شهدت السنوات الأخيرة في المشهد السياسي اليمني طغيان ظاهرة اجتماع الأباعد قلباً وقالباً على تأجيل الخوض في معمعة الكره المتبادل بينهم ، أو تجميده إلى حين، و ذلك من أجل التفرغ لمعاداة الحكومة والمؤتمر الشعبي العام . وفيما لم تزل بؤر التوتر والصراع بين تلك المكونات الحزبية المتحالفة قائمة ولم تخمد جذوة نارها، إلا أن مكر القائمين على قيادتها استطاع تحويل الشقاق الطويل بين الأحزاب إياها إلى اتجاه آخر لم يسلم الوطن من تبعاته وآثاره تحت مطية المعارضة، التي لم تستطع في خضم مشاعر البغضاء والانتقام من الحزب الحاكم التفريق بين معنى معارضة الآليات والسياسات التي تنتهجها الحكومة وبين مناهضة الثوابت الوطنية للدولة ومناصبتها العداء. ومع أن ذلك بمثابة النتيجة الحتمية من وراء هكذا تحالفات لم تقم على أسس سليمة تراعي المصلحة الوطنية العليا قبل كل شيء، إلا أن ما هو أمرّ وأدهى هو إنتاج نسخة جديدة من التحالفات تفوق سابقاتها عداءً للوطن وتآمراً عليه ، وفي ما نشره موقع على الانترنت يتبع المتمردين الحوثيين نكون أمام منعطف جديد بدت معه قابلية المعارضة في المشترك للانخراط المعلن إلى جانب المتمردين على أشدها هذه المرة . لقد نقل موقع "صعدة أون لاين" الناطق باسم جماعة التمرد والتخريب والإرهاب مؤخراً عن الجماعة، أن عناصرها تدرس خيار عقد تحالفات سياسية وثيقة مع حزب الإصلاح وبقية الأحزاب السياسية المعارضة، والمقصود بها "المشترك" بالتأكيد، وفيما قال ذلك المصدر أن وجهات النظر الفكرية والثقافية لن تكون عائقاً أمام هذا التحالف، فقد أكد على أنه يأتي في إطار المهم فالأهم ، بمعنى أن ترتيب الأولويات يخضع لجعل مرتكز التحالف على هذه الشاكلة قائماً على أساس نصب العداء للدولة أولاً باعتباره الجامع الأهم في هذا السياق بين هذه المكونات . وفيما أشاد المصدر بتقدير المتمردين لحزب الإصلاح واللقاء المشترك بشكل عام، وقال إنهم يمتلكون منظوراً لا بأس به، فقد أكد على أن هناك ترتيبات تجري بين المتمردين الحوثيين وهذه الأحزاب لتعزيز هذا التحالف على أساس أن هناك - بين أطرافه كلها - تقارباً في وجهات النظر حول أكثر القضايا.. مكمن السر إذاًًًًًَ لم يعد غائباً ، إذ ليس ثمة ما يمكن أن يجمع بين المتمردين الحوثيين والأطراف - التي قال موقعهم على الانترنت انهم بصدد ترتيب التحالف معهم - إلا استعداء الدولة والحكومة، وتبعاً لذلك المؤتمر الشعبي العام، ولكن السؤال الأهم إذا قصرنا الحديث عن المتمردين الحوثيين: أليس عداؤهم غير مقصور على الدولة والحكومة وإنما على الوطن أيضاً والمواطنين تبعاً لذلك؟َ!.. وأليس موقف جماعة التمرد والتخريب من الثوابت الوطنية على أشد ما يكون من التناقض والتباين؟!. وعلى هذا الأساس هل أبقى اللقاء المشترك - بتحالفه مع هذه الجماعة - دائرة عدائه للحكومة والمؤتمر الشعبي العام مقصورة على المناكفات السياسية، أم أن الأمر قد تعداها مع المشترك أيضاً إلى تبني مواقف الحوثيين المناهضة للوطن وثوابته المتمثلة في نظامه الجمهوري التعددي ودولته الوحدوية ذات الطابع المدني؟!. سيكون من المسلم به هنا أن هذه الأحزاب في حال مضيها المعلن لاستكمال التحالف الوثيق مع المتمردين الحوثيين تضع المسمار الأخير في نعشها ، كونها ستؤكد للجميع صحة العلاقة القائمة بينها وبين جماعة الحوثي، ليس على أساس استعداء الرئيس علي عبد الله صالح أو الحكومة أو المؤتمر الشعبي العام، وإنما الوطن بكلما تحمله التسمية من معاني.. وأحزاب ارتضت لنفسها هذا السبيل هل تتوقع في نهاية المطاف غير الخسران؟! إذ أنها ستبدو غير مؤهلة لحمل الأمانة المتمثلة في التعبير الصادق عن الشعب وتبني همومه ومتطلباته طالما وهي إلى خصومه أقرب..