الحمدلله، وأخيرا حققت لجنة الحوار إنجاز انتظرناه طويلا! المعضلة التاريخية لليمن "زواج القاصرات" ضمن جدول أعمال مؤتمر الحوار الوطني!! الأمر مضحك ومبكي معا..لا بل الأمر مفزع … مفزع حقا.. عندما تعقد الأمل على مثل هكذا عقليات "أرض أرض" لا تساورها ذرة رغبة في الإرتفاع شبرا واحدا نحو الأفق المتسع، بل أنها في حالة جموح مستمر لوأد كل الشكوك التي تشي بوجود ثقب يتسرب منه شعاع من نور ؛ ذلك كي تبقى في وحل عتمة الشقاء، كي تعتاش على هذا الوحل، كي لا تنجو منه، فهذا مفزع بالفعل. جئت لأبحث عن دولة، وسأعود بقانون يجرم الزواج من القاصرات؛ بإمكاني حينها أن أهنئ فئة معينة من النساء على هذا الإنجاز، لكني لن أملك الجرأة على زيارة ضريح شهيد، كيف لا والحديث عن محاكمة قاتليهم، بل الحديث عن تضحياتهم، بل الحديث عن آمالهم وأحلامهم بات مثير لخجل "قاصري وقاصرات لجنة الحوار"؟!! هي دعوة للسخرية منا، منهم.. دعوة للخجل، نيابة عنهم. هل ثمة "وحل" أكبر من ذلك الذي يغطي عقليات تتناول، على استحياء، معضلات الوطن وكوابيسه المزعجة التي تسيطر عليها أشباح الموت ويملؤها مصاصي الدماء وسماسرة القتل، بينما تدرج ضمن أعمال مؤتمر "ولادة الدولة" قضية ثانوية يستطيع المجتمع أن يتغلب عليها بمجرد وجود الدولة التي تكفل له الأدوات المنتجة لأدنى أساسيات وعي إنساني وقيمي؟؟! نعشق الإنبطاح، الإنبطاح قضيتنا الأولى، شعارنا الأول. وهل ثمة "إنبطاح" أقبح وأبشع من تجاوز العمل على إيجاد علاج ناجع لآلام الوطن الحقيقية والقفز إلى قضايا يخجل المرء أن يتصور وجودها ضمن مؤتمر يعقد اليمنيين آمالاهم، آمالهم الأخيرة، أملهم الأخير عليه؟ ما هذا الشبق للبقاء تحت وطأة البؤس ومضاجعة أشباح الجريمة بكل الأوضاع التي تقود إلى تمزيق جسد الوطن المهترئ، إلى تمزيق أجسادنا، كرامتنا ؟؟ ستفشلون في كل شيء، عدى حملنا على الشعور بالقهر اللامحدود، ذلك الذي ينتج عنه بركان غضب يستعصي، فيما بعد، السيطرة عليه.