بسبب انتشار نمط الحياة الغربية في كثير من مجتمعاتنا شاعت مؤخراً ظاهرة إقدام الأسر التي يكون من حظها أن تعول الأب الكبير، أو الأم المسنة على نقل الأب أو الأم إلى ما يعرف باسم «دار المسنين» بسبب رفض الزوجة تحمل والد أو والدة زوجها، أو رفض الزوج تحمل والدي زوجته، وأصبح من المعتاد نفي المسن وعزله عن الجو الأسري تهرباً من صحبته، وهو في خريف العمر وأشد ما يكون إلى مؤانسة الأبناء والأحفاد ليخففوا عنه شيخوخته. حسام محمد (القاهرة) - حول موقف الدين الإسلامي من كبار السن، قال الدكتور محمد نبيل غنايم أستاذ الشريعة بجامعة القاهرة: لقد حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على تحقيق التوافق والبر والرحمة بين أفراد أمته، ودعا صلى الله عليه وسلم إلى أن نحسن معاملة المسنين وأن نوقرهم، فجاء في الحديث الشريف عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضى الله عنهم أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا»، وفي حديث آخر عن أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما أكرم شاب شيخاً لسنه إلا قيض الله له من يكرمه عند سنه»، (رواه الترمذي). توفير الرعاية والإسلام يحفظ الحقوق ويقدر عطاء المسنين، حيث أوضح غنايم أنه أوجب على المجتمع توفير الرعاية لهم في فترة ضعفهم. وكان أبوبكر الصديق وعمر بن الخطاب رضى الله عنهما يستنيران برأي الشيوخ حين تختلط الأمور عليهما لثقتهما بخبرة الشيوخ، كما كان أبوبكر رضى الله عنه مثالاً للابن البار فلم يجلس وأبوه واقف بل كان يوقره ويحسن معاملته. ورعاية المسنين تعتبر حقاً مكفولاً لهم ولم يغفله المشرع، كما أنه في عنق الشباب والمجتمع حق ودين ينبغي الوفاء به. النظام التكافلي ويرى الدكتور أحمد عمر هاشم أستاذ السنة النبوية بجامعة الأزهر أن وجود أب أو أم لهما أبناء في إحدى دور المسنين أمر من قبيل الردة عن النظام التكافلي كما حث عليه الإسلام، فالمفروض أن الآباء عندما يهرمون يجدون منا كل رعاية وفق قوله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)، «سورة الإسراء: الآيتين، 23 - 24»، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين»، وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: «إن أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه»، فإذا كان القرآن الكريم والسنة النبوية يمنعانا من أن نقول لأبوينا «أف»، فكيف نقوم نحن اليوم بوضعهم في دار المسنين وانتشار دور المسنين في العالم العربي دليل على انتشار العقوق. ... المزيد الاتحاد الاماراتية