تمشيط كامل وملاحقة العناصر الجهادية ودعاة العنف من التيارات الإسلامية عبر تفعيل دور جهاز الأمن الوطني الذي حفظ لمصر أمنها واستقرارها لعدة عقود وجري تفكيكه بعد 25 يناير، والثاني علي المدي الإستراتيجي وتتولاه المؤسسة العسكرية وجهاز المخابرات، ومن خلال ملاحقة الارهاب في مناطق الجوار المصري في غزة وليبيا وباقي الدول التي استوطنتها العناصر الجهادية والتكفيرية،علي أن يتم هذا التحرك بالتعاون مع منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية والعمل علي استعادة السلطة الفلسطينية بتنظيف غزة من العناصر الإرهابية، خاصة العناصر المصرية الهاربة بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة»، مؤكدًاعلي ضرورة نقل وترحيل جميع التجمعات السكانية في الشريط الحدودي الملاصق لقطاع غزة بعمق 10 كيلو متر وأن يتم توفير مساكن بديلة لأهالي غزة وتعويضهم عن تلك المساكن، وحتي يتم إقامة منطقة حدودية آمنة مع قطاع غزة وأن يتم تنفيذ هذا بشكل مرحلي حتي يتم ضبط المنطقة الحدودية التي باتت تلك المناطق توفر ملازات آمنة للعناصر المتطرفة. وعن وجود عناصر من تنظيم القاعدة في مصر والتورط في مثل هذه العمليات الإرهابية قال (الزنط): «لا أعتقد أن هناك وجودًا لتنظيم القاعدة من حيث الأعضاء في مصر، ولكن يوجد فكر القاعدة الذي تنتهجه عناصر من تيار الإسلام السياسي ممثلا في جماعة الإخوان أو الجهاديين وحتي الجماعة الإسلامية، وأن الأحداث علي مدار عام ونصف تؤكد أن تيار الأسلام السياسي صورة طبق الأصل من فكر تنظيم القاعدة، وعن وجود أجهزة مخابراتية خارجية تعبث في المشهد المصري قال (الزنط): «لا شك هناك أجهزة مخابرات عالمية وإقليمية تعبث بمصر، وإنني أستطيع القول: إن هناك أكثر من 12 جهاز مخابرات يعبث في المشهد المصري منذ 25 يناير، بعضها يراقب ويحصل علي المعلومات والبعض الآخر يعبث ومتورط في أحداث المشهد المصري». وحول تكرار التجربة الجزائرية في مصر استبعد (الزنط) تكرار نموذج العنف بالجزائر في مصر، مؤكدًا أن إخوان مصر كانوا أكثر المعارضين لفوز الإسلاميين في الجزائر، وأن طبيعة المجتمع المصري ومؤسسية الدولة المصرية تحولان من تكرار النموذج الجزائري، وأن ثورة 30 يونيو كانت مرحلة تصحيحية لثورة 25 يناير وهي المرحلة الوسطي في مسار الأحداث المصرية، وسوف يعقبها مرحلة أخيرة ونهائية من المتوقع حدوثها في الربع الأخير من العام الجاري ومن المتوقع أيضًا أن تكون أكثر دموية وعنف وسوف يخرج الشعب المصري مرة أخري وسيتم وضع نهاية لتيار الإسلام السياسي والعنف والإرهاب ومن بعدها تدخل الدولة المرحلة مرحلة البناء والاستقرار. من جانبه قال الخبير الأمني اللواء محمد عكاشة: «إن العملية الإرهابية الفاشلة لوزير الداخلية المصري تنبئ بعودة الموجة الإرهابية لمصر علي يد الجماعات المتطرفة واستمرار هذه العمليات ضد الشخصيات العامة التي لها ثقل سياسي، ومن الممكن أن تتحول إلي الشارع المصري باستهداف تجمعات المواطنين في المدن والأحياء الشعبية، مؤكدًا أن محاولة الاغتيال الفاشلة لوزير الداخلية بداية حقيقية لإرهاب جماعة الإخوان، متوقعًا مزيدًا من هذه المحاولات بأساليب وطرق مختلفة كتفجير المنشآت المهمة والحيوية، واللجوء إلي استهداف الجنود والضباط كما يحدث في سيناء. وقال (عكاشة): «إن عمليات الاستهداف ستكون قابلة للتوسع والانتشار خلال المرحلة المقبلة بعد فترة ليست بالطويلة عقب هدوء أجواء محاولة اغتيال وزير الداخلية، خاصة وأن مصر مقبلة علي كثير من التحولات السياسية والاقتصادية، تسعي فيها الجماعات الإرهابية إلي عرقلة هذه المهمة وتفكيك وحدة الوطن ووقف كل ما من شأنه أن يؤدي إلي الاستقرار والتنمية، مطالبًا برصد تحركات من صدر لهم قرارات عفو رئاسي في عهد الرئيس المعزول من العناصر الإرهابية، حيث لن تخرج عنهم هذه الأفعال، حيث ضلوعهم واحترافهم مثل هذه الأعمال، وأيضًا السيطرة الأمنية علي العناصر التي دخلت عن طريق غزة في سيناء». وقال (عكاشة): «محاولة الاغتيال الفاشلة لوزير الداخلية تدعو إلي بسط الأمن من قبضته علي تحركات الجماعة خاصة الصف الثاني الذي يسعي إلي زعزعة الأمن، في ظل الضربات الأمنية الموجعة لهم وبشكل مستمر والتي تكاد تكون بشكل يومي، والنجاح الأمني منقطع النظير في إحباط كل المخططات في الحشد والتظاهر، وقد رأينا ما قام أنصار الرئيس المعزول من عنف منذ عزل محمد مرسي من أعمال عنف وقتل وتعذيب وحرق للمنشآت والمراكز الشرطية والتهجم علي ضباط الشرطة وحرق السيارات، مؤكدًا أن مصر تحتاج خلال الفترة المقبلة إلي تغيير الإستراتيجية الأمنية وتحولها إلي محاربة إرهاب يريد أن يحول البلاد إلي التوتر والقلق، وهو ما نراه واضحًا خلال الفترة الماضية من العثور علي قنابل في منطقة العمرانية، وما ستشهده البلاد خلال الفترة المقبلة مثل هذه الأفعال التي ليست بالغريبة علي الأجهزة الأمنية، والتي في مجملها محاولة بائسة لإربكاك المشهد السياسي في مصر»، مشددًا علي أن التفجير باستخدام السيارات هو أسلوب متبع وليس غريبًا بالرغم من خطورته.