قال فضيلة الشيخ أحمد محمد البوعينين إن العمر الذي يملكه الإنسان نعمة كبرى يُحمد الله عليها، مشيرًا إلى أن الإنسان أمامه فرصة للنجاح، ولذلك أمتن الله بالشروق والغروب على عباده فقال تعالى: "اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً ، إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ ". وأشار في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بجامع صهيب الرومي بالوكرة إلى أن الله تعالى أقسم بالزمن في الكثير من آيات الذكر الحكيم فقال تعالى: "وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى"، وقال تعالى: "وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ"، وقال تعالى: "وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ". وقال تعالى: "وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ". وقال: إن الله أقسم بالزمن لما فيه من الأعاجيب ولأن الزمن جملة أصول النعم وفرصة سانحة أمام الإنسان، ويوصف بالأحمق من ضيّعها، كما أقسم الله تبارك وتعالى بالزمن فعُلم من ذلك أن حياة الإنسان أنفاس تتردّد وتتعدّد وآمال تضيع إن لم تتجدّد، دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثواني، فالوقت من ذهب والوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك والوقت هو حياتك، وقد بلغ بعضنا العشرين والثلاثين والأربعين والخمسين والستين والسبعين فكم بقي من أعمارنا. ماذا عملنا في حياتنا ؟، تخيّلوا يا عباد الله أن ملك الموت أتانا اليوم فهل نحن مستعدون لملقاة الله ؟. وأشار إلى أن أعمارنا قليلة، كما قال عليه الصلاة والسلام: "أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين"، فكم بقي من عمرك يا عبد الله المسلم الفطن، يجب عليك أن تكون مستعدًا لذلك اليوم، فالدنيا ممر والآخرة مقر، وعليك يا عبد الله أن تغتنم هذه الحياة بالطاعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إغتنم خمسًا قبل خمس: حياتك قبل موتك - صحتك قبل سقمك - فراغك قبل شغلك - شبابك قبل هرمك - غناك قبل فقرك"، وفي هذا الحديث يمثّل أيام الأنسان بأنها حبل ممدود لا يدري متى ينقطع فهو عُرضه للضياع أو الانقطاع، السنوات ما هي إلا شهور والشهور ما هي إلا أيام والأيام ما هي إلا ساعات فكم بقي من عمرك، والله إن أيامك هي لحظة أو ساعة فاغتنم أيامك واعمل لما بعد الغد تكون في حفرة لا معك أحد، وتجاوب، والمُفرط عليه أن يلحق أيامه فما هي إلا ساعة، يقول المولى عز وجل "وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ"، وقال تعالى: "كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ". وخاطب الشباب قائلاً: الشباب حياة والحياة شباب فضع لك بصمة في حياتك، اعمل لما بعد الغد، فاليوم حياة وغد حساب والشباب أخطر المراحل في حياة الإنسان لأنها مرحلة القوة، وليُحسن الشباب في أعمالهم لأننا سوف نسأل عن كل مراحل حياتنا ومنها الشباب، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ : عَنْ عُمُرِهِ ، فِيمَ أَفْنَاهُ ؟ وعَنْ شَبَابِهِ ، فِيمَ أَبْلَاهُ ؟ وَعَنْ مَالِهِ ، مِنْ أَيْنَ ؟ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ ، مَاذَا عَمِلَ فِيهِ ؟ " جريدة الراية القطرية