بينما كان التعاون التسليحي بين إيران وإسرائيل يمضي قدماً والثورة الإيرانية في عامها الأول، ومعلوم أن التعاون التسليحي بين دولتين لا يمكن أن يتم إلا في ظل وفاق سياسي، ذكرت شبكة تليفزيون "سي. بي. إس" الأمريكية بتاريخ 15 يوليو 1981م أن إسرائيل تقوم منذ مدة بتزويد إيران بمعدات وأسلحة لاستخدامها في حربها ضد العراق، وأن صفقة بهذا التعاون تمت خلال الأسبوع الأول من شهر يوليو عن طريق سماسرة أوربيين قيمتها "10" ملايين دولار أمريكي، ومعظم الصفقة مدافع "106" ملم وذخيرتها، وقد أقيم جسر جوي بين إسرائيل وإيران ابتداءً من يوم 12 يوليو 1981م لشحن الصفقة على طائرات ليست مسجلة في إسرائيل إلى إيران، وهي من وع "برستول بريتانيا". وطبيعي ألاَّ تبرم إسرائيل أية صفقة من هذا النوع مع دولة أخرى إلا بمباركة أمريكا التي تدعي إيران معاداتها. وفي بتاريخ 21 يوليو 1981م قالت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية: إن حكومة طهران قد لجأت إلى عدد من تجار السلاح والوسطاء الأجانب من أجل الحصول على السلاح والعتاد وقطع الغيار من إسرائيل، وقالت أيضا: إن إيران طلبت شراء هذه الأسلحة من إسرائيل قبل إطلاق سراح الرهائن الأمريكيين. ونشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية بتاريخ 27 يوليو 1981م تقريراً عن حادثة الطائرة الأرجنتينية وعن التعاون العسكري بين إيران وإسرائيل، وقالت: "لقد أجرى ممثلون للخميني قبل فترة اتصالات سرية جداً في لندن مع ممثلي شركة إسرائيلية تعمل في الخفاء لصالح الحكومة الإسرائيلية". وفي نفس التاريخ أيضا ذكرت مجلة "دير شبيغل" الألمانية الغربية: "أن جمهورية إيران الإسلامية وجدت في إسرائيل مورداً جديداً للأسلحة، فمنذ مدة يحاول مشترو الأسلحة إيجاد مصدر لإمداد السلاح لآية الله الخميني، والآن حصل خميني ليس بفضل سعيه، وإنما بموافقة إسرائيل على تزويده بالأسلحة وقطع الغيار عبر وسطاء من أوربا". وفي تاريخ 29 يوليو 1981م قالت صحيفة "تريبيون دي لوزان" السويسرية تحت عنوان "أسلحة إسرائيلية إلى إيران" إن ناقل هذه الأسلحة هو رجل أعمال سويسري من كانتون زيوريخ، الذي أعلن تنظيمه لنقل كمية كبيرة من العتاد العسكري بالطائرة من إسرائيل إلى إيران، معتبراً ما يقوم به لا يمثل عملاً غير قانوني. وابتداء من 7 أغسطس 1981م وعلى مدى ثلاثة أيام سلَّطت شبكة تلفزيون "اي. بي. سي" الأمريكية الضوء على العلاقة الوثيقة بين إسرائيل وإيران في مجال التسليح، فقد أذاعت هذه الشبكة نتائج التحقيقات التي قامت بها في عدد من عواصم العالم منذ عدة أشهر، وأكدت هذه التحقيقات أن صفقات الأسلحة بين إسرائيل وإيران كانت تقوم بواسطة طرف ثالث، ثم تطورت وأصبحت صفقات مباشرة. لقد جمعت شبكة تلفزيون "اي. بي. سي" كل ما يتعلق بهذا الموضوع من وثائق وأسماء الأشخاص والطائرات المستأجرة لنقل الصفقات ونسخ من الحوالات المالية، التي قبضتها حكومة إسرائيل عن طريق بعثتها العسكرية في زيورخ بسويسرا. وأكدت الوثائق التي نشرتها تلك الشبكة الأمريكية أنه في شهر سبتمبر 1980م وصل إلى طهران رجلا أعمال فرنسيان بدعوة من الحكومة الإيرانية، وذلك بعد اندلاع الحرب مع العراق لمقابلة قائد الجيش والطيران والبحرية الذين أعدوا قوائم باحتياجاتهم العسكرية بما في ذلك طلب مستعجل للحصول على إطارات لعجلات طائرات "ف 4"، وفوراً قدم الفرنسيان ذلك الطلب عن طريق السفارة الإسرائيلية في باريس. وفي أكتوبر 1980م وصلت طائرة من تل أبيب إلى مدينة "نيم" في جنوب غرب فرنسا وعليها "350" إطاراً مطاطياً المطلوبة ومحركات لدبابات "سكوربيون" وقطع غيار لدبابات "أم – 60"، ووضعت جميع هذه المعدات على متن طائرة مستأجرة من شركة لوكسبمورغية تدعى "كارفولوكس" وتوجهت إلى طهران، كما زودت إسرائيل إيران في نفس الفترة بمدافع رشاشات وصلت الدفعة الأولى منها إلى إيران عبر البرتغال.. وفي العدد القادم نتواصل.