حذّرت محافل "إسرائيلية" رسميّة من التداعيات الاستراتيجية الهائلة للانهيار السريع للجيش العراقي وتقدم مسلّحي العشائر و تنظيم "داعش" في العراق، سيّما في كل ما يتعلق بمصير النظام الأردني. ونقل المعلق العسكري رون بن يشاي عن قيادات عسكرية إسرائيلية بارزة قولها إن أكثر ما تخشاه "تل أبيب" هو أن يؤثر تقدم "داعش" في العراق على استقرار نظام الحكم في الأردن، بحيث يتم تهديد التعاون الأمني والوثيق المتواصل بين "تل أبيب" وعمّان. وفي مقال نشرته أمس النسخة العبرية لموقع صحيفة "يديعوت أحرنوت"، شدّد بن يشاي على أن "إسرائيل" ترى أن استقرار النظام الأردني ضروري جدًّا للحفاظ على أمن مستوطناتها في الضفة الغربية وعمقها الاستراتيجي بشكل عام، مشيرًا إلى أن هناك علاقة وثيقة بين بقاء النظام الأردني وبقاء السلطة الملتزمة أيضًا بالتعاون الأمني. وشدّد بن يشاي على أن حلول نظام حكم إسلامي محل النظام الملكي القائم في الأردن يمثل "سيناريو رعب" يفزع منها صناع القرار في "تل أبيب". ونوّه إلى أن "إسرائيل" تطالب دومًا بمواصلة الاحتفاظ بمنطقة غور الأردن ضمن أيّة تسوية سياسية وترفض إزالة المستوطنات المتواجدة فيها؛ "لأنها تدرك أن تهاوي النظام الملكي في عمّان هو سيناريو غير منطقي ومعقول". واستدرك بن يشاي قائلًا إنه على الرغم من المخاوف الإسرائيلية على مستقبل النظام في الأردن، إلا أن صناع القرار في "تل أبيب" يدركون أيضًا حقيقة أن النظام يحظى بدعم غير متردد من قبل الجيش والمؤسسة الأمنية الأردنية، مشيرًا إلى أن النظام يحرص على أن يكون قادة الجيش من القبائل البدوية المعروفة بولائها له. وأوضح أن الأردن يحظى بدعم نظام الحكم في السعودية والولاياتالمتحدة المتحدة، حيث إن الولاياتالمتحدة تدرك أن سقوط النظام الأردني سيفضي إلى المسّ باستقرار نظام الحكم في الرياض وبالتالي المس بواردات الطاقة من المنطقة. وفي ذات السياق، أوضح المحلّلان البارزان هيرب كينون وميخائيل ويلنير أن السقوط المدوي للجيش العراقي ونجاح العشائر و"داعش" في السيطرة على أجزاء من العراق عمّق أزمة انعدام الثقة تجاه الولاياتالمتحدة لدى صناع القرار في تل أبيب. وفي مقال نشرته صحيفة "جيروسلم بوست" في عددها الصادر اليوم، نقل كينون وويلنير عن مسؤول أمني إسرائيلي كبير قوله: "إن كانت القوات العراقية التي أنفقت الولاياتالمتحدة 25 مليار دولار على تدريبها قد انهارت على هذا النحو، فكيف بالإمكان الاعتماد على موضوعية وصوابية السياسات الأمريكية في المنطقة". وأشار كينون وويلنير إلى أنّ الاستنتاج الذي وصلت إليه دوائر صنع القرار في تل أبيب يتمثل في أنه لا يجوز مجرد التفكير في التخلي عن منطقة "غور الأردن" أو تفكيك أيٍّ من مستوطناتها في أية تسوية سياسية للصراع مع السلطة الفلسطينية. وأكّد أن الافتراض السائد لدى دوائر صنع القرار في "تل أبيب" أنّ النظام الملكي في عمّان مرشح للسقوط، وبالتالي فإن "إسرائيل" يمكن أن تفقد المنطقة العازلة التي يمثلها الأردن في حال اجتاحته القوى المتطرفة. ونوّه كينون وويلنير إلى أن المحافل الرسمية في تل أبيب تؤكد أن التقدم الكبير "لداعش" دلل بالنسبة لصناع القرار في "تل أبيب" على أن حكومة نتنياهو تصرفت بحكمة عندما رفضت الخطة التي قدمها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لحل الصراع؛ لأنها تضمنت اقتراح بإخلاء غور الأردن وإحلال قوات دولية تشرف الولاياتالمتحدة على تدريبها.