لجنة الفيدرالية استباحت اللعب باعصاب وشجون اليمنيين، فما بين إقليمين أو ستة أو غير ذلك وفق ما تسوقهم تطلعاتهم لتقسيم الكعكعة حسب النفود دون شك. بات مصيرنا مرهون بقوى النفود التي مازالت تتخذ اليمن ساحة للمعارك، فبعد إنتهاء الحوار الوطني جاء الدور لتحديد شكل الدولة المستقبلية، واذا ما كان أعضاء لجنة الفيدرالية قد اجتهدوا ووصلوا الى ما وصل اليه إجتهادهم باقرار ستة أقاليم على أسس اقتصادية أو سياسية أوجغرافية....الخ فان ما يستدعي الدهشة أن موضوع الستة أقاليم طرح منذُ عامان بعد إندلاع الثورة اليمنية حين كانت وليدة في عامها الاول وكان الهدف منه ضحد مشروع الاقليمين الذي كان مطروحاً وبقوة في تلك الآونة أي في عام 2011 على أساس ان الاقليمين هو الأنسب للخروج من الأزمة السياسية والانسانية الطاحنة بسبب حرب صيف 1994 و إجتياح الجنوب في 7/7. إن مشروع الستة الأقاليم قفزة على كل التطلعات في الشارع الجنوبي والذي يفضل تماسكه الجنوبي الجنوبي رافضا تقسيم الحنوب لإقليمين جنوبيين، وايضاً يفضل الشارع في اليمن الشمالي تماسكه السياسي لتخرج اليمن الشمالية من اي مشاريع تقسيم سياسية تودي لتفكيكه وتمزقه وتقوده لمستقبل أكيد مليئي بصراعات ايدولوجية ومناطقية، لذلك نجد أن مشروع الستة أقاليم في اليمن ليس مشروعاً وطني خالصاً ومخلصاً لمصلحة الشعب بل هو مشروع توزيع نفوذ فرضته قوة داخلية ودولية، وستظل هذه القوة تلعب بالساحة اليمنية كحال سورياوالعراق وإن كانت في اليمن الامور حتى الان أقل دموية، ونرجو من الله أن لا تنجر إلى ما آل إليه مصير تلك الدول، لذلك فإن مسألة تقسيم اليمن لعدد من الاقاليم ليس ضمان او صمام أمان للحفاظ على كيان الدولة الواحدة ووحدة القرار السياسي كما يزعمون بل هو اعادة تقسيم جغرافي للنفود والقوى مما سيوجد مشكلات يقينية في مسألة إدارة كل اقليم على حدة وعلاقته بباقي الأقاليم أو بالدولة الاتحادية، ولا نعرف أي تجربة أقتدى بها أعضاء لجنة الأقاليم ليطبقوها علينا في اليمن وينشئوا الدولة الاتحادية أم أنها تجربة فريدة بذاتها كما يزعمون، مع أن هذا الزعم ضرب من الخيال لأن كل متخصص في الشوؤن القانونية والسياسية يعلم أن هناك أطر معينة ومحددة ومعايير منضبطة تُحدد هوية الدولة، فهل أخذت التجربة اليمنية بمعايير التجربة الماليزية وهي تجربة رائعة رفعت ماليزيا من مصاف الدول النامية لتصير واحدة من القوى الإقتصادية، أم أُخذ بالتجربة العراقية وهي اول دولة عربية كانت موحدة وتم تقسيمها لفدراليات طائفية فيدرلية وقومية لكنها لم تنجو من الصراعات المذهبية والعرقية التي عصفت بالعراق وباروح العراقيين ومازالت تعصف. غير أن التجربة الأمريكية وهي متميزة لكنها بعيده المنال منا لأنها جاءت بإرادة الأمة الأمريكية وحدها وترسخت منذ عام 1872، في حين أن تجربتنا لم تأتي بإردة يمنية بل كان للقوى الإقليمية والدولية الدور الأبرز في تحديد ملامح التقسيمات الفيدرالية التي اعلنتها يوم امس لجنة الاقاليم. نحن بحاجة أن نتحرر من التبعية لأصحاب النفوذ ونستقل بقرارتنا حتى نضمن وطن نعيش عليه بطمئنينة لا ان تطبق علينا تجربة فشلت في العراق كان للقوى الإقليمية والدولية ذاتها الدور الأبرز في ذلك الفشل. مازلنا نعاني من توضيح المسائل المتعلقة بشكل الدولة، فعموم الناس لم يفهموا بعد ماهية الدولة البسيطة فأنى لهم أن يدركوا معنى الفيدرالية. حياة عدن