عباس غالب لم تكن تصريحات الرئيس عبدربه منصور هادي تنطلق من فراغ وهو يؤكد أن الحرب مع الإرهاب متواصلة ومفتوحة حتى يتم استئصال شأفة هذه الظاهرة وذلك انطلاقاً من مخاطر استشراء هذا الداء العضال وامتلاكه للعتاد النوعي والامكانات فضلاً عن دعم بعض الاطراف الاقليمية وتقاطر العشرات من جنسيات مختلفة إلى الداخل لتوسيع نطاق عمليات التخريب والغلو والتطرف، إذ يشكل هؤلاء ما نسبته 70 % من قوام هذه المجموعات الارهابية، خاصة بعد أن تأكدت صدقية هذه المعلومات جراء القبض على عدد كبير منهم وفحص جثث القتلى في هذه المعارك التي يخوضها أبناء القوات المسلحة والأمن واللجان الشعبية بكل بسالة واقتدار. وتأتي أهمية هذه التأكيدات الرئاسية بعد تكشف أبعاد هذا المخطط التآمري على مصالح الوطن وفي محاولة يائسة لضرب تماسك المجتمع و وحدة كيانه ومنجزه الوحدوي، فضلاً عن محاولة استهداف تجربته السلمية لإعادة بناء الدولة اليمنية على أسس حديثة ومتطورة.. وذلك بالاستفادة من الأخطاء التي صاحبت معركة (السيوف الذهبية) من حيث الاكتفاء على ضرب هذه الجماعات في مراكز تواجدها داخل محافظة أبين و دون ملاحقتها وتجفيف كامل بؤرها والمنخرطين فيها من الجذور ! وحسناً أن تتزامن هذه التأكيدات الرئاسية في ضرورة مواصلة المعركة مع الإرهاب مع الخطوات التي أعلنها الرئيس هادي والمتمثلة في إصدار قرار إنشاء مركز لإعادة وتأهيل العناصر المغرر بها من أعضاء الجماعات الإرهابية وذلك في إطار الحرص الوطني على إعادة هؤلاء إلى جادة الحق والصواب بعد أن تعرضوا – كما يبدو- لعمليات ممنهجة تمكنت من زعزعة ارتباطاتهم الوطنية.. وبالتالي سلخهم عن قيم ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف القائم على الوسطية والاعتدال، حيث استغلت قيادات إرهابية من تنظيم القاعدة وغيرها الظروف المعيشية الصعبة للمراهقين لتجنيدهم في طوابير الانغلاق والكراهية والتزمت التي ستلحق الضرر بأنفسهم قبل أن تلحق الضرر بمجتمعهم و وطنهم. وفي هذه السياقات، لابد من التأكيد مجدداً على أهمية تضافر الجهود الرسمية والشعبية والنخب السياسية والفكرية في التعامل مع هذه الظاهرة الخطيرة بروح المسؤولية الوطنية وبعيداً عن الحسابات الحزبية والمصالح الأنانية الضيقة.. باعتبار أن خطر استفحال الإرهاب والتشدد والغلو و التطرف سوف يلقي بتبعات خطيرة على الجميع دون استثناء، بل أن الأمر يتطلب حرص هذه الأطراف – مهما تباينت اجتهاداتها – على التضامن والاصطفاف في جبهة مكافحة هذه الظاهرة ودعم توجهات القيادة السياسية بملاحقة عصابات الإرهاب و اجتثاث بؤرها أين ما حلت أو ارتحلت على الأرض اليمنية، فضلاً عن دعم الدور المتعاظم الذي تقوم به مؤسستا الدفاع والأمن في ترجمة هذه المهمة الوطنية وتخليص المجتمع من شرور هذه العصابات، إذ أن من شأن هذا الاصطفاف الوطني استكمال إنجاز التسوية السياسية التاريخية و وضع اليمن على خارطة إعادة بناء مؤسسات الدولة وفقاً لمعايير العصر.. وهو ما يراهن عليه الداخل والخارج بالنظر إلى ما يعوله اليمنيون والدول الراعية للمبادرة الخليجية من آمال عريضة في أن تكون هذه التسوية بوابة لدخول المستقبل و من أوسع الأبواب. وفي هذا الصدد لا يمكن التغافل عن الدور الشعبي المتميز الذي سجله أبناء القبائل والشيوخ و أعضاء اللجان الشعبية في هذه المحافظات من صور البطولة والتلاحم والمؤازرة لأبناء القوات المسلحة والأمن في اجتثاث معاقل المتطرفين و الحيلولة دون عودتهم بالنظر إلى الجرائم التي ارتكبتها هذه العصابات ومثلت تحدياً حقيقياً في غياب مشروعات التنمية طيلة السنوات الماضية التي هيمنت فيها على مقدرات هذه المناطق. "الجمهورية" براقش نت