اعتقد ان الأنظمة التي طالت بلدانها محطة 2011م كان استهدافها سياسياً واعلامياً أقوى في التأثير القريب والبعيد مما حدث تجاه النظام العراقي وصدام حسين حتى غزو العراق.... عندما يمارس إعلام دولي وأثقال المنطقة استهداف نظام البعث وصدام حسين من خلاف حول تحرير وغزو الكويت ومن ثم كخصومة مباشرة بين امريكا والنظام العراقي، فذلك لا يقارن في ضعف تأثيره باعلام دولي وأرضية خارجية هي الأقوى، ولكنه يمارس المواقف والحملات كأنما هو مناصر أو متعاطف مع ثورة داخلية سلمية وتخرج بصدور عارية. في ذروة محطة 2011م كان الخلاف في اليمن هو بين الحسم الثوري والحل السلمي من واقعية أقوى للحل السلمي وكون هذا الخيار يختزل الوعي أو يختاره الوعي كأفضل البدائل للواقع، وبالتالي فإننا لم نكن بصدد اكمال الرئيس السابق لفترته الدستورية وإن رفع مثل ذلك للمناورة وكضغط للوصول للحل السلمي. ما مورس ويمارس بعد رحيل صالح هو بأي قدر من الوعي أو بدونه تغطية أطراف الوفاق لعجز تجسيد الوفاق وتطبيق الاتفاق. المشكلة باتت في خيارات الأطراف السياسية والواقعية المؤثرة ربطاً بالواقع أو التموضع الجديد بما في ذلك المؤتمر وليس فقط الأطراف الأخرى كالاصلاح والاشتراكي. إذا اللواء الثالث حرس جمهوري انتصر لقرار الرئيس هادي بتعيين قائداً له فوق اعتراض أو تحفظ لقائد الحرس احمد علي عبدالله صالح، فذلك يعني ان الواقع أو المعطيات في الواقع باتت أقوى من تأثير لقائد حرس جمهوري أو للرئيس السابق، وبالتالي فالمطلوب بات مواقف واقعية من الأطراف السياسية من أجل الواقع والوطن ومن اجل الحاضر والمستقبل. كون الاخوان "الإصلاح" اندفع بقوة إلى واجهة الأحداث والعنف الأوسع والأوضح فهو فرض نفسه ثورة أو ثقلها وكأنما الصراع بات ثنائياً فقط بينه والنظام السابق أو المؤتمر الشعبي العام. المسألة ليست كذلك فالاشتراكي هو المتطرف في التثوير وقد استثمر وضع وتموضع محطة 2011م واستمرأ استمرار فوضوية تثوير لا هو ثورة ولا يحسب على الثورات وكلما اقترب مؤتمر الحوار الوطني فالاشتراكي يصبح الطرف الأقدر في اللعب بالحوار وعلى الحوار أو اللعب لصالح الحوار ولصالح الواقع ولصالح الاشتراكي واليمن. إذا الأنظمة شرحت وشرشحت في محطة 2011م في أخطائها وبأكبر من اخطائها فإنه علينا دائماً التوقف عند الوجه الآخر كطرف آخر في أي مشكلة. إذا الاشتراكي هو الطرف الذي صعد إلى حرب 1994م وفرضها بفرض انفصال أمر واقع في ظل دفع وتشجيع إلى حد التبني من أطراف اقليمية فانه لا يفيد خداع استثمار أجواء تعبئة ضد النظام وفي محطة دولية لاستهداف النظام لالغاء أو انكار حقيقة هي فوق الالغاء وفوق الانكار فلا السلطة هي ملكية لعلي عبدالله صالح أو المؤتمر ولا الوحدة ملكية للبيض أو للاشتراكي. لقد ظل الاشتراكي يطرح انه تم التصعيد إلى محاولة فرض الانفصال كأمر واقع وفرض الحرب بسبب أخطاء نظام كان الاشتراكي شريكاً بالمناصفة فيه وكل دعوات الانفصال ظلت تربط بأخطاء نظام. إذا هذا النظام قد رحل فعلا فانه تسقط تلقائيا كل مبررات النعرات السيئة والدعوات الممزقة المتمزقة وإلا يثبت ان ما كان يستخدم مجرد شماعة لمحاولة الانقلاب على الوحدة. لا مانع والطبيعي ان تعالج أي أخطاء وان ترد وتستعاد كل حقوق منعت أو سلبت وان تعالج قضايا الناس بكل وبأقصى ممكن، لكنه إذا ظل الاشتراكي خاضع لقرارات قيادات من الخارج أو لارادات خارج وحاصلها استهداف الوحدة فيصبح الاشتراكي هو من يعيق المعالجات لقضايا الواقع ومن أساس خياراته عدم الاستقرار السياسي الذي يؤدي إلى عدم استقرار أمني ومن ثم إعاقة وتعطيل دولة النظام والقانون كبيئة عامة لفساد سياسي وواقعي لا يمكن بناء اقتصاد سليم أو تنمية متوازنة في ظله. الاشتراكي حكم كنظام لثلاثة عقود كما حكم صالح لثلاثة عقود فأين هي انجازاته من انجازات علي عبدالله صالح؟!!.. وإذا الوحدة حمت الاشتراكي من نهاية كما نظيره في رومانيا أو ألمانيا الشرقية فالمفترض ان يكون الاشتراكي المدافع والحامي الأول للوحدة وليس رأس الحربة لمحاولة استهدافها أو حتى المس بها والحراك هو رديفه للتطرف أو بديله لأداء ما يحس الاشتراكي تجاهه من حرج كتطرف كأنما الحراك هو "قاعدة" الاشتراكي. إذا الإصلاح ظل في محطة 2011م يلعب بالثورة من ثقة وصوله التلقائي للحكم من خلال المحطة أو كاستحقاق منها ومعطى لها، فالاشتراكي ظل يلعب ويتلاعب بالتثوير ليربك الأطراف الأخرى وليبقي على ضبابية هي افضل ما يوصله لأهدافه حين اللزوم. الرئيس السابق فوض خلال العقد الماضي أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى ان يعطي للاشتراكي ما يريد مقابل ان يقبل الاشتراكي بالشراكة في الحكم وكان أمام الاشتراكي ان يشترط أكثر في التعامل تجاه قضايا الواقع والناس. ومثل هذه الواقعة لا تنكر، وشاهدها الوسيط حي، ولكن الاشتراكي وصل إلى وضع عدم القدرة على السير في مثل هذه القرارات من تموضع للحزب في الداخل ربطاً بقيادات في الخارج. فاذا الاشتراكي ظل غير قادر واقعياً على السير في أي خيار غير خيار تمزيق اليمن، وإن لم يعلن ذلك أو يجسد في اعلامه، فإننا ما استطعنا لا نقبل ولن نقبل بالتراجع عن الوحدة أو إعادة تمزيق اليمن. إذا محطة 2011م بما بلورته وأوصلت إليه قد بلورت أمام الاشتراكي كطرف خيارات يستطيع السير فيها غير هذا التطرف والخيار المتطرف أيا كان من يرفعه أو يدفع به، فذلك يعني ان الاشتراكي سيكون طرفاً فاعلاً وواقعياً في الحوار بما يجعله فرس الرهان في التغيير ليتحرر من قيادات متطرفة في الخارج أو ارادات للخارج. إذا الرئيس بوش الابن قال في تصريح له بعد غزو العراق إن الأممالمتحدة باتت مؤسسة مهترئة فالحزب الاشتراكي كنظام في عدن كان سار إلى اخراج مظاهرات تطالب بتشبيب الأممالمتحدة وقبل بوش بعقود. إذا الاشتراكي يسعى لتحويل الحوار إلى هرج ومرج تثوير فذلك يعني انه لا يريد للحوار الوطني ولا للوطن النجاح!.