الطريقة التي يتعامل بها المشترك مع تطبيق المبادرة الخليجية تؤكد صحة وصواب رؤية الرئيس السابق علي عبدالله صالح باشتراط الآلية والتزمين. فبدون فرضه لاشتراط اقتران الرحيل بالبديل من خلال الانتخابات، فالمشترك لم ينفذ شيئاً من التزاماته تجاه ما طبق من المبادرة الخليجية حتى الآن. إذاً فعلي عبدالله صالح لو وقع ووافق على الاتفاق بصفته السابقة فكل ما كان سينفذ هو تقديم استقالته خلال ستين يوماً، ولن تتم انتخابات ولن يؤتى بالبديل الديمقراطي من خلال الانتخابات، وستؤدي ما تسمى "ثورة المؤسسات" دورها لرفض الوجه الآخر للتغيير الديمقراطي وفرض التغيير الأحادي أو الشمولي. هذا هو تفكير المشترك وإذا الأطراف الأخرى أو الغالبية الشعبية ترفضه فذلك يصعد الصراع إلى أسوأ أزمة وتأزم وفي وضع الاستقالة للرئيس وبما يكسب المشترك زخم وقدرات رفع ودفع التثوير وقدرة التأثير على الاصطفاف الآخر حتى إحباطه بأي قدر. لقد ظلت حملات المشترك خلال محطة وأزمة 2011م تركز على أن علي عبدالله صالح لا يلتزم ولا ينفذ الاتفاقات التي يوقع عليها معه كأطراف سياسية. ها هو علي عبدالله صالح أمام المحيط الأقليمي وأثقال العالم كشركاء التزم وفي أهم ما يعني أي حاكم وقبل بالرحيل ورحل، فيما المشترك لم ينفذ أياً من التزاماته المفروضة والمفترضة في المبادرة الخليجية حتى الوصول للرحيل بانتخاب البديل. حين طرح علي عبدالله صالح مشروع ومبادرة رحيله ربطاً بالبديل السلمي التوافقي الديمقراطي ظل إعلام المشترك يؤكد ويكرر بأن ذلك مجرد خداع ومخادعة للعالم، وعلي عبدالله صالح متشبث بالحكم ويستحيل قبوله بالرحيل. ها هو صالح يرد بلغة الأفعال وينفذ الرحيل دون اكتراث بعدم تنفيذ الطرف الآخر لالتزاماته في موازاة ذلك وقبله، فهو لم يكن يحتاج لخداع أو مخادعة كما ظل المشترك يطرح، وكان من حقه ربط تنفيذ الانتخابات والرحيل بتنفيذ المشترك التزاماته حتى الوصول إلى هذه المرحلة في تطبيق المبادرة. إذا هو ترفع عن استخدام حق له تكفله المبادرة والشركاء الإقليميون والدوليون، فهل المخادعة والخداع فيما سار فيه حتى الرحيل أم فيما يسير فيه المشترك؟!!. إذا حكومة الوفاق باتت من يحكم وتحول الإعلام الرسمي إلى إعلام للمشترك وثوريته، وإذا علي عبدالله صالح رحل كتنفيذ للمبادرة الخليجية، فهل للمشترك أن يقول لنا ما نفذه من المبادرة من جانبه أو من التزاماته؟!!.. هل من عمل نفذه أو التزام له ثقل أو عنوان كما ثورات المؤسسات؟!!. الرئيس السابق صالح أو المؤتمر اعترف بوضع وتموضع الأزمة بغض النظر عن المحطة أو المسمى، والأهم في اعترافه تسليمه وتأكيده أنه كطرف لا يستطيع ولا يسعى إلى الخروج منها أحاديا بأي صراع وبأي حسم، فيما المشترك ظل يصر ويصمم على الحسم الثوري. تصعيد الصراع من أي وضع قبل أو بعد المبادرة الخليجية هي مسؤولية الطرف الذي يسير في خيار الحسم الأحادي وبالحسم الثوري أو البقري. المؤتمر حسم خياره بالحل السلمي التوافقي مبكراً وبالتالي فهو الطرف السلمي الذي لا يسعى إلى تصعيد الصراع بقياس المواقف مع ما يعنيه تطرف المشترك بخيار الحسم الثوري كتصعيد صراع أو حرب أهلية. بعد توقيع المبادرة الخليجية والشروع في تطبيقها فإنه أضيف لمعيار القياس من الخيارات والمواقف معيار تنفيذ كل طرف لالتزاماته تجاه المبادرة. إذا المشترك لم يتخل واقعياً عن خيار أو خيال الحسم الثوري، وإذا هو لم ينفذ الحد الأدنى من التزاماته كتطبيق للمبادرة، فإنه لم يحدث أي تغيير في موقف المشترك قبل وبعد المبادرة كأفعال وسلوك. المسألة ليست أساليب علاقات عامة في اجتماع أو تعامل وزراء حكومة الوفاق أو فضل وتفضل نادر واستثنائي بتلميح أو تصريح عن التماهي في الوفاق من قبل عناصر أو كوارد من المراتب الأدنى في المشترك. كثرة التذاكي هو استهلاك للذكاء والمشترك بات في هذه المحطة يمعن في التذاكي إلى درجة الغباء. هو يتصور أن بإطلاق حملاته المركزة تجاه هيكلة القوات المسلحة يلوح بسلاحه الفتاك أو المرعب، حتى أن الأطراف الأخرى ستتوسل إليه أو تتسول لديه بل وتنتقل من مهادنته إلى مداهنته وبأساليب استرضاء وكسب رضاه. فالمبادرة الخليجية إما تنفذ وإما لا تنفذ وما لا ينفذ منها وحين الوصول إلى واقع تعطيل، فالطرف الذي لم يف بالتزاماته ولا يسير في التنفيذ سيتحمل المسؤولية خاصة وهذه المبادرة مرتبطة بشراكة اقليمية ودولية. لو كان للمشترك الحد الأدنى من المصداقية ما كان ليتغاضى أو يطرح قضايا من خلال المبادرة، فالمصداقية باتت في أن يطرح ويوضح ما هي الالتزامات التي لم يف بها أو ينفذها الطرف الآخر الشريك؟!!. طرح هيكلة القوات المسلحة على هذا النحو ومحاولة الضغط على الرئيس عبد ربه منصور هادي هو للصراع ومن الصراع، ولا علاقة له بالمبادرة وتنفيذها إلا ما يختلقه المشترك من علاقة وربط لحاجيات صراع. ما دام لدينا شركاء إقليميون ودوليون فالمشترك كان عليه الاستشهاد بهم لرفض المؤتمر الهيكلة أو عدم تنفيذ أي التزام عليه، وبالتالي عليه التعامل مع الشريك السياسي في الوفاق وهو المؤتمر وحلفاؤه، وبالتالي فهو يمارس مخالفة واقعية للاتفاق وآلياته وشركائه كما يمارس انحطاطاً في الوعي والقيم والأخلاقيات كتفعيل صراع حين ممارسة إملاءات وتعليمات بطريقة "على الرئيس ممارسة هيكلة الجيش"!. لنا التقاط التذاكي الذي بات الغباء ويحاول الاستغباء في مثل هذا الطرح ومثل هذه التخريجات. هذا هو الخطاب السياسي الصراعي الذي يوازي ما يسمى في الغرب "الصحافة الصفراء". شركاء إقليميون وعالميون باتوا أطرافاً في تنفيذ المبادرة ومن الغباء كحاجيات صراع في ظل ذلك ممارسة التنظير تجاه قضية كهيكلة القوات المسلحة أو غيرها، ولكن هذا ليس مستغرباً من المشترك مقارنة بطرح ان الرئيس صالح مارس تهويل الإرهاب، فالصراع لم يفقد هؤلاء مستوى من القيم ولكنه أكسبهم بجاحة كأنما لم يعد لديهم حياء ولا حتى حمرة خجل في ممجوج لا هو من يأجوج ولا مأجوج. المؤتمر الشعبي منفتح تجاه كل قضايا الواقع ولديه استعداد لأي ولكل المعالجات التي هدفها الواقع وتصب لصالح الواقع وهو ملزم وأول من يلتزم بهذا السقف، وهذا الشرط في أي قضايا ولكنه ليس مع جر الواقع إلى صراع وفي مستوى مرتفع من التحصين ضد الوقيعة. ها هو يحيى محمد عبدالله صالح "آل عفاش" يؤكد أن هيكلة القوات المسلحة مطلب الجميع، بل طالب بالكشف عن القتلة يوم 18 مارس 2011م وكشف عمن أعاق التحقيق كتعطيل للعدالة. خلال أزمة 2011م ظل المشترك يطرح بأن النظام يستخدم الإعلام الرسمي "الفضائيات" لمهاجمة خصومه كأطراف سياسية وهو إعلام ممول من الشعب. كان يرد بأن الشعب هو الذي انتخب الرئيس وانتخب مجلس النواب وهذا الإعلام يمثل الشعب. هذا الإعلام بات في ظل وضع الوفاق تحت حكومة الوفاق والمؤتمر الشعبي هو شريك في الوفاق وليس معارضاً، وهذا الإعلام والفضائيات باتت تستهدف المؤتمر وهو في وضع الشريك فكيف ستتعامل معه إن أصبح الطرف المعارض. وضع عام 2011م هو وضع أزمة أو حالة ثورة كما يطرح المشترك، وبالتالي فأي نظام أو حزب حاكم بات يدافع عن ذاته من مفهوم الدفاع عن الشرعية الدستورية ربطاً بالوطن، ولا مجال لمقارنته بتموضع الوفاق وطبيعة استعمال المشترك لهذه الآلية أو المنابر الإعلامية!. حين أتابع بعض البرامج الحوارية في فضائية "اليمن" وما يطرح خلالها وفيها كحوار أو توجيه واختيار للحوار، أتساءل ما إذا كنا أو إذا كان الواقع العام أو الواقع السياسي والصراعي يحتاج إلى تنفيذ كل ما ورد في المبادرة الخليجية كخطوات أو قضايا ومشكلات، أم لم نعد بحاجة إلا لتنفيذ ما يراه المشترك؟!.. فهل المبادرة تحكم المشترك كطرف كما المؤتمر، أم أن المشترك بات هو الحاكم للمبادرة والحاكم من خلالها؟!!.