الدوحة – قنا: اختتمت اليوم فعاليات "الملتقى الخليجي للأمن الرقمي" والذي كان قد بدأ أعماله أمس / الثلاثاء /برعاية سعادة الدكتورة حصة الجابر وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في فندق سانت ريجيس، بحضور سعادة الدكتور محمد بن صالح السادة وزير الطاقة والصناعة، وشارك فيه أكثر من 500 مشارك يمثلون مختلف القطاعات الاقتصادية والمتخصصين في الأمن الرقمي من المنطقة والعالم، ونظمته شركة (ميزة) على مدى يومين. وقد أكد المشاركون في الملتقى على أن مسألة الأمن الرقمي لم تعد خيارا للدول والأفراد، بل باتت ضرورة ملحة تفرضها مقتضيات الواقع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي. وفي جلسات اليوم الثاني والأخير للملتقى، أكدت السيدة غادة الراسي الرئيس التنفيذي لشركة (ميزة) على أن الأمن الرقمي لم يعد مجرد خيار بل ضرورة ملحة، مشيرة إلى ضرورة اتباع أفضل السبل لمقاربة كل ما هو متصل بشبكات تكنولوجيا المعلومات ومعرض للقرصنة. وأشارت إلى أهمية التعاون والعمل جنبا إلى جنب من خلال وضع خطط وإطار متكامل يساعد على وضع الحلول المؤثرة والفعالة، موضحة أن الملتقى لم يعقد بهدف عقد الصفقات، بل لتعزيز الوعي المتصل بالأمن الرقمي. من جهته .. أكد السيد "آرت كوفيلو" نائب الرئيس التنفيذي لشركة (EMC) على أهمية الملتقى كونه معنيا بتعزيز مستوى فهمنا لمسائل الجرائم الرقمية، وقال :" إن هذا هو المطلوب فعليا، إذ لا بد من فهم هذه القضية لمكافحتها لأن الخوف من هذه الجرائم لا يساعد على حلها". وطالب بإنشاء أنظمة دفاع استراتيجية كفيلة بمكافحة الجريمة الرقمية، موضحا أن الدفاع التقليدي لم يعد كافيا في هذه البيئة الرقمية المخترقة، وبالتالي لا بد من إنشاء وسائل أمنية تتماشى مع البيئة المخترقة التي أوجدها القراصنة. من ناحيته، رأى السيد نادر حنين المدير الإقليمي لأمن المنتجات والاستشارات لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا في (بلاك بيري) أنه لمواجهة التهديدات الأمنية الرقمية، يجب علينا إنفاق مبالغ تتناسب مع الأصول المادية التي لدينا، وهنا نتحدث عن تخصيص مبالغ كافية لتطوير أساليب الحماية الرقمية وانتهاج وسائل جديدة في هذا الإطار. وأوضح أن هذا الأمر لا يتم فقط بالاستثمار المادي بل أيضا بالأبحاث والتطوير؛ وصولا إلى التفكير السليم بماهية وأسباب هذه الاختراقات، معتبرا أن مسألة الأمن الرقمي لا بد أن تكون شفافة، ولا يجب أن تشكل عبئا علينا. أما السيد "كريستان بيك" مدير إدارة خدمات الاستجابة للحوادث وقسم التشريعات الخاصة بالأمن الرقمي لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في شركة (McAfee) فقد ركز على أهمية الأنشطة التي تحصل على مستوى المنطقة في مجال تعزيز الوعي بأهمية الأمن الرقمي، حيث إن التهديدات اليوم باتت أكثر بكثير من ذي قبل، وبالتالي علينا أن نسأل أنفسنا اليوم ما الأولويات الأمنية الرقمية بالنسبة إلى الشركات والمؤسسات؟، وكيف يمكن حمايتها؟. وقال :" إن عدد البرمجيات الخبيثة قد زاد بشكل كبير، وهنا يجب التنبه إلى أن هناك أنماطا جديدة من هذه البرمجيات التي تفتح الباب على الاختراقات. أما السيد "دين سوليفان" رئيس قسم المؤسسات وتصميم الأنظمة في "سيسكو سيستمز" في الإمارات العربية المتحدة ، فقد رأى أن إقامة مثل هذه الملتقيات تساعد في رفع مستوى الوعي، وبالتالي الوصول إلى المشاركة في العمل والتعاون لمكافحة التهديدات وحماية الأمن الرقمي. وأضاف " إن المشهد بات يتغير كثيرا في هذا المجال، والقراصنة يتغيرون وبات لديهم تمويل جيد ويقومون باستقصاءات جيدة للحصول على المعلومات" .. معتبرا أن "عام 2013 " شهد زيادة مهمة في المخصصات المالية الموجهة للتهديدات الرقمية على مستوى الشركات، ولكن لا بد من ضخ المزيد. وأكد أن عملية المعالجة يجب أن تنطلق من خلفية من يقوم بهذه الاختراقات، وما هي هذه الاختراقات، ولماذا وأين وكيف، بحيث تكون لدينا بذلك الصورة الكاملة التي تساعدنا على الوصول إلى الحلول الفعالة. من جانبه .. تناول المهندس قصي الشطي نائب المدير العام لقطاع تكنولوجيا المعلومات في الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات في الكويت، موضوع التهديدات الرقمية وآثارها من النواحي الاقتصادية والاجتماعية، مشيرا إلى أن أحد التقارير العالمية أعلن أن عام 2012 تكبد خسائر مترتبة جراء الجرائم السيبرانية وصلت إلى نحو 110 مليارات دولار، كما وصلت تكلفة وضع حلول للهجمات السيبرانية إلى نحو 4 مليارات دولار. وقال :" إننا في العالم العربي نعاني من وجود مؤسسات لا تعلن أو تبلغ عن الجرائم السيبرانية التي تواجهها أو تفتك بها".. مطالبا بضرورة وجود نشاطات منسقة لتحسين قدراتنا والوصول إلى دعم حكومي أكبر في هذا الإطار. من جهته، قال السيد "مارتن هاورد" مدير قسم سياسات السايبر في مقر الاتصالات الحكومي (GCHQ) بالمملكة المتحدة، :" إن المشكلة التي لا نزال نعاني منها هي النظرة إلى عملية وضع حلول لمواجهة التهديدات السيبرانية على أنها من عناصر التكلفة فقط".. معتبرا أن ذلك يعتبر تقديرا خاطئا، معترفا في الوقت ذاته بأنه على الرغم من العمل على وضع خطط احتياطية لمواجهة التهديدات السيبرانية، فإن ذلك لا يعني أن نكون قادرين على منعها، ولكننا بذلك نلعب دورا مساعدا في عملية المعالجة والحل. وطالب بضرورة بناء البنى التحتية الرقمية الخاصة بالدول لمواجهة التهديدات السيبرانية، مؤكدا أنه لا بد من تعاون القطاع الحكومي والخاص لوضع برامج واستراتيجيات لمعالجة هذه التهديدات. بدوره، تحدث الدكتور "ديميتريوس سيربانوس" الباحث الرئيسي في معهد قطر لبحوث الحوسبة عن مسألة تطوير استراتيجيات للأمن السيبراني، مشيرا إلى أن هذا الموضوع بات يكتسب أهمية كبيرة، وبالتالي فإن الشركات وحتى الدول باتت تواجه هذه التهديدات، الأمر الذي يحتم على الحكومات لعب دور أكبر بالتعاون مع الشركات عبر توفير منصات لحماية وأمن تبادل المعلومات، إضافة إلى توفير أدوات لتحديد المخاطر. ولفت إلى أن استراتيجيات الشركات في هذا الإطار قد تتشابه لكن لا بد من وجود آليات محددة للتعاون بهدف الوصول إلى تحقيق حلول فعالة. أما الدكتور فادي العالول أستاذ العلوم المعلوماتية والهندسة في الجامعة الأمريكية في الشارقة فقد رأى أن منطقة دول مجلس التعاون الخليجي شهدت نموا ملحوظا في مجال استخدام الانترنت، الأمر الذي زاد من نسبة المخاطر ونسبة الجرائم الإلكترونية. وقدم الدكتور فادي العالول بعض النماذج لعدد من المواقع الالكترونية العربية التي تعرضت لهكذا هجمات، وقال :" إننا نتعامل مع هجمات محددة وبأهداف محددة".. مطالبا بضرورة العمل على زيادة الوعي في وسط المجتمعات حول مخاطر التهديدات الأمنية المعلوماتية. جدير بالذكر أن الملتقى حظي باهتمام بالغ من القطاعين الحكومي والخاص ، وسط مشاركة نخبة من المتحدثين والخبراء والمتخصصين في مجالات الأمن الرقمي، كما شهد تفاعلا بين المتحدثين والحضور، حيث تركزت غالبية النقاشات التي دارت حول أهمية التعاون بين القطاع العام والخاص للوصول إلى بناء استراتيجيات فعّالة لمواجهة التهديدات وحماية الأمن الرقمي خصوصا في منطقة الخليج. جريدة الراية القطرية