صحيفة المرصد : لم تستطع الحرب الدائرة في سوريا منذ 4 سنوات، أن تفعل بعائلة سعودية ما فعلته بها "حرب الأوراق". فالحرب السورية هجرتها من مكان سكنها في ريف دمشق، إلا أن الأوراق شتت أفراد العائلة المؤلفة من أب وأم و11 ولدا، ما بين سورياوالأردن والسعودية. فالأب كريم الكويكبي الرويلي (66 عاما) جاء إلى السعودية ساعيا وراء حل، و8 من الأبناء وأمهم السورية، في الأردن، و3 لا يزالون في سوريا. والوضع الأصعب يواجهه المقيمون منهم في الأردن. فالجهات المعنية بشؤون اللاجئين السوريين تصنفهم على أنهم سعوديون، والجهات السعودية الرسمية تنظر إليهم على أنهم لاجئون حتى يحضروا السجل المدني السعودي، على الرغم من قيام السفارة بتأمين سكن لهم بناء لجواز سفر والدهم. حكاية هذه العائلة وفقا لصحيفة "مكة علمت بها من مخيم الأغوار للاجئين السوريين في إحدى ضواحي عمان. وبعد البحث والتدقيق تمكنت من معرفة مكان إقامة العائلة وزارتها في منزلها، برفقة أحد اللاجئين السوريين الذين يعرفهم يكنى ب "أبو علي". دخلنا المنزل المكون من غرفة وصالة ودورة مياه بدون مطبخ، ويقيم فيه عشرة أفراد. وبعادات سعودية بقيت النساء في الغرفة مستقلة لأن هناك رجلا غريبا في الصالة (أبو علي). فور دخولي المنزل وجدت ابتسامة فرح وكأني أحمل لهم رائحة الوطن ورائحة الأمان. سألوا "أبو علي": هل هي سعودية؟ أجابهم: نعم سعودية وحضرت من هناك خصيصاً للقائكم. على مراتب إسفنج رصفت على أرض الصالة التي تتسلل في زوايا أرضيتها حشرات صغيرة نظراً لعدم توفر أدوات نظافة أو مكنسة كهربائية، جلسنا وبدأت العائلة واجب الضيافة: قهوة بعدها شاي وقسم علينا بتناول العشاء.. ولأننا امتنعنا رفضوا تسليمنا نسخا من الأرواق الرسمية التي تؤكد روايتهم حتى نعود في اليوم التالي ونتناول الغداء معهم.. وهكذا كان.. "فاطمة أحضري الأوراق" قال خالد (الابن الثاني)، لأخته، فأرسلت مع طفلة حقيبة فيها أوراق كثيرة، ثم قالوا: استعدي للقصة فهي طويلة، ولكن من أين نبدأ. لنبدأ من النهاية: لماذا أنتم لاجئون؟ فأجاب خالد: نحن سعوديون، ولكن لم نشاهد السعودية. بعد الأحداث في سوريا هربنا بعدما استحصلنا من السفارة السعودية بلبنان على "جواز مرور للأردن"، وفي عمان قالوا لنا إن أوراقنا مزورة، لذلك أحضرنا لكم جميع الأوراق، ونحن مستعدون للمحاسبة وفحص ال DNA ليتأكدوا أن كرّيم هو والدنا. هذه التذكرة (جواز المرور الصادر من السفارة بلبنان) لن تدخلنا السعودية هي فقط للخروج من سوريا. في البداية وصلت إلى عمان والدتي ووالدي المريض الذي أصيب بجلطة في المخ ولا يستطيع التحدث، و3 من شقيقاتي وزوجتي وزوجة شقيقي. ذهبوا فور وصولهم للسفارة السعودية وعندما اطلعوا على الأوراق أسكنوهم في فندق لليلة واحدة ثم طلبوا منهم أن يستأجروا منزلاً ويحضروا عقد إيجار لتسدده السفارة لحين حل المشكلة. وجدوا شقة إيجارها 375 دينارا شهرياً، كما طلبوا في السفارة من والدتي الحضور أسبوعيا لتتسلم المصروف. وكانت العائلة ترسل لنا في سوريا 100 دينار، وتبقي لنفسها 100 أخرى لأننا كنا في سوريا لا نملك شيئا وتضاعفت الأسعار كثيرا.. بعد 3 أشهر أوقفت السفارة المصروف عن والدي ولم يجد أهلي غير الشارع مأوى لهم. وبالمصادفة اتصل رجل يبلغنا أن هناك منزلا من متبرع، وقتها كنا بدأنا نصل إلى عمّان كدفعات وبقي شقيقاي وشقيقتي تحت الحصار هناك. وجاء وقت وضع زوجتي لطفلتي الأخيرة ولظرف صحي حجزت في المستشفى ولم نجد مالا لإخراجها، فساعدتنا سيدة وقفت على باب مسجد تطلب مالا لنتمكن من إخراج ابنتي من المستشفى، ولم نكن نملك ثمن الحضانة... تتدخل "أم محمد" (الوالدة) وتقول: أصبحت أخجل من أن يعرف أحد أن أبنائي سعوديون.. أقول فقط أنا لاجئة سورية.. عندما حضرنا من المستشفى جمعت إحدى السيدات ملابس للطفلة.. كل ما نملكه هو كوبون ب 24 دينارا شهريا أتلقاها مساعدة كلاجئة سورية وهي لا تكفي لإطعام أسرتي ومن أماكن محددة تبيعنا الغذاء بسعر أعلى، بينما لا يمكن لأبنائي السعوديين تلقي أي إعانة لا من مفوضية اللاجئين ولا من السفارة.. مرت علينا أيام نشتري فيها طماطم تالفة، أطبخ لهم بها طعاما.. هذا حال أبنائي الموجودين في الأردن أما الثلاثة الباقون فهمهم أكبر لأنهم تحت القصف في ضمير التي تبعد بضعة كيلومترات عن مطار عسكري.. لا أنام الليل بسببهم ولا يهنأ لي بال، خصوصا عندما تمر أيام والاتصالات بيننا مقطوعة. تقول "أم محمد" إن زوجها كريم شحاذة الوهيبي الكويكبي (66 عاماً) كان يعمل تاجرا ولم يأت إلى السعودية منذ 27 عاما، وأصيب مؤخراً بجلطة في المخ خلال فترة وجوده في سوريا. وتضيف: تفاجأ زوجي قبل الأحداث السورية، أنه لا يستطيع دخول السعودية بحجة أنه ليس سعوديا. وبعد فترة استطاع كريّم من الحصول على 35 توقيعا من الكواكبة ومن شيخ القبيلة، بأنه ابنهم وأنه سعودي ويحمل التابعية برقم وتاريخ مسجلين رسمياً. وما يدل على ذلك أنه حاصل على قرض من صندوق التنمية العقاري.. وهذه الأمور مكنته من دخول السعودية، بينما لم يمنح أبناؤه هذا الحق رغم وجود شهادات الميلاد والجواز الموقت. وتتابع "أم محمد": منذ 1991 وبعد تثبيت زواجي وأبنائي في المحكمة بسوريا، كنت أذهب إلى السفارة السعودية ويكون الرد أرسلنا برقية وننتظر الرد. ترسل السفارة استفسارا للداخلية السورية فيأتيها الرد أن أبنائي غير سوريين.. وبعد فقداني الأمل قدمت لأبنائي على الجنسية السورية ولكن طلبي رفض.. أي جنسية يمكن منحها الجنسية السورية إلا السعودية. وبقي زوجي كريّم يحاول العودة ولا يستطيع حتى تمكنا من الفرار إلى الأردن ومنها أبلغت السفارة أن أوراقه موجودة في أحوال سكاكا فسمحوا له بالدخول بمفرده. ويقول خالد: الآن لا نستطيع الخروج من منزلنا لأننا بلا إثبات ولا إقامة، وعندما طلبنا العمل مع حملة إغاثية كانت إجابتهم لو كنتم من جنسية غير سعودية ربما استعنّا بكم. ويتساءل: منذ متى والجنسية السعودية عقبة في طريق العمل، والفرصة متاحة للسوري للعمل بعمّان؟ طالما سمحوا لوالدي بالدخول للوطن، فلماذا لا يسمحون لنا بذلك، علما أن والدنا لم ينكرنا.. نتألم كثيرا لأن والدتي وإحدى شقيقاتي التي تعمل في مجال الخياطة، توفران لنا طعامنا. يقول صالح (الابن الثالث): أصلنا معروف ولسنا بحاجة لتعريف. الآن والدنا في الرياض، ويسعى بمساعدة أحد أبناء عمومته، وراء رقم السجل المدني ورفع شكوى على الأحوال المدنية في ديوان المظالم. على الرغم من ضيق السعة، إلا أن عائلة الكويكبي رفضت ألا تقدم واجب الضيافة على الطريقة السعودية. فعمل أحد الأبناء في محل للخضروات بالرغم من خطورة خروجه من المنزل، حيث إنه اعتقل في إحدى المرات وتدخلت السفارة السعودية لإطلاق سراحه، وتحصل على 5 دنانير ليوفروا ما يقدموه على مائدة العشاء. وقال خالد: نعم تضيق بنا الحياة، ولكن لا تشعرونا بالنقص.. فنحن نعرف كرم الضيافة فقد علمنا والدي على العادات السعودية البدوية الأصيلة. شجرة عائلة كريم الرويلي الأب: كريم شحاذة الوهيبي الكويكبي الرويلي، سعودي ولد 1948 في صحراء الجوف،مقيم في الضمير بريف دمشقسوريا ولم يأت إلى السعودية منذ 27 عاما. الزوجة: برية (سورية)1977: تزوجا بعقد نكاح لدى شيخ بسوريا وأقاما بريف دمشق، ولم يثبتا العقد في المحكمة والسفارة السعودية. أولادهما: 1978: محمد - موجود في الأردن - متزوج له ولد. 1979: خالد - موجود في الأردن - متزوج له 3 أولاد. 1980: صالح - موجود في الأردن. 1981: فوزة - موجودة في الأردن. 1982: سليمان: موجود في سوريا. 1983: جوزة - موجودة في الأردن. 1984: فاطمة - موجودة في الأردن. 1985: وردة - موجودة في سوريا. 1986: عبدالجليل: موجود في سوريا. 1987: عز الدين: موجود في الأردن. 1988: سعد الدين: موجود في الأردن. 1991: تثبيت عقد النكاح في المحكمة الشرعية في دمشق. 1991 - 2010 (بداية الثورة السورية): مراجعة السفارة السعودية بدمشق لتسجيل الأولاد ولم ينجح الأمر لأسباب عدة. 2012: إيفاد معقب إلى السفارة السعودية في بيروت واستخراج جوازات مرور لكل أفراد العائلة استنادا إلى جواز الأب وتابعيته وعقد النكاح الموثق بالمحكمة. 2012: غادر الأب والأم وعزالدين وجوزة سوريا إلى الأردن وذهبوا مباشرة إلى السفارة السعودية التي أمنت لهم سكانا في عمان لمدة 3 أشهر. 2013: الجوازات السعودية أرسلت إلى السفارة السعودية موافقتها على دخول الأب إلى منطقة سكاكا لمدة أيام فقط. سافر الأب إلى سكاكا وأعد ورقة إثبات هويته وقعها 35 شاهدا من أبناء قبيلة الرويلة ووثقها شيخ القبيلة، ثم ذهب بها إلى الأحوال المدنية لاستخراج سجل مدني. 2014:بعد عدة أشهر من انتظار الأحوال المدنية لجأ إلى ديوان المظالم متقدما بشكوى. فبراير الماضي: سحب الدعوى من المظالم بناء لطلب الأحوال المدنية التي وعدته بتسليمه رقم السجل المدني، ولا يزال منتظراً وهو الآن موجود في الرياض. صحيفة المرصد الاماراتية