قرود اليمن ترجم الزاني والزانية: حدّثني أبو عمر أحمد بن عبد الله بن أحمد بن بكر البصريّ، قال: حدّثني النعمان الواسطيّ المحدّث (ت315ه) إنّه كان باليمن، فحدّثه بعض من يثق به من الرعاة هناك، قال: كنت أرعى غنما لي في بعض الأودية، فرأيت قردين، ذكرا وأنثى، وهما نائمان في مكان من الجبل. فجاء قرد ذكر، يخفي مشيه، حتى حرّك الأنثى، وهي إلى جنب الذكر، فانتبهت، ومضت معه، وافترشها، وأنا أراهما. فانتبه ذكرها، فرآها، فزعق زعقة عظيمة، فاجتمع إليه من القرود عدد كثير، هالني. فصاح بين أيديهم، فأقبلوا يتشمّمون الأنثى، حتى فرغوا كلهم من تشمّمها. ثم نزلوا بها، وبالذكر الذي وطئها، تخفيّا من ذكرها، إلى وهدة بعيدة، فدحرجوهما فيها قهرا، ثم رجموهما بالحجارة، حتى ماتا. (نشوار المحاضرة ج1 ص202) أقول أنا ياسين: القصة وردت في صحيح البخاري رحمه الله في باب القسامة كما هو معلوم، وهي موقوفة على عمرو بن ميمون(ت74ه) فهي ليست حديثا نبويا بطبيعة الحال؛ وإنما هي قصة ، إن صحت، يفهم منها أن القردة أفعالها تشبه أفعال الإنسان في بعض حالاته. أما لماذا وضعها البخاري في باب القسامة، فهذا ما لا أعرفه. وعمرو بن ميمون معدود في التابعين لأنه أسلم في حياة النبي صلوات الله عليه؛ لكنه لم يره. أحد القائلين بالتناسخ يدعي أنّ الهرّة أمُّه : حدّثني أبو الحسن عليّ بن نظيف البغدادي، المعروف بابن السراج، المتكلم، المعروف بالبهشمي، قال: كان يجتمع معنا في المجالس ببغداد، شيخ للإماميّة يعرف بأبي بكر بن الفلّاس، وكان طيّبا، فحدّثنا يوما: أنّه دخل على بعض من كان يعرفه بالتشيّع، ثم صار يقول بمذهب أهل التناسخ (1) ، قال: فوجدته، وبين يديه سِنّوْر سوداء، وهو يمسحها، ويحكّ بين عينيها، ورأسها، وعينها تدمع، كما جرت العادة في السنانير بذلك، وهو يبكي بكاء شديدا. فقلت له: لم تبكي؟ فقال: ويحك! ما ترى هذه السنور تبكي كلما مسحتها؟ هذه أمّي لا شك، وإنّما تبكي من رؤيتها لي حسرة. قال: وأخذ يخاطبها خطاب من عندَه أنّها تفهمُ عنه، وجعلت السنّور تصيح قليلا قليلا.قال: فقلت له، وأنا معتقد الطنز به (2) : فهي تفهم ما تخاطبها به؟ فقال: نعم. فقلت له: أفتفهم أنت عنها صياحها؟ فقال: لا. فقلت له: فأنت إذن الممسوخ، وهي الإنسان. ( نشوار المحاضرة ج8ص70) وإني لمشتاق إلى أرض غزة: بيتان من الشعر اشتهرا على أنهما للإمام الشافعي، رحمه الله، وهما: وإني لمشتاق إلى أرض غزةٍ .. وإن خانني بعد التفرق إخواني سقى الله ارضا لو ظفِرتُ بتُربها .. كحَلتُ به من شدة الشوق أجفاني وفي حقيقة الأمر فإن البيتين ليسا للشافعي؛ وإنما هما لابراهيم بن عبد الله الطنزي من بلدة (طَنْزَة) من ديار بكر، وقد كان حيا في سنة 568ه كما ذكر العماد الأصفهاني في (الخريدة) وقد ذكر البيتين. وعلى هذا فالبيت الأول صحته هكذا: وإني لمشتاق إلى أرض طنزةٍ .. وإن خانني بعد التفرق إخواني ويبدو أن شخصا استبدل غزة بطنزة ونحل البيتين للإمام الشافعي، حيث أن الشافعي من مواليد غزة؛ لكن أهله ارتحلوا عنها وهو طفل صغير لم يتمكن بعد من تكوين صداقات مع أحد حتى يخونه أصدقاؤه. عبرة وأيّة عبرة! ونعوذ بالله من الخيبة والخذلان: حدث أبو القاسم التنوخي قال: أخبرني جماعة ممن جلا عن ذلك الثغر أنّ نقفور لما فتح طرَسوس، نصب في ظاهرها علمين، ونادى مناديه: من أراد بلاد الملك الرحيم، وأحبّ العدل والنّصَفة، والأمن على المال، والأهل، والنفس، والولد، وأمن السبل، وصحة الأحكام، والإحسان في المعاملة، وحفظ الفروج، وكذا وكذا، وعدّ أشياء جميلة، فليَصِرْ تحت هذا العلم، ليَقفِل (ليرجع) مع الملك إلى بلاد الروم. ومن أراد الزنا، واللواط، والجور في الأحكام والأعمال، وأخذ الضرائب، وتملك الضياع عليه، وغصب الأموال، وعدّ أشياء من هذا النوع غير جميلة، فليحصل تحت هذا العلم إلى بلاد الإسلام. فصار تحت علم الروم خلق من المسلمين، ممّن تنصر، وممّن صبر على الجزية. ودخل الروم إلى طرسوس، فأخذ كلّ واحد من الروم، دار رجل من المسلمين، بما فيها، ثم يتوكّل ببابها، ولا يطلق لصاحبها إلّا حِملَ الخِفّ (الحمل الخفيف)، فإن رآه قد تجاوز، منعه، حتى إذا خرج منها صاحبها، دخلها النصرانيّ، فاحتوى على ما فيها. وتقاعد بالمسلمين أمّهات أولادهم، لمّا رأين أهاليهن، وقالت أنا الآن حرّة، لا حاجة لي في صحبتك، فمنهنّ من رمت بولدها على أبيه، ومنهنّ من منعت الأب من ولده، فنشأ نصرانيّا، فكان الإنسان يجيء إلى عسكر الروم، فيودّع ولده، ويبكي، ويصرخ، وينصرف على أقبح صورة، حتى بكى الروم رقّة لهم. وطلبوا من يحملهم، فلم يجدوا غير الروم، فلم يُكروهم (يستأجرونهم) إلّا بثلث ما أخذوه على أكتافهم أجرة، حتى سيّروهم إلى أنطاكية؛هذا، وسيف الدولة حيّ يرزق بميافارقين، والملوك كلّ واحد مشغول بمحاربة جاره من المسلمين ، وعطّلوا هذا الفرض، ونعوذ بالله من الخيبة والخذلان، ونسأله الكفاية من عنده. (ج4ص29معجم البلدان لياقوت منقولا إلى نشوار المحاضرة ) خطيب يموت على المنبر ذكر صاحب كتاب النشوار أبو عليّ المحسّن بن عليّ القاضي: أنّه حضر مجلس أبي الفرج الأصبهانيّ، صاحب كتاب الأغاني، فتذاكروا موت الفجاءة. فقال أبو الفرج: أخبرني شيوخنا أنّ جميع أحوال العالم قد اعترت من مات فجأة، إلّا أنّني لم أسمع من مات على منبر. قال أبو علي المحسّن: وكان معنا في مجلس أبي الفرج، شيخ أندلسي، قدم من هناك لطلب العلم، ولزم أبا الفرج، يقال له: أبو زكريّا يحيى ابن مالك بن عائذ، وكنت أرى أبا الفرج يعظّمه ويكرمه ويذكر ثقته. فأخبرنا أبو زكريّا: أنّه شاهد في مسجد الجامع ببلدة من الأندلس، خطيب البلد، وقد صعد يوم الجمعة ليخطب، فلمّا بلغ يسيرا من خطبته، خرّ ميتا فوق المنبر، حتى أنزل منه، وطلب في الحال من رقي المنبر، فخطب وصلّى الجمعة بنا. (نشوار المحاضرة ج4ص57 بتحقيق عبود الشالجي نقلا عن معجم الأدباء) قال محقق كتاب نشوار المحاضرة المرحوم عبود الشالجي: " وقد حدث مثل ذلك في مصر.فإن حسن صبري باشا رحمه الله، رئيس الوزراء في عهد الملك فاروق، توفي وهو يلقي خطبة العرش في مجلس النواب. وحدث في العراق أيضا: فإن صالح جبر ، رحمه الله، من رؤساء الوزارات السابقين، توفي وهو يخطب في مجلس الأعيان." أقول أنا ياسين: توفي المرحوم الشيخ توفيق محمود جرار في جامع فاطمة خاتون( الجامع الكبير) في مدينة جنين في فلسطين وهو يصلي بالناس صلاة عيد الفطر عام 1996. وحدثني أحد مؤذني المسجد، وهو الشيخ أبو بكر، هلال السبع، أن الشيخ توفي وهو يقرأ أوائل سورة الأعلى، وذلك لما وصل إلى نهاية الآية:" فجعله غثاء أحوى". والشيخ توفيق أزهري عمل مفتيا لمدينة جنين لبضعة عقود. وكان رحمه الله من العلماء العاملين على إزالة المنكرات، فكان صلبا في قول الحق، وكان حسن الهيئة والهندام أيضا. صدق او لا تصدق: الإمام أبوحنيفة، رحمه الله، من أشهر المذاهب مذهبه ومن اوسعها انتشارا، ومع هذا، فإن التعصب لفهم دون فهم، ولقول دون قول آخر أدى بعبد الله بن الإمام أحمد رحمهما الله نعالى إلى نقد أبي حنيفة نقدا مرا. هذا، إذا صح أن الكتاب المسمى ب (السنّة) منسوب لعبد الله بن الإمام أحمد. ففي الكتاب كلام في ذم أبي حنيفة يُفجأُ به القارئ ويُذهل! فمما ورد فيه: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَتَّابٍ الْأَعْيَنُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، قَالَ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ نَبَطِيًّا اسْتَنْبَطَ الْأُمُورَ بِرَأْيهِ» . وكأن الجمود عند ظواهر النصوص هو المطلوب وليس إعمال العقل في فهمها. حَدَّثَنِي حَسَنُ بْنُ أَبِي الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ، ثنا مُؤَمَّلٌ، سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ غَيْرَ ثِقَةٍ وَلَا مَأْمُونٍ اسْتُتِيبَ مَرَّتَيْنِ» حَدَّثَنِي أَبُو مَعْمَرٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ «َيُذْكَرُ أَبُو حَنِيفَةَ بِبَلَدِكُمْ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «مَا يَنْبَغِي لِبَلَدِكُمْ أَنْ يُسْكَنَ» حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، ثنا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، قَالَ: " سُئِلَ أَبُو حَنِيفَةَ عَنِ الْأَشْرِبَةِ، فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ، إِلَّا قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَسُئِلَ عَنِ الْمُسْكِرِ فَقَالَ: حَلَالٌ "!! تلك عينات أربع اقتبستها من الكتاب المذكور، وفيه ما هو أشد نكارة على أبي حنيفة منها. وقد تتبعت طبعات الكتاب على الشبكة فوجدت أن ممن حققوا الكتاب وقاموا على طبعه حذفوا ما خُص به أبو حنيفة من إهانات، حيث اعتبروها وليدة عصر معين، وأنه لا يصح إثارة النعرات المذهبية التي يمكن ان تنشأ نتيجة لتلك الأقوال؛ لكن منهم من ذكرها باعتبارها تراثا لا يجوز كتمانه، فهو يلقي ضوءا على الفكر الديني في تلك البرهة من الزمن. ما لا يجوز فيه الخلاف بين المسلمين: عنوان كتاب كنت قد طالعته في عهد الشباب لم انسه بعدها. فالكتاب يذم التعصب ويذم عدم الإنصات إلى الرأي الآخر. وفي الكتاب نقول طريفة عما كان بعض المتأخرين من الفقهاء يختلفون فيه، ومنها مسائل مستحيلة الحدوث كان الخلاف فيها يؤدي إلى الفرقة والتناحر. وفيه ذكر المؤلف ما يجوز فيه الخلاف وذكر ما لا يجوز فيه الخلاف. وهذا رابط الكتاب: http://www.4shared.com/office/XbZoVlW1/_____.html وإلى لقاء آخر.. 1 تَنَاسَخَتِ الأرْوَاحُ : اِنْتَقَلَتْ مِنْ أجْسَامِهَا إلَى أجْسَامٍ أخْرَى حَسَبَ بَعْضِ الاعْتِقَادَاتِ. 2 طَنَزَ به : سَخِرَ ، واستهزأ دنيا الوطن