لقد كفل الدستور والقانون حرية التعبير والرأي لكل مواطن طالما التزم بالقواعد السلمية عند ممارسة هذا الحق، لكن الأحداث التي شهدتها ولا تزال تشهدها عدد من محافظات ومدن البلاد من اعتداءات على الممتلكات العامة والخاصة وفوضى وشغب وتخريب وقطع الطرق والإضرار بالسكينة العامة وإلحاق الأذى بمصالح المواطنين، لا يمت بأية صلة لحرية التعبير والرأي والرأي الآخر، بل يعد في حكم الجريمة التي يعاقب عليها الدستور والقانون. إن أعمال العنف والفوضى والتخريب التي شهدتها محافظاتا تعز وعدن وقبلهما صعدة والجوف ومأرب وأبين وشبوة واستهدفت المرافق والممتلكات العامة ورجال الأمن، تكشف بصورة واضحة لا تقبل التأويل والالتباس ادعاءات أحزاب اللقاء المشترك وشركائهم من الحوثيين والانفصاليين وإرهابيي تنظيم القاعدة، بأن الاعتصامات والمظاهرات التي يقومون بها ليست سلمية على الإطلاق كما يدعون، لأن أعمال العنف والاعتداءات والتخريب والنهب والاستيلاء على الممتلكات الخاصة والعامة والمرافق والمنشآت الحكومية وقطع الطرقات وترويع الآمنين، هي جرائم تستوجب دستورياً وقانونياً مساءلة ومحاسبة كل من ارتكبها أو حرض ودفع هؤلاء الفوضويين إلى ارتكابها باسم حرية التعبير وباستغلال حق التظاهر والاعتصام للمس بالسلم الاجتماعي وأمن واستقرار الوطن وأمان وطمأنينة المواطنين. ومن المؤسف حقاً أن تلك الجماعات الإجرامية الفوضوية التي خرجت من ساحات الاعتصامات عنوة لتنفيذ مخططها التخريبي والتدميري مدفوعة من أحزاب اللقاء المشترك، لم تكتف بكل ذلك بل اتجهت وبإصرار مسبق لمهاجمة رجال الأمن بشكل وحشي وهمجي، مستغلة التوجيهات التي صدرت لهؤلاء الجنود بعدم الاحتكاك بأي واحد منهم، لأنهم جاءوا أساسا لحماية المواطنين المتظاهرين والمعتصمين، لكنهم لم يسلموا من الاعتداءات التي أدت إلى إصابات خطيرة بالغة بهم أدخلتهم المستشفيات. هذه الأعمال التي توجب المساءلة القانونية لمن قام بها أو حرض على القيام بها، تؤكد أيضا- ومع الأسف الشديد- تعمد أحزاب "المشترك" على التحريض لنشر الفوضى وزرع الأحقاد والضغائن والكراهية بين أبناء المجتمع والوطن الواحد، وتؤكد أيضا أن أحزاب المشترك لم يعد يهمها نتائج تلك الأفعال، ولا تبالي بالأضرار الكارثية على الوطن ووحدته وأمنه واستقراره وحاضر ومستقبل أبنائه بقدر ما يهمهما الوصول إلى كرسي الحكم حتى وان كان ذلك على حساب أرواح ودماء المواطنين. نذكر هنا أن أمن واستقرار الوطن والمواطنين وحفظ أعراضهم وممتلكاتهم أهم ألف مرة من رغبة بعض الأحزاب في الوصول إلى السلطة عن طريق القفز على جدار الديمقراطية، لكن هيهات هيهات أن ينالوا مبتغاهم في بلد ديمقراطي تعددي، حيث لا سبيل لأي مشروع تتجلى فيه الإرادة الحقيقية للشعب إلا عبر الانتخابات الحرة والنزيهة، التي يحتكم فيها الجميع إلى صناديق الاقتراع ليقول الشعب كلمته، وهو الأمر الذي لم تدركه وتعيه أحزاب المشترك ومن يدور في فلكها حتى اللحظة الراهنة.