بعد أقل من عام على الثورة، دشنت إيران في 4/9/1980م عدوانها الشامل على العراق الذي دام ثمانية أعوام في إطار المخطط الغربي لتدمير قوة العراق وإشغاله عن القضية القومية. ففي ظل هذا العدوان السافر اجتاحت الجنازير الإسرائيلية العاصمة اللبنانيةبيروت عام 1982م، وسحق تحت عجلاتها مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بسكانها في أبشع جريمة إنسانية شهدها العصر بعد مذبحة دير ياسين عام 1948م. أمام هذا الاجتياح الإسرائيلي للمخيمات الفلسطينية في لبنان والذي اشتهر ب"مذابح صبرا وشاتيلا" عرض العراق على إيران وقف القتال بينهما حتى يتمكن من نقل قواته إلى لبنان من أجل التصدي للعدوان الإسرائيلي، إلا أن هذا العرض رفض تماما من جانب إيران. وفي خضم العدوان الإيراني على العراق دمرت الطائرات الإسرائيلية المفاعل النووي العراقي الذي كان مخصصاً للأغراض السلمية. ولقد اعتمدت السياسات الغربية والإسرائيلية أسلوب إظهار العداء الظاهري والإعلامي ضد نظام إيران، وهو أسلوب يراد به إبعاد أية شبهة حول علاقة إيران بهذه الدول، كما أنه يهدف من جهة أخرى إلى إظهار الدولة المستهدفة- إيران- وكأنها دولة فزاعة ومشاغبة ومتحدية، وهو أسلوب انكشفت حقيقته في أكثر من موضع. من جانبها تتخذ إيران من هذا الأسلوب، أسلوب إظهار العداء للغرب وإسرائيل، شماعة أو وسيلة لدرء الشبهات عنها بطريقة "الهجوم خير وسيلة للدفاع". وعلى أرض الواقع حامت الكثير من الشبهات حول علاقة إيران بالغرب وإسرائيل، فعلاوة على وقوف معظم دول الغرب وفي مقدمتها أمريكا إلى جانب إيران في حربها ضد العراق، فقد تكشفت الكثير من المعلومات والأسرار والوثائق حول هذه العلاقة، منها الفضيحة التالية: في يوم 18 يوليو 1981م تحطمت طائرة شحن تجارية أرجنتينية من نوع "كانديرسي ال 44" فوق أراضي الاتحاد السوفيتي قرب منطقة بريفان في أرمينيا، عندما كانت تقوم بثالث رحلة من مجموع اثنتي عشرة رحلة مقررة لها من تل أبيب إلى طهران، تنقل شحنات من الأسلحة والذخيرة وقطع الغيار الأمريكية الصنع وغيرها من الكيان الصهيوني إلى إيران. وبعد مرور شهر تقريبا وبالتحديد في 28 أغسطس 1981م صرح ناطق رسمي باسم الحكومة القبرصية في نيقوسيا تعقيباً على الحادث: إن الطائرة المذكورة في رحلتها المرقمة "224 ي. ر" بتاريخ 17 يوليو 1981م قد استخدمت مطار "لارنكا" الدولي للتزود بالوقود. وقال الناطق الرسمي القبرصي رداً على سؤال توضيحي بشأن الطائرة الأرجنتينية ما يلي: 1- في يوم 21 يوليو 1981م هبطت الطائرة المذكورة في مطار "لارنكا" قادمة من "تل أبيب"، وغادرته إلى "طهران" في نفس اليوم حاملة "50" صندوقا زنتها "6750" كيلو جراما. 2- في يوم 22 يوليو 1981م هبطت الطائرة نفسها في مطار "لارنكا" قادمة من "طهران"، وغادرته في نفس اليوم إلى "تل أبيب". 3- في يوم 23 يوليو 1981م هبطت الطائرة ثانية في "لارنكا" قادمة من "تل أبيب"، وغادرته في وقت مبكر من صباح اليوم التالي إلى "طهران"، ثم عادت إلى "لارنكا" يوم 24 يوليو 1981م، وغادرته إلى "تل أبيب". في العدد القادم مزيد من الإدانات والأسرار عن التعاون التسليحي بين الغرب وإسرائيل مع إيران.