أصبحت أؤمن أن بعض جيراننا المتخمين بالنفط والمال متخمون أيضا بالغباء السياسي والتاريخي والجغرافي، وهي التخمة التي حولت الحكام الى فزاعات حية يتوقف دورها عند حدود إخافة شعوبها التي تحولت بفعل سياسات الاستعباد الى عصافير يجفلها هبوب نسائم الريح ويرعبها إهتزاز الأغصان الجافة.. شخوص وأسماء غير قادرة على التفكير والفعل السياسي، أثبتت الأيام عجزها وفشلها في استغلال ثروات البلاد أو توظيفها لخدمة حاضر ومستقبل شعوبها وبلدانها، لا تستحي عندما تقوم بتسخير الاقنية الاعلامية والنخبة وقادة الرأي والفعاليات الثقافية والسياسية المتخمة بالزيف لتناول الآخرين وإتهامهم بالعجز والفشل لدرجة التدخل السافر في الشئون الداخلية والتلاعب والعبث بحاضر ومستقبل الشعوب.. بصراحة بعض حكام الخليج يحبوننا أكثر من حبهم لشعوبهم، ويهتمون بنا كثيرا ويحرصون على حل مشاكلنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولأنهم كذلك يجتهدون في حل مشاكلنا لدرجة إضافة المزيد من المتاعب والمشاكل إلى رصيدنا المليء بالمصائب.. يحبوننا كثيرا ويسعون لرفع الظلم والدفاع عنا ولتبرير شحهم وبخلهم وحتى لا يقال أنهم لم يقدموا أو يمدوا لنا يد المساعدة ماليا، يتحدثون عن غنانا الزائف، ويكشفون عن حقوقنا الضائعة والمنهوبة من خلال تناول ما جمعه رؤساء وقادة الجمهوريات الفقيرة من أموال، بل ويتفننون في إتهام زعماء دول الفقر المدقع بتبديد ثروات شعوبهم الفقيرة التي تناضل من أجل البقاء.. وتحت عنوان فضح الجلادين -كما تصوروهم في وسائل إعلامهم الموجهة- يؤلبون البؤساء ضد أنظمتهم وضد كياناتهم السياسية وضد أنفسهم لدرجة لا يقبلها عقل.. بعض إخواننا في الخليج لم يتركوا صغيرة من الزيف والدجل ولا كبيرة إلا وتناولوها وتفننوا في إستثمارها وإستغلالها لإلحاق الأذى بنا، لكن أحدا منهم لم يتساءل أو يجرؤ على الكلام عن فساد أنظمة الخليج أو الحديث عن الثروات التي تنهب وتبدد كل يوم وكل لحظة.. عشرات الملايين من براميل النفط وملايين من أطنان الغاز تنتجها دول الخليج يوميا تذهب عائداتها الى حسابات الحكام "الفزاعات" لكنها لاتعني شيئا للمواطن والاعلامي والمفكر والمحلل السياسي والاقتصادي الخليجي، ولذلك لم ولن نسمع صوتا لمن ذبحت هدوءنا وسكينتنا أصواتهم يتحدث عن ثروات تنهب أو يتسائل إلى أين تذهب... ويكفيهم أن يعلموا أن ما يتم نهبه في الشهر الواحد يفوق الموازنات السنوية لكل جمهوريات الفقر المدقع لكن.. لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي.. 23/3/2015