- ما يرسمه المال الخليجي من اصطفافات لا علاقة له بالحقوق ولا بالحقائق ولا صلة له بالواقع - استعمال اليمن كحديقة أسس وأرسي قبل مجيء علي عبدالله صالح وقبل الثورة الإيرانية. تصفحت ثم قرأت العدد الماضي من العزيزة "الجمهور" وكأن هذا العدد أعد بدقة وتدقيق ليراعي الموازين والأوزان والتوازنات تجاه أطراف الصراعات. العدد يحتوي آراء كل الأطراف وداخله رؤى وآراء ناقدة لكل الأطراف حتى أنني أطلق عليه من خلال التصفح "العدد المثالي". أحياناً تكون المثالية هي في الموقف وأحيانا تجعل الضبابية "اللا موقف" هو المثالية، وبالتالي إذا دققت وتعمقت في قراءة العدد الماضي الأستشف موقف المنبر أو المطبوعة فسأقول عنه إما موقف المتردد أو موقف خجول. كنت أكتب وأراسل لصحيفة الوطن "القطرية" قرابة عقد، ومن منتصف عقد التسعينيات، واستفدت من مساحة الحرية فيها للتعاطي مع تحديد أقطاب النظام العربي التي تتحمل المسؤولية تجاه انهزام وانحطاط عربي ربطا بصراعات تلك الفترة من شعار مع وضد" بعد غزو وتحرير الكويت والخلافات والتوترات اليمنية السعودية، والطبيعي أن نصيب الأسد هو للنظامين السعودي- المصري كأقطاب. لا أدري كيف تم ترتيب إبعادي عن العمل والتعامل مع هذه الصحيفة حتى اليوم، وهي من ضمن "كوسات" "وكولسات" نظامي اليمن وقطر ربطا بشراكة الحرب ضد الإرهاب وتعاون أنظمة من وعلى هذا الأساس. وفي ظل توقيع الاتفاق الحدودي مع السعودية 2000م وتطور علاقات النظامين بعد ذلك ربما كانت آخر زيارة لليمن للأمير سلطان بن عبدالعزيز لليمن. ومع أني لم أعد من الكتاب في يوميات "الثورة" الغراء – حينها- ولكنه طلب مني أن أكتب في تلك المساحة وعن العلاقة اليمنية- السعودية تحديداً. لا يمكن في هذه المناسبة وفي ظل هذه الأجواء والظروف إلا أن تكون الكتابة مادحة إن لم تكن مطبلة للنظامين أو من مدخل علاقات البلدين وذلك قد يصبح من طرفي بمثابة اعتذار للسعودية. وحين فكرت وجدت الأفضل القبول والتنفيذ ومن أجل البلد وإعزازا لمن اختير ليطلب مني هذا العمل، مثلما مارست واقعية النقد والتعاطي النقدي فإني مارست واقعية توفيق وتوافق لمثالية مفترضة أو من مثالية مفروضة. استعمال اليمن كحديقة خلفية أسس وأرسي قبل مجيء علي عبدالله صالح وقبل الثورة الإيرانية وهي قضية لواقع اليمن والشعب اليمني قبل وبعد كل الأطراف الداخلية، وبالتالي هي قضية للشعب فوق كل القضايا وفوق كل الصراعات. ما يرسمه المال الخليجي من اصطفافات داخل أو مشاهد للخارج وبكل أدواته وقدراته -بما في ذلك الإعلام- لا علاقة له لا بالحقوق ولا بالحقائق ولا صلة له بالواقع إلا صلة الاستشهاد في وبالمشهد والإعلام والمشهد "تزوير" وكل من يؤتى بهم من بائعي الضمائر وعبدة المال شهود زور. قوة الحقائق باتت فوق هذا الباطل والأباطيل وفوق التزوير وشهود الزور، وذلك ما جعل الحق ساطعا وأقوى قوة وبدون حاجية لاستقواء. لا يفترض أن نجعل من أخطاء طرف الحوثي "أنصار الله" أو من أي خلاف لنا معه سببا لأن ننتقص من حق اليمن والشعب اليمني أو تجعلنا لا نسجل موقفا واضحاً وقويا مع هذا الحق ومن أجل هذا الاستحقاق. القضايا الحقوقية المصيرية لا تحول إلى استعمال أدواتي لا بوعي ولا حتى بدونه. فالوحدة لا تربط بنظام إن أعجبني وإلا فإني لا أريد الوحدة، لأن الوحدة هي حق وملك لي فوق أخطاء أو ظلم نظام. إذا أنصار الله كطرف أخطأ في حقي أو لم يعجبني أو حتى ظلمني فإنني لن أقف مع حق الشعب اليمني في التحرر من عبودية واستعباد الحديقة الخلفية، كون هذا الطرف هو من تصدى لهذا الموقف أو يقف في الواجهة. التمثيل أو التماثل والمماثلة ليس من "المثالية" رغم علاقة الجناس اللغوية، ومثلي لم يعد يتمنى إلا أن يأتيه الموت وقد تحرر الشعب اليمني من طغيان وجبروت وعبودية واستعباد الحديقة الخلفية، وبغض النظر عن تغيرات وتغييرات لأشخاص أو أطراف في أوضاع وتموضعات ومشاهد الصراعات. ضعيف التجربة والوعي والمراس قد يشاهد فضائيات يمنية تطرح تحت مشمول أو مضمون أن كل القوى الداخلية والأقليمية والدولية تواجه الحوثي وصالح أو "المؤتمر وأنصار الله" وستنصص على المؤتمر وأنصار الله كل جرائم التاريخ وإجرام العصر، وهو في أحسن الأحوال سيحبط، أما إن تابع الإثارة في حملات العربية- الحدث- فقد ينهزم وقد يصبح الاستسلام لعبودية واستعباد الحديقة الخفية أفضلية. كل هذا هو مجرد هراء من اهتراء الراشين والمرتشين والمتاجرين بالأوطان وبالقومية وبالأديان.. وكل هؤلاء هم أضعف من الضعف أمام حقائق واقع اليمن وأمام حق واستحقاق الشعب اليمني. محطتان أمريكيتان في المنطقة على التوالي 2001م، 2011م جعلت العالم والمجهر العالمي يشاهد بأم عينيه حقائق تفعيل واستعمال الحديقة الخلفية، وهي تمثل مشروع مارشال خليجي عربي لما بعد الحرب الباردة لتدمير اليمن وليس كما مارشال الغربي الذي نهض بألمانيا بعد الحرب العالمية، ولذلك بات مضمونا للشعب اليمني حق التحرر من الحديقة الخلفية، وإن خرج فإنه سيكس كنسا النفايات والفضلات التي ربطت حياتها ورزقها وارتزاقها بوظائف وتوظيف الحديقة الخلفية.