كتبت- منال عباس: تدريب الخادمات على مهارات إعداد المأكولات الخليجية والعربية مشكلة تواجهها ربات المنازل في الشهور الأولى لاستقدام الخادمات، وقد تمتد عدة سنوات دون استيعابهن لإتيكيت المطبخ القطري. وتتجدد معاناة ربات المنازل مع تلك المشكلة في مواسم العزائم والمناسبات الاجتماعية وشهر رمضان الكريم، ما يدفع الكثيرات إلى اللجوء للمطابخ الشعبية والمطاعم الكبرى أو استئجار طباخات بالساعة من مكاتب الخدمات. تلك المشاكل والتحديات قادت مؤسسة الشيخ ثاني بن عبدالله للخدمات الإنسانية "راف" لإطلاق أول مبادرة لتدرب الخادمات على إعداد الأطعمة الخليجية والعربية، وفنون الإتيكيت والتقديم وفقًا للتقاليد القطرية، وبمجرد أن أعلنت المؤسسة عن الدورة المجانية تسابقت ربات البيوت لتسجيل خادماتهن، التي يقع عليهن عبء أعمال المطبخ، خاصة في الشهر الفضيل الذي تتضاعف فيه كميات وأنواع الأكل وتصنيفاته. وبدا واضحًا أن الغالبية العظمى من ربات البيوت التي تقدمن لتسجيل خادماتهن، هن العاملات التي لا يجدن الوقت الكافي لدخول المطبخ. وتقول السيدة غادة بوجسوم رئيس الإدارة النسائية بمؤسسة (راف) ل الراية: الإقبال على التسجيل لهذه الدورة كان محفزًا لاستيعاب أكبر عدد ممكن، إلا أن الإستراتيجية التي درجت عليها الإدارة تتمثل في التركيز على جودة المخرجات مهما قل عددها، الأمر الذي جعل عدد المتدربات بجنسياتهن المختلفة لا يتجاوز 22 خادمة، خضعن للتدريب لمدة شهر بمعدل 3 أيام أسبوعيًا على فنون الطبخ وإتيكيت التقديم. زيادة الخبرات وأشارت غادة بوجسوم إلى أنه خلال 3 ساعات المحددة للتدريب في اليوم تخضع الخادمة لتعليم 5 أصناف من المالح والحلو، بالإضافة إلى حزمة متنوعة من السلطات. وأكدت أن ربات البيوت ينتظرن تدريب خادماتهن كل يوم تدريب بفارغ الصبر لتأتي إليها الخادمة بعينات مما تدربت عليه، فتتذوق مما صنعت خادمتها التي يرجى منها الكثير، وفي حالة عدم رضاها عن الطعم تخاطب المدربة لإعادة تدريب الخادمة على نوعية الصنف الذي لم ينل رضاها. وتشير إلى أن هذه الأجواء الجديدة قد صادفت هوى الخادمات التي خرجن عن روتين البيوت ليتعلمن صنعة تزيد رصيد خبراتهن، إلا أن الشيء الذي لم يخطر ببالهن أن هذه الخبرات ستزيد أيضًا من أعبائهن اليومية. دور الخادمات وتشير إلى أن دورات الطبخ التي تنفذها الإدارة النسائية لم تقتصر على الخادمات فقط، فسبق أن أقيمت دورات للأمهات والفتيات، لافتة إلى أهمية تدريب الخادمة لما لها من دور رئيس في إعداد الأطعمة سواء كانت خاصة بشهر رمضان أو في الأيام العادية، ونوهت بأن هناك أهدافًا إنسانية كبيرة لمثل هذه الدورات التي تستهدف فيها الخادمات، تأتي في مقدمتها أهمية التواصل مع هذه الفئة، وإشعارها بأهميتها ووجودها كإنسان له دور مهم في ترتيب حياة الغالبية العظمى للأسر، فضلاً عن تعزيز قيمة التراحم والتكافل التي أوصى بها الدين الإسلامي الحنيف. وبما أن الخادمات المستهدفات تابعات لأسر قطرية، فقد كان التركيز الأكبر لتدريبهن على الأطباق الخليجية والشعبية، وتلك الأطباق التي تتكرر بصفة شبه يومية في رمضان، وبالتالي فقد كان لمؤسسة "راف" التي امتدت أذرعها البيضاء بالخير في كافة المجالات دور رائع في تجهيز الخادمات لاستقبال شهر رمضان. قائمة المأكولات آمنة الحصاد التي تعمل بالإدارة النسائية للمؤسسة المشرفة المباشرة على تنفيذ المشروع تقول: تعلمت هذه المجموعة الكثير من الأشياء الجديدة، التي وازنت ما بين الأكل الشعبي القطري التقليدي، والأكلات الشبيهة بوجبات المطاعم باعتباره الأكثر جذبًا لعدد من فئات الأسرة الواحدة، لهذا فإن قائمة المأكولات التي تضمنتها مراحل التدريب جاءت متوازنة وصحية وملائمة لطبيعة أكل الصائم، وتابعت آمنة الحصاد: إن العاملات كن لبيوت قطرية ولا يعرفن الكثير عن فنون الطبخ، لهذا فقد اعتمد التدريب على ضرورة ضبط المقادير والطريقة التي يجب أن تتبع، وتقول إن الخمسة أصناف التي تدربت عليها الخادمة يوميًا تشمل الطبق الرئيس والطبق الخفيف المساعد للرئيس والشُربة والسلطة والحلو. حماس الخادمات وأضافت: تابعنا مدى حماس الخادمة واستيعابها للمادة التدريبية، وقد علمنا أن ربات البيوت طلبن منهن أن يقمن بإعداد مسبق لبعض الأكلات التي تستغرق وقتًا كبيرًا في الإعداد خلال نهار رمضان، على أن يتم تجميدها إلى حين الحاجة إليها، والطريف في الأمر فقد علمت الراية أن بعضًا من الخادمات المتدربات دفعهن حماسهن غير المسبوق للف أعداد هائلة تقدر بالمئات من قطع (السمبكسة أو السمبوسة) و(ورق العنب) وقمن بتخزينها من الآن لاستخدامها خلال شهر رمضان، وبهذا تكون الخادمة قد كسبت وقتها ورضا سيدة المنزل. وأشارت إلى أن ردود الفعل كانت إيجابية من قبل ربات البيوت التي كن يتابعن بحرص شديد أوضاع العاملات، حيث لم يقتصر التدريب وإعداد الخادمة على الطبخ فقط، بل شمل جوانب تتعلق بالبرستيج، من بينها التدريب على إتيكيت إعداد الصفرة، والنظام المتعلق برص الأطباق، وكيفية اختيارها، والتزيين وفن التقديم. تواصل وبما أن جنسيات ولغات المتدربات مختلفة فقد اعتمدت المدربة حنان أبو جلالة على تدريب الخادمات وهن من جنسيات فلبينية وأندونيسية وإثيوبية، على اللغة الإنجليزية والعربية الركيكة، وقد تلاحظ أن الخادمات حرصن على الأسئلة والاستفسارات، ما دلل ذلك على رغبتهن في الدخول في هذه التجربة الجديدة بالنسبة للخادمة التي وجدت لنفسها مكانًا في عالم التدريب والتأهيل. فالتدريب على إعداد الصنف ربما يكون أسهل من كيفية تعريف الخادمة على المواد المستخدمة ومسمياتها، لذلك لم يغفل البرنامج التدريبي هذا الجانب، الذي خُصص له وقت تعرفت فيه المتدربة على أشكال ومسميات واستخدامات المواد، وقد كان هناك تواصل مع ربة البيت لتتابع مدى معرفة الخادمة بما تم تدريبها عليه، وذلك من خلال اصطحاب ربة البيت الخادمة للمجمعات التجارية لتقوم بشراء المواد المستخدمة بنفسها. الوجبات الرمضانية وفي مجلس نسائي رصدته الراية كان موضوع تدريب الخادمات على إعداد الأطعمة استعدادًا لشهر رمضان المحور الرئيس الذي أثار جدلاً كبيرًا، إلا أن الغالبية العظمى من الحاضرات من ربات البيوت أيدن بشدة هذه الفكرة، وفي الوقت نفسه أبدين أسفهن الواضح في عدم اللحاق بركب التسجيل، وقالت إحداهن أن لديها 3 خادمات منهن اثنتان مخصصات للمطبخ، لذلك كانت تأمل في أن تحصل على فرصة لهما أو لواحدة فقط، إلا أن التسجيل كان محدودًا على فئة قليلة، وقد تقدمت مجموعة منهن بشكر الإدارة النسائية ب (راف) على التفكير في إطلاق مثل هذه المبادرة الجيدة، باعتبار أنها تخفف عن ربة البيت سواء كانت عاملة أو غير عاملة عبء الوقوف لساعات طويلة لإعداد الوجبات الرمضانية، وبالتألي فإن (راف) أصبحت شريكًا حقيقيًا تقاسمت الهموم والمسؤوليات مع ربات البيوت، بينما كان هنا جانب آخر لم يعترض على الفكرة لكنه تحفظ عليها بحجة أن هذه الفئة المتحفظة تنتظر هذا الشهر الفضيل لتعد لأفراد أسرتها الوجبات بنفسها، فضلاً على أنها تستمتع غاية الاستمتاع بإعداد الأكلات الرمضانية التي تعتبرها من الطقوس المحببة التي تصاحب شهر رمضان. وفي كل الأحوال فإن المعرفة بالشيء خير من الجهل به، وأن تدريب الخادمات على فنون الطبخ لا يعني تخلي سيدة المنزل عن مسؤولياتها وواجباتها المنزلية، وتلبية رغبات أفراد أسرتها التي تسعد لأن ترى كل أم تقف بحب داخل مملكتها (المطبخ) لتتفنن كل يوم بالجديد الممتع، على أن تكون هذه الخادمة المؤهلة الذراع الأيمن لها كسبًا للوقت والجهد، باعتبار أن وقت رمضان يجب ألا يسخر لإعداد الوجبات والولائم، وهناك التزامات دينية يجب الوفاء بها. جريدة الراية القطرية