شرطة أمانة العاصمة تكشف هوية الجناة والمجني عليهما في حادثة القتل بشارع خولان    من بينها اليمن.. واشنطن توسع حظر السفر على مواطني دول إفريقية وآسيوية    من بينها اليمن.. واشنطن توسع حظر السفر على مواطني دول إفريقية وآسيوية    الصحفي والمقدم الإذاعي المتميز محمد السامعي    تسعون يومًا... ولم ولن أنكسر    اتحاد كرة القدم يعلن استكمال تحضيراته لانطلاق دوري الدرجة الثانية    غوتيريش: المجتمع الدولي يقف مع يمنٍ موحدٍ ذي سيادة كاملة على أراضيه    أيها المؤرخ العلم: ما نسيناك !    هاشتاج #الجنوب_لا_تراجع يجتاح وسائل التواصل ويؤكد: إعلان استقلال دولة الجنوب خيار لا عودة عنه    بوادر أزمة غاز جديدة وقطاع قبلي في مأرب على ذمة أحداث حضرموت    الكثيري يستقبل وفدًا من مديرية حريضة    الرئيس المشاط يعزّي الشيخ عبدالله الرزامي في وفاة أخته    الصين: نعارض أسلوب الترهيب الأحادي وندعم فنزويلا في حماية سيادتها    روائية يمنية تفوز بجائزة أدبية في مصر    وقفة احتجاجية في معهد العلوم الصحية بصعدة تنديدًا بجريمة الإساءة للمصحف الشريف    مجلس النواب يدين جريمة الإساءة للقرآن الكريم من قبل مرشح أمريكي    تفقد سير أعمال الترميم في جامع الجند التاريخي    ضبط زعيمة تهريب في المياه الاقليمية بقطاع خليج عدن    الرئيس الزُبيدي يزور وزارة المياه والبيئة ويطّلع على المشاريع المنفذة لتعزيز الموارد المائية    لماذا عاد إخوان المسلمون في اليمن إلى الراعي الأول والمؤسس الحقيقي للجماعة في لندن؟    الخراز يكشف عن اختلاس مليشيا الحوثي ل 7 مليون دولار من التمويلات الدولية لليمن    تحت شعار "معًا لدعم المنتج المحلي".. صنعاء تحتضن اللقاء التشاوري الأول للصناعيين    صباح عدني ثقيل    اللواء البحسني: حضرموت تُفاجِئ ولا تُفاجَأ... والحسم خيارها الدائم في مواجهة الإرهاب    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    اليابان تقدم حزمة مساعدات إنسانية جديدة لليمن بقيمة 13.8 مليون دولار    مؤشر الدولار يترنح قرب أدنى مستوياته وترقب لقرارات الفائدة    لقاء تاريخي بعدن.. 316 اتحاداً ونقابة تدعو الرئيس الزُبيدي لإعلان دولة الجنوب العربي    الصحفي والقيادي الإعلامي الكبير محبوب علي    أزمات خانقة تضرب المحافظات المحتلة: الغاز والوقود والرغيف تتزامن وسط انهيار الخدمات    اليمنية تفرض شروط جديدة على المسافرين بنظام الترانزيت إلى جيبوتي    الماجستير بامتياز للباحث عبدالله صبرة من الاكاديمية اليمنية العليا بصنعاء    إنشاء أكبر بحيرة مائية في أمانة العاصمة    تتويج عثمان ديمبلي بجائزة الأفضل لعام 2025    المقالح: الحديث عن أخطاء الماضي يشغل الناس عن قضاياهم الملحة    دوناروما الأفضل في العالم: جائزة تاريخية لحارس إيطاليا في 2025    الأرصاد: سحب منخفضة كثيفة على السواحل تمتد نحو المرتفعات    هامبتون تتوج بجائزة فيفا لافضل حارسة مرمى في العالم 2025    اوفالي تتوج بجائزة فيفا مارتا 2025 لأجمل هدف في كرة القدم النسائية    الرئيس الزُبيدي يُعزّي جمال سرور في وفاة شقيقته    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل بجامعة عدن ويؤكد دعمه لتطوير العملية التعليمية    الخميس.. نهائي كأس العرب بين الأردن والمغرب    بورنموث يُجبر مانشستر يونايتد على تعادل درامي    صباح المسيح الدجال:    مشروع رحلة وعي: الإطار العربي المتكامل لسيكولوجية السفر    دراسة: الأطفال النباتيون أقصر قامة وأنحف من أقرانهم متناولي اللحوم    مأرب.. السلطة المحلية تكرم فريق نادي السد لكرة القدم بمناسبة الصعود لدوري الدرجة الثانية    وزارة الإعلام تكرم إعلاميات بمناسبة اليوم العالمي للمرأة المسلمة    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات الناجمة عن الأمطار في المغرب الى 21 شخصا    تأكيداً على عظمة ومكانة المرأة المسلمة.. مسيرات نسائية كبرى إحياء لذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    جوهرة الكون وسيدة الفطرة    الأستاذة أشجان حزام ل 26 سبتمبر: 66 لوحة فنية متميزة ضمها متحف الزبير بسلطنة عمان    مرض الفشل الكلوي (32)    الصحفي والمراسل التلفزيوني المتألق أحمد الشلفي …    ست فواكه تقلل خطر الإصابة بأمراض الكلى    بدعم سعودي.. مشروع الاستجابة العاجلة لمكافحة الكوليرا يقدم خدماته ل 7,815 شخصا    الله جل وعلآ.. في خدمة حزب الإصلاح ضد خصومهم..!!    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإيمان بالوراثة والفكر الأحادي - الأهرام المصرية - نوال السعداوى
نشر في الجنوب ميديا يوم 02 - 01 - 2013


نوال السعداوى
سمعت أبي في طفولتي يقول إن الايمان بالوراثة باطل, لأنه ايمان أعمي يتم عبر علاقات الدم البيولوجية الجبرية, وليس عن طريق حرية الاختيار والعقل الواعي.
تخرج أبي في الأزهر ودار العلوم في العشرينات من القرن الماضي, وكان ناقدا للتعليم الديني في الازهر والجامعات والمدارس. لهذا تم إبعاده عن المناصب العليا, وكان مؤهلا ليكون وزير المعارف, لولا نقده اللاذع لأسس التعليم السائدة, التي تنتج عقولا جامدة عاجزة عن النقد والإبداع, خاصة في المجالين السياسي والديني, وكان شيخ الأزهر يدعو في صلوات الجمعة بطول العمر للملك الفاسد, وان يحفظه الله ويديم ذخرا للبلاد, كان أبي يسميه الشيخ المرائي بدلا من الشيخ المراغي, وزارة المعارف كان أبي يسميها وزارة المقارف. وكان التعليم يقوم علي السمع والطاعة دون نقاش, نهتف في طوابير المدارس كل صباح الله الوطن الملك في نفس واحد, الايمان بالثلاثة معا في وقت واحد, الذات الملكية لاتنفصل عن الذات الالهية, من ينقد الملك يتهم بالكفر والالحاد, مما جعل الشعب المصري ونخبه وقياداته خاضعة مستسلمة للديكتاتورية السياسية والدينية في آن واحد.
كان التعليم الديني يقوم علي حفظ الآيات القرآنية عن ظهر قلب دون فهم أو تحليل أو مقارنة بالاديان الأخري, لم يملك المدرسون أنفسهم قدرة المقارنة أو شجاعة النقد لأي شيء موروث مقدس, فمابال التلاميذ والتلميذات. تغلغل الفكر الديني بالوراثة في الوجدان المصري, في عقول الرجال والنساء والشباب والأطفال, في عمق القري والمدن المصرية, وأصبحت الأحزاب الدينية من أقوي الاحزاب السياسية في مصر وتعاني الأحزاب المدنية, الليبرالية أو العلمانية أو الشيوعية, أيضا من الإيمان الأعمي بالوراثة, بسبب التربية في البيوت والتعليم في المدارس, يصبح رئيس الحزب في نظر الأعضاء هو القائد الخالد, أو الزعيم المقدس المعصوم من الخطأ, تصبح أقوال كارل ماركس مقدسة غير قابلة للنقد.
التعليم القائم علي السمع والطاعة يفتك بالعقول, لا تختلف الطاعة للنبي المرسل من الرب عن الطاعة للقائد رئيس الحزب أو الفيلسوف الملهم. سمعنا نساء ورجالا يتحدثون عن المنقذ المعصوم من الخطأ, النحاس باشا أو جمال عبدالناصر أو أنو السادات أو حسني مبارك أو محمد مرسي أو محمد البرادعي أو غيرهم, وتتأصل التبعية والخضوع في الشخصية المصرية بسبب نظام التعليم الذي يكرس الخضوع والتبعية. لم تتقدم أي بلد في العالم, ولم تنجح أي ثورة في التاريخ إلا بعد تغيير نظم التعليم السياسي والديني, بحيث يقوم التعليم علي التحليل والنقد والمقارنة وليس علي السمع والطاعة والتقديس, ويرسخ استقلال الشخصية وحريتها, ويمكن لكل فرد أن يختار عقيدته أو دينه اختيارا حرا ولايفرض عليه بالوراثة.
في كل بلد أسافر اليه أسألهم, كيف تعلمون أطفالكم الدين؟
في الشرق والغرب من إندونيسيا الي كازاخستان الي امريكا الجنوبية والشمالية وكندا واستراليا, من الايسكيمو الي المكسيك الي كينيا والسنغال وجنوب افريقيا, وأغلب بلاد العالم لم تعد تعلم الدين لأطفال المدارس, بل تعلمهم العلم الحديث وفروعه المختلفة, بعض البلاد الاسلامية مثل كازاخستان لاتفرض علي التلاميذ أن يتعلموا دينا واحدا, وان كان دين الأغلبية, بل تقدم لهم المعلومات الأساسية للأديان المتعددة داخل البلد وخارجها أيضا, تشجعهم علي مقارنة الأديان بعضها البعض, ثم اختيار مايقنعهم أكثر.
في إندونيسيا أيضا, رغم الأغلبية المسلمة, فان الدول لاتفرض تعليم الاسلام في المدارس, ويحق لكل إنسان امرأة أو رجل أن يختار دينه, بل ان اسم الأب لايفرض علي الأطفال, ولا اسم الأم أو أي اسم آخر في العائلة, وقد يحمل الطفل الإندونيسي أو الطفلة اسم وردة أو شجرة أو اسم معناه, أنا أحب الحرية, وهو الاسم الذي اختارته لنفسها ابنة رئيسة المؤتمر المسرحي الذي دعتني اليه في جاكارتا منذ أعوام قليلة. وقد يرفض بعض المتشددين دينيا هذا المنطق ويتهمون هذه الدول بالكفر, الا ان هذا لايمنع هذه البلاد من السير قدما في طريق الحرية والعدل والكرامة والمساواة بين الناس جميعا بصرف النظر عن اختلاف الجنس أو الدين أو العقيدة.
أليست هذه هي أهداف الثورة المصرية التي بدأت في52 يناير1102 ؟
أليست هذه هي مطالب الشعب المصري في كل مرة يخرج فيها الي الشوارع والميادين مناديا بإسقاط النظام؟
أليس نظام التعليم هو جزءا من النظام السياسي بل الحجر الأساسي الذي يقوم عليه النظام كله؟ وكيف يسقط النظام السياسي ويظل النظام التعليمي كما كان؟
تصادف مروري أمام مدرسة ابتدائية للبنات بالقاهرة لحظة خروج التلميذات, يتراوح عمرهن بين التاسعة والعاشرة, كانت أغلبهن محجبات, هل تفرض وزارة التربية والتعليم الحجاب علي الاطفال البنات؟ وان قفزت الي الحكم في مصر الأحزاب الدينية فهل يفرضون النقاب علي الاطفال البنات؟ ألهذا اراد الحزب السلفي الاستيلاء علي وزارة التعليم قبل أي وزارة أخري؟ وكيف يكون التعليم في مصر ان استولي عليه المتعصبون لدينهم وحزبهم وعشيرتهم ومذهبهم, الذين يمتلكون الحقيقة المطلقة ويعتبرون كل من يختلف معهم كافرا يستحق الردع؟
معركة الدستور والاستفتاء وغيرها من المعارك السابقة واللاحقة, كشفت بوضوح أن الثورة المصرية لن تجهض, وأن الايمان الأعمي والفكر الأحادي لن يسود, وأن القيادات الثورية من الشباب والشابات أكثر وعيا وصلابة من القيادات التقليدية, الذين تربوا في حضن الديكتاتوريات السياسية والدينية ونظمها التعليمية, ولم يخرجوا بعد من سجن الطاعة والإيمان بالوراثة. لقد دخلت الثورة المصرية مرحلة جديدة أكثر عمقا وخرجت من سجن الإيمان الأعمي بالزعيم الأوحد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.