في إطار فعاليات اليوم الأول لمنتدى الإعلام العربي الثالث عشر ، أبدى المتحدثون في جلسة " الإعلام العربي.. والتصعيد الطائفي" تشاؤما كبيرا نحو إيجاد حلول مناسبة لإيقاف الصراع والتصعيد الطائفي في المنابر الإعلامية، ودفعوا بأنها معقدة إلى الحد الذي يستعصى على الحل أو تحديد هوية من يقف وراء هذا التأجيج. وفي بداية الجلسة النقاشية، نوهت مديرة الجلسة ريما المكتبي الإعلامية والمذيعة في قناة العربية، الى مدى تفشي السلوك الطائفي حتى في الحياة الاجتماعية العادية للافراد، حيث أصبح السؤال لأي فرد، من اين أنت او ما أسمك بهدف التحليل اذا ما كان من خلفية مسيحية او سنية او شيعية ..الخ ثم نقلت المكتبي دفة الحديث الى الكاتب والصحافي مشاري الذايدي، الذي رفض فكرة ان يكون الإعلام مساهماً بشكل مباشر في نشر الطائفية، او أن يكون هذا النوع من الصراع قد وجد طريقه الى الإعلام بسبب ما عُرف باسم "الربيع العربي". وقال ان التوترات الطائفية ليست وليدة اليوم، فهي موجودة ومرفوضة منذ القِدَم. وتحتاج لإنهائها الى سلطة قوية رشيدة، ثم خلق بيئة يتعايش فيها الجميع مع بعضهم بسلام، ومسؤولية خلق هذه البيئة لا تبدأ كما يعتقد البعض من المنابر الإعلامية وإنما من البيت والأب والأم والمدرسة والمجتمع وأرباب السياسية. وعرّج الذايدي الى قضية القنوات الفضائية التي تغذي هذه الطائفية، بانه يتوجب اغلاقها دون النظر الى قضية الحرية الإعلامية وما يتوقف على ذلك من انتهاك لحرية الرأي كما يعتقد البعض، فهنا لسنا بصدد حرية الإعلام وإنما مكافحة الجرائم المتمثلة بالتحريض على القتل والتصفية. هنا نتحدث هناك تكوينات اجتماعية تدعم هذه القنوات وتعمل على بثها من أماكن خارج نطاق القانون العربي في اقل تقدير. مؤكدا على انه لا مناص من وضع قوانين لإضافة المحتوى الإعلامي المتمثل بمواقع التواصل الاجتماعي وأيضاً اخضاعها الى للقوانين العامة المعمول بها في الوقت الحالي في سلطة الإعلام الفضائي. أما عماد جاد رئيس وحدة العلاقات الدولية، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية في جريدة الاهرام. يرى ان المشكلة في العالم العربي ثقافية بالدرجة الأولى لأنه بدى واضحاً خلال الفترة الماضية ان بعض الانظمة استخدمت الدين كسلاح للتأجيج الطائفي وتصفية الحسابات الشخصية. فأسوء ما ارتكب في العالم العربي هو توظيف الإعلام سياسياً. وقال جاد ان بعض ملامح هذه الطائفية مرتبطة بالعقائد الفردية، وهنا لا يحق لنا ان نحاسب المسيحي على عقائده تجاه المسلم او عقائد السني تجاه الشيعي، فكل فرد حر بما يؤمن به. ولكن عندما تتحول العقائد الى التحريض وتتبني الخطاب الطائفي فهذا ما يجب التركيز على محاربته. بدوره باقر النجار استاذ علم الاجتماع في جامعة البحرين. اكد على ان الإعلام أداة مهمة في الصراع الطائفي الدائر حالياً، وهي مرآة عاكسة لأي خلاف اجتماعي او ثقافي او سياسي في مجتمعاتنا العربية. وخطورة هذه المنابر الإعلامية تكمن في انها في يد اشخاص ومؤسسات فاعلة في المجتمع، معللاً وصول التحريض الطائفي الى الوسائل الإعلامية، بفشل بعض الدول العربية في اقامة الدولة الحديثة القائمة على التنوع. وليقدم لحضور الجلسة تساؤلاً اذا ما كانت الشعوب العربية عاجزة عن التعامل مع الأقليات وعلى خلاف المشاركين في الجلسة، اعتبر لقمان سليم الكاتب والمحلل السياسي. ان لهذا التاجيج الطائفي وجه اخر ايجابي وهو فضيلة يمكن الاستفادة منها، لأنه السبب الذي دفعنا جميعاً الى التفكير جيداً بما يجري حولنا. مؤكداً على انه لا يؤمن كثيرا بفكرة ان الإعلام يعكس ما يجري، فهو شريك اساسي في العملية وبحاجة الى مراجعة. وفي سؤال لمديرة الجسلة، عن الحل الامثل للقنوات الإعلامية في حال وجود اخبار او مقاطع مصورة فيها شحن طائفي، هل تنقل الخبر ام لا تنقله؟ قال مشاري الذايدي، ان الدور الاول للإعلام والصحافة هو نقل هذه الصورة وإلا فلن تكون ليس صحافة بمعنى الكلمة. لافتاً ان الهوّة الكبيرة في هذه الجانب ليست متعلقة بنقل الخبر من عدمه، فما ساهم على التحريض الطائفي ووصله الى الإعلام هو كيفية تناول الخبر ومقاربته في السياق الصحيح. ومؤكداً في الوقت ذاته ان مشكلة التحريض الطائفي هي عالمية وليست عربية، لانه لا يوجد حتى اليوم وزارات او هيئات تنظم عمل منصات التواصل الاجتماعي. وفي سؤال آخر لمكتبي، حول اذا ما كانت بعض القنوات العربية تقف وراء التحريض الطائفي وتشجعه، فلماذا يسمح القائمون على الاقمار الصناعية ببث هذه القنوات؟ اعتبر عماد جاد، ذلك نتيجة لغياب النظام الديمقراطي ، وتوظيف الإعلام في السياسية. بدورة قدّم لقمان سليم من التوصيات ما يدعو الى المزيد من الاستثمار في الحرية السياسية، فكلما ضاقت الهوية السياسية توسعت الهوّة باتجاه الطائفية. لافتا الى ان منتدى الإعلام العربي معلم من معالم حرية الراي التي نحتاجها. يُذكر أن الدورة الثالثة عشرة لمنتدى الإعلام العربي تنعقد في دبي خلال الفترة 20-21 تحت شعار "مستقبل الإعلام يبدأ اليوم" بمشاركة أكثر من 2000 من كبار الكتاب والمفكرين العرب ورموز وقيادات العمل الإعلامي في المنطقة ، حيث ينظر المنتدى هذا العام في مجمل التحديات التي تواجه الصناعة بهدف الوقوف على مختلف أبعادها ووضع تصور لمتطلبات التطوير في المرحلة المقبلة بما يعزز قدرة الإعلام العربي على مواكبة التطور العالمي والمساهمة بدور إيجابي في بناء مستقبل أكثر ازدهارا للشعوب العربية. البيان الاماراتية