قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني ياسين التميمي إن هناك أشياء كثيرة وخطيرة لا تزال تحدث على هامش الحدث المزلزل الذي مثله سقوط صنعاء في براثن الفوضى يوم 21 أيلول/ سبتمبر 2014، مشيراً إلى أن الرئيس هادي يواصل صمته المريب الذي يكشف عن دور رئاسي يبعث على القلق بشأن مصير الدولة بعد إجهاض التغيير ووأد الحلم الجميل. وفي مقال له تحت عنوان: «عن الرئيس هادي ودوره المُقلق» أضاف التميمي: «من بين أخطر الأحداث التي شهدتها مدينة متوجسة وقلقة، مثل صنعاء؛ التحرك الانقلابي الطابع الذي شهده أكبر معسكر لقوات الشرطة المؤللة ( المجهزة بآليات ثقيلة) في اليمن، وأعني هنا: "قوات الأمن الخاصة"، وهو الاسم الأحدث ل:قوات الأمن المركزي"، أو "الوحدات المركزية"، كما كان يطلق عليها في بداية العهد الجمهوري، وفي بلدان عديدة تأخذ هذه القوات اسم: "الحرس الوطني"، أو "الدَّرك"، وهي قوات شبه عسكرية، مجهزة للتعامل مع أحداث الشغب والفوضى في المدن، وتتمتع باستقلالية كبيرة رغم تبعيتها لوزارة الداخلية». وأوضح أنه لا غرابة فيما حدث الخميس الماضي في مقر قيادة قوات الأمن الخاصة بصنعاء، فقد كانت إعادة تكييف للقيادة، أدت إلى الدفع بأحد القادة الأمنيين الموالين للرئيس السابق، وللجماعة الحوثية، والذي سبق له وأن سلم محافظة أبين للقاعدة، لتولي منصب أركان حرب هذه القوات، على حساب نفوذ وصلاحيات قائدها، المُعين حديثاً؛ اللواء محمد منصور الغدراء. وأشار إلى أن الغدراء أراد أن يتصرف وفق التقاليد المعتبرة والتراتبية الصارمة في السلك العسكري، وهذا لا يتفق والتطورات الجديدة التي شهدها اليمن بعد سقوط العاصمة، مضيفاً: «وتتجلى في أكثرها سوءاً بوجود حكومة ورئاسة جمهورية، مهمتهما تسهيل الإجراءات أمام مليشيا مفوضة من أمريكا بمهمة تحييد الدولة، وإفراغها من مضمونها، وتجفيف الحقلين السياسي والاجتماعي من مظاهرهما الأساسية، عبر إقصاء القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، إلى جانب تعطيل العمل بمبدأ التداول السلمي للسلطة، وإنهاء دور المؤسسات المفوضة من الشعب، وتغييب مبدأ الفرص المتكافئة بين مواطني الدولة». وبحسب التميمي فإن ثمة مؤشرات إلى أن التحركات الأخيرة في قوات الأمن الخاصة، ربما تكون جزءً من التحضير الخطير لإنهاء السلطة الانتقالية، وليس فقط لتمكين الحوثيين، منوهاً بأن السلطة الانتقالية لا تزال حتى الآن، تتقاسم مع الانقلابيين: (صالح-الحوثيين) وِزْرَ التفريط بالدولة ومؤسساتها، وجُرمَ الالتفاف على عملية التسوية السياسية وتقويض مبدأ الشراكة الوطنية، وتمكين الحوثيين من الهيمنة على مقدرات الدولة. ولفت إلى أن هادي يواصل ، بكل أسف، مهمة الإشراف على خراب الدولة اليمنية بإرادته أو مرغماً، مستدركاً: «ومن حقنا عليه كيمنيين أن يُطلعنا على طبيعة الظروف التي تحيط به، وأن يجيب على تساؤلات مُلحة بشأن الوجهة التي يسوق إليها الدولة، وعن الحكمة من تنازله عن سلطاته السيادية التي ما كان سيصل إليها لولا الناخبين الذين منحوه صوتهم وثقتهم». وتابع التميمي قائلاً: «من وقت لآخر تتسرب عن أوساط الرئيس هادي معلومات تُفيد بأن الرجل ينخرط في مهمة نبيلة تهدف إلى تخليص اليمن من مراكز القوى، كشرط ضروري لإقامة الدولة المدنية الحديثة، لكن الذي نراه على الأرض هو أن محاولة كهذه تتم للأسف عبر مركز قوى جديد أشد خطورة وأكثر مضاء، ولديه ذخيرة كبيرة، ليس من الرصاص والأسلحة فقط، وإنما من ثقافة وعقيدة، تكتنزان تصوراً جاهزاً ونظريةً ثابتةً فيما يتصل بالحكم، لا علاقة لها بالدولة المدنية الحديثة ولا بالنظريات السياسية التي ترتكز على حق الشعب المطلق كمصدر للسلطات». ودعا الرئيس هادي إلى أن يستوعب مهمته كرئيس توافقي، يتمتع بصلاحيات كبيرة، وحتى بعد مُضي فترته القانونية، مطالباً إياه أن يتخلص من الهواجس والمخاوف التي سيطرت عليه طيلة ال17 عاماً التي أمضاها نائباً لرئيس الجمهورية. وختم مقاله بالقول: «فمن غير المعقول أن يسلمه الشعب اليمني دولةً، ويقوم هو بتسلم الشعب والدولة لجماعة مسلحة.. لقد عقد الشعب عليك آمالاً عريضةً يا هادي، فلماذا خيبت أمله؟». وشهد معسكر قوات الأمن الخاصة (الأمن المركزي سابقاً) في العاصمة صنعاء، يوماً ساخناً الخميس الماضي، انتهى بخروج قائده اللواء الركن محمد منصور الغدراء بعد احتجاجات داخل المعسكر تخللها إطلاق الرصاص في الهواء. واتهمت مصادر أمنية جماعة الحوثي ومسلحين تابعين للرئيس السابق علي عبدالله صالح بالوقوف وراء حالة الفوضى التي جرت في معسكر القوات الخاصة في ميدان السبعين وسط العاصمة صنعاء. وكشفت المصادر عن أن الأجهزة الأمنية رصدت تحرك جماعات مسلحة عادت من محافظة البيضاء بناء على طلب «الحوثي وصالح»، وأنها تخطط حاليا للانقلاب على الرئيس عبدربه منصور هادي والسيطرة على محافظاتمأرب والجوف وشبوة بشكل نهائي. ولم تستبعد أن تشهد هذه المحافظات فوضى في غضون أيام، وأن تتخذ معسكر القوات الخاصة الوحيد في أجهزة الأمن الذي يملك أسلحة قوية كموقع انطلاق، وهو لا يبعد سوى 300 متر تقريبا عن دار الرئاسة للسيطرة على الرئاسة اليمنية. وعلى صعيد التحالف بين صالح والحوثي نقلت صحيفة «عكاظ» السعودية عن مصادر مقربة من الرئيس السابق علي صالح، قولها إنه «اتفق مع الحوثي على خطة جديدة تتضمن فرض وجودهم داخل الحكومة الجديدة، عبر ممارسة الضغوط ومحاصرة الوزراء، وهو ما حدث مع وزير الكهرباء داخل رئاسة الوزراء الأسبوع الماضي». وأوضحت أن الخطة تتضمن الضغط على الحكومة لعدم صرف أي مصروفات تشغيليه أو صرف مرتبات للموظفين، الأمر الذي من شأنه إثارة الرأي العام ضدها، وانتشار عصابات ومسلحين لممارسة أعمال فوضوية في العاصمة والطرق التي تربطها بباقي المحافظات، مشيرة إلى أن التحرك بدعم من صالح ونائبه في الحزب عارف الزوكا المكلف كمسؤول عن مأرب والجوف وشبوة لإثارة الفوضى وقطع الطرق ودعم عصابات الاختطاف ومستهدفي الأنابيب والكهرباء. وتوقّعت مصادر حدوث انقلابات في معسكري حماية المنشآت وقوات النجدة، التابعين لوزارة الداخلية.